150 قال : وكان نافع بن هلال الجملي قد كتب اسمه على أفواق نبله ، فجعل يرمي بها مسمومة وهو يقول : أنا الجملى * أنا على دين علي فقتل اثنى عشر من أصحاب عمر بن سعد سوى من جرح ، قال : فضرب حتى كسرت عضداه واخذ أسيرا ، قال : فأخذه شمر بن ذي الجوشن ومعه أصحاب له يسوقون نافعا حتى اوتى به عمر بن سعد ، فقال له عمر بن سعد : ويحك يا نافع ما حملك على ما صنعت بنفسك ، قال : ان ربي يعلم ما أردت ، قال : والدماء تسيل على لحيته وهو يقول : والله لقد قتلت منكم اثنا عشر سوى من جرحت ، وما الوم نفسي على الجهد ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني ، فقال له شمر : اقتله أصلحك الله ، قال : انت جئت به فان شئت فاقتله ، قال : فانتضى شمر سيفه ، فقال له نافع : اما والله ان لو كنت من المسلمين لعظم عليك ان تلقى الله بدمائنا ، فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه فقتله . قال : ثم اقبل شمر يحمل عليهم وهو قول . خلو عداة الله خلوا عن شمر * يضربهم بسيفه ولا يفر
وهو لكم صاب وسم ومقر قال : فلما رأى اصحاب الحسين انهم قد كثروا وانهم لا يقدرون على ان يمنعوا حسينا ولا انفسهم تنافسوا في ان يقتلوا بين يديه فجاء
عبدالله ( 1 ) و عبدالرحمان –
* ( هامش ) * ( 1 ) عبدالله بن عروة بن حراق الغفاري وأخوه عبدالرحمن بن
151
ابنا عزرة ( 2 ) الغفاريان فقالا : يا ابا عبدالله عليك السلام ، حازنا العدو اليك فأحببنا ان نقتل بين يديك نمنعك وندفع عنك ، قال : مرحبا بكما ، ادنوا مني ، فدنوا منه ، فجعلا يقاتلان قريبا منه واحدهما يقول : قد علمت حقا بنو غفار * وخندف بعد بنى نزار لنضربن معشر الفجار * بكل عضب صارم بتار يا قوم ذودوا عن بني الاحرار * بالمشرفى والقنا الخطار قال وجاء الفتيان الجابريان (1) سيف بن الحارث بن سريع
* ( هامش ) * عروة بن حراق الغفاري . كان عبدالله وعبدالرحمن الغفاريان من اشراف الكوفة ومن شجعانهم وذوي المولاة منهم ، وكان جدهما حراق من أصحاب امير المؤمنين عليه السلام وممن حارب معه في حروبه الثلث ، وجاء عبدالله وعبدالرحمن إلى الحسين عليه السلام بالطف . ابصار العين في انصار الحسين ( ص 104 ط النجف ) . ( 2 ) في الكامل لابن اثير الجزرى : ابنا عروة . ( 1 ) سيف بن الحارث بن سريع بن جابر الهمداني الجابرى ومالك بن عبدالله بن سريع بن جابر الهمداني الجابري وبنو جابر بطن من همدان كان سيف ومالك الجابريان ابني عم وأخوين لام جاعا إلى الحسين عليه السلام ومعهما شبيب مولاهما فدخلا في عسكره وانضما اليه ، فلما رأيا الحسين في اليوم العاشر بتلك الحال استقدما يتسابقان إلى القوم ويلتفتان إلى
152
ومالك بن عبد بن سريع وهما ابنا عم واخوان لام ، فأتيا حسينا فدنوا منه وهما يبكيان ، فقال : اى ابني اخي ما يبكيكما ؟ فوالله اني لارجو ان تكونا عن ساعة قريرى عين ، قالا : جعلنا الله فداك ، لا والله ما على انفسنا نبكي ، ولكنا نبكي عليك نراك قد احيط بك ولا نقدر على ان نمنعك ، فقال : جزاكما الله يا ابنى اخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما اياي بأنفسكما احسن جزاء المتقين . قال : وجاء حنظلة بن اسعد الشبامي ( 1 ) فقام بين يدي حسين فأخذ ينادى : يا قوم اني اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب ؟ مثل دأب
* ( هامش ) * الحسين عليه السلام فيقولان : السلام عليك يابن رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول الحسين ( ع ) : وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته ثم جعلا يقاتلان جميعا وان احدهما ليحمى ظهر صاحبه حتى قتلا . ابصار العين في انصار الحسين ( ص 78 ط النجف الاشرف ) . ( 1 ) هو حنظلة بن اسعد بن شبام بن عبدالله بن اسعد بن حاشد بن همدان الهمداني الشبامى وبنو شبام بطن من همدان . كان حنظلة بن اسعد الشبامى وجها من وجوه الشيعة ذالسن وفصاحة ، شجاعا قارئا ، وكان له ولديدعى عليا له ذكر في التاريخ . الشبامى :بالشين المعجمة والباء المفردة والالف والميم والياء منسوب إلى شبام على زنة كتاب ويمضى في بعض الكتب الشامى نسبة إلى الشام وهو غلط فاضح . ابصار العين في انصار الحسين ( ص 77 ط النجف ) .
153
قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ، وما الله يريد ظلما للعباد ، ويا قوم اني أخاف عليكم يوم التناد ، يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم ، ومن يضلل الله فما له من هاد ، يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب ، وقد خاب من افترى . فقال له حسين : يا ابن أسعد رحمك الله انهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم اليه من الحق ، ونهضوا اليك ليستبيحوك وأصحابك ، فكيف بهم الان وقد قتلوا اخوانك الصالحين ، قال : صدقت جعلت فداك ، أنت أفقه مني وأحق بذلك ، افلا نروح إلى الاخرة ونلحق باخواننا ؟ فقال : رح إلى خير من الدنيا وما فيها والى ملك لا يبلى ، فقال : السلام عليك يا ابا عبدالله ، صلى الله عليك وعلى اهل بيتك ، وعرف بيننا وبينك في جنته ، فقال : آمين آمين . فاستقدم فقاتل حتى قتل . قال : ثم استقدم الفتيان الجابريان يلتفتان إلى حسين ويقولان : السلام عليك يابن رسول الله ، فقال : عليكما السلام ورحمة الله ، فقاتلا حتى قتلا . قال : وجاء عابس بن ابي شبيب الشاكرى ( 1 ) ومعه
* ( هامش ) * ( 1 ) هو عابس بن ابي شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب بن معوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد الهمداني الشاكر ، وبنو شاكر بطن من همدان . كان عابس من رجال الشيعة رئيسا شجاعا خطيبا ناسكا متهجدا وكانت بنو شاكر من المخلصين بولاء أمير المؤمنين عليه السلام ، وفيهم يقول
154
شوذب ( 1 ) مولى شاكر ، فقال يا شوذب ما في نفسك ان تصنع ؟ قال : ما اصنع اقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أقتل ، قال : ذلك الظن بك اما لا ( 2 ) فتقدم بين يدي أبي عبدالله حتى يحتسبك كما احتسب غيرك من اصحابه ، وحتى احتسبك انا ، فانه لو كان معي الساعة احدانا اولى به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتى أحتسبه ، فان هذا يوم ينبغي لنا ان نطلب الاجر فيه بكل ما قدرنا عليه ، فانه لا عمل بعد اليوم وانما هو الحساب . قال فتقدم فسلم على الحسين ، ثم مضى فقاتل حتى قتل .
* ( هامش ) * عليه السلام يوم صفين : لو تمت عدتهم الفا لعبدالله حق عبادته ، وكانوا من شجعان العرب وحماتهم ، وكانوا يلقبون فتيان الصباح ، فنزلوا في بني وادعة من همدان ، فقيل لها فتيان الصباح ، وقيل لعابس : الشاكرى والوادعى . ابصار العين في انصار الحسين ( ص 74 ط النجف ) . ( 1 ) شوذب بن عبدالله الهمدانى الشاكري مولى لهم . كان شوذب من رجال الشيعة ووجوهها ومن الفرسان المعدودين وكان حافظا للحديث حاملا له عن أمير المؤمنين عليه السلام . قال صاحب الحدائق الوردية : وكان شوذب يجلس للشيعة فياتونه للحديث وكان وجها فيهم . ابصار العين في انصار الحسين ( ص 76 ط النجف ) ( 2 ) في ابصار العين وبعض سائر المقاتل اما الان .