الرئيسية / من / طرائف الحكم / “ثلاثة يُدخلهم الله الجنّة بغير حساب: إمامٌ عادل، وتاجرٌ صدوق، وشيخٌ أفنى عمره في طاعة الله”-9

“ثلاثة يُدخلهم الله الجنّة بغير حساب: إمامٌ عادل، وتاجرٌ صدوق، وشيخٌ أفنى عمره في طاعة الله”-9

الدرس التاسع: كتاب السلوك إلى الله

 

النصّ الروائي:

عن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم: “مَنْ‏ قَرَأَ الْقُرْآنَ‏ وَلَمْ‏ يَعْمَلْ‏ بِهِ‏ حَشَرَهُ‏ اللهُ‏ يَوْمَ‏ الْقِيَامَةِ أَعْمَى‏ فَيَقُولُ يَا ﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى﴾[1] فيؤمر به إلى النار “[2].

 

النقاط المحوريّة:

– دور القرآن في تحقيق العبودية.

– الآداب المعنوية لقراءة القرآن.

– فهم مقاصد القرآن.

– العمل بالقرآن.

 

دور القرآن في تحقيق العبودية

قال الله تعالى في الذكر الحكيم: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[3]. وعن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “أَفْضَلُ عِبَادَةِ أُمَّتِي بَعْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الدُّعَاء”[4]. وعنه  صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين المشهور قال: “إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ”[5].

 

نلحظ في هذه النصوص المباركة موقعاً متقدّماً للقرآن الكريم بين العبادات والتكاليف التي أمرنا الله تعالى ورسوله بها، حيث اعتُبِرت قراءة القرآن الكريم أفضل العبادات، وأُمِرنا باتّباعه، وجُعِل التمسّك به إلى جانب التمسّك بأهل البيت  عليهم السلام تكليفاً أساسياً لا غنى عنه لمن يريد الهداية والابتعاد عن الضلالة.

 

فالقرآن الكريم هو خطاب الربّ إلى العبد وكلام الخالق مع المخلوق، وقد أودع فيه سبحانه وتعالى شريعته وحقائق دينه وأنزله للناس هادياً وسراجاً منيراً، وأمر نبيّه والأوصياء من بعده أن يُفسّروا آياته ويبيّنوا تعاليمه. فهو كلمة الله التامّة وإرادته الكاملة للبشرية في كلّ زمانٍ ومكانٍ.

 

وهو كتاب الهداية الأوحد الذي يهدي إلى صراط الله المستقيم: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾[6].

 

يقول الإمام الخميني قدس سره: “وهذا الكتاب الشريف هو الكتاب الوحيد في السلوك إلى الله، والكتاب الأحدي في تهذيب النفوس وفي الآداب والسنن الإلهية، وهو أعظم وسيلة للربط بين الخالق والمخلوق”[7].

 

وهو الحبل الممدود بين الله وعباده، فمن أراد تحقُّق العبودية في وجوده فإنّ القرآن هو الوسيلة وهو الغاية في آنٍ معاً:

 

هو الوسيلة لأنّه دلّنا إلى سبيل العبودية لله تعالى وهو مظهر هداية الله التّامة، فإنْ كانت العبودية تعني التعلُّق بالمولى وإرادته ففي القرآن الكريم كلّ ما يتعلّق بمراد المولى من عبده في هذه الحياة: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾[8].

 

ومن جهةٍ أخرى هو غاية لأنّه حوى جميع مراتب الكمال والغنى الذي لا حدّ له، فعن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “الْقُرْآنُ غِنًى لَا غِنَى دُونَهُ وَ لَا فَقْرَ بَعْدَه‏”[9].

 

وكلّ آيةٍ فيه تُمثّل درجةً من درجات الجنّة التي حوت كلّ كمال. فعن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم قال: “إذا جاء يوم الحساب قيل لقارئ القرآن: اقرأ وارقَ. فلا يكون في الجنّة من الدرجات إلا بعدد آيات القرآن الكريم”[10].

 

الآداب المعنوية لقراءة القرآن الكريم

عن أمير المؤمنين  عليه السلام قال: “البيت الذي يُقرأ فيه القرآن ويُذكَر الله عزّ وجلّ فيه تَكثُر بركته وتَحضُره الملائكة وتهجره الشّياطين ويُضي‏ء لأَهل السّماء كما تُضي‏ء الكواكب لأهل الأرض، وإنّ البيت الّذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يُذكر الله عزّ وجلّ فيه تَقلّ بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشّياطين”[11].

 

وليس المقصود من قراءة القرآن الكريم تحريك اللسان به, ومراعاة مخارج الحروف فحسب, بل إنَّ المقصد الأساسي يكمن في مراعاة الآداب والأحكام القلبية للوصول إلى المعاني الباطنية للآيات الشريفة. وفيما يلي نذكر نبذة عن أهمّ الآداب المعنوية لقراءة القرآن الكريم.

 

أوّلاً: التعظيم:

التعظيم أدبٌ ينشأ من خلال إدراك عظمة شيءٍ أو شخص، ويظهر في أقوال وأفعال الإنسان. وهو أمرٌ وجداني فطري مغروز في طبيعة البشر. وإنّ عظمة كلّ شيء في الحقيقة ترجع إلى كماله، وإلى مرتبته الوجودية. ولأنّ القرآن هو الكمال الذي لا حدّ له ومظهر أسماء الله وصفاته، فإنّنا عاجزون عن الإحاطة به وإدراكنا لهذه المسألة هو أكبر تعظيم قلبي لكتاب الله عزّ وجلّ.

 

إنّ الله تبارك وتعالى لسعة رحمته بعباده أنزل هذا الكتاب الشريف لتخليص المؤمنين من سجن الدنيا المظلم، وإيصالهم إلى أوج الكمال والقوّة والإنسانية.

 

عن الإمام الصادق عليه السلام قال: “لَقَدْ تَجَلَّى‏ اللهُ‏ لِخَلْقِهِ‏ فِي‏ كَلَامِهِ‏ وَ لَكِنَّهُمْ‏ لَا يُبْصِرُون‏”[12], فقد حوى هذا الكتاب الحكيم جميع مراتب العظمة الممكنة في أيّ كتاب، فالكاتب أو المنزل هو الله سبحانه، الذي عجزت العقول عن إدراك كنه عظمته وحامله هو جبرائيل أمين الوحي وملك الملائكة وهو عند ذي العرش مكين. أمّا شارحه ومبيّنه فهو الرسول الأعظم صاحب المقام الأكرم أعظم خلق الله وأفضل أنبيائه ورسله، وخلفائه. أمّا وقت تنزيله فهو ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر.

 

لذا لا يُمكن الانتقال من ظاهر القرآن إلى باطنه إلّا مع استحضار عظمة المتكلّم والحضور عنده.

 

ثانياً: رفع الموانع وإزالة الحجب:

﴿قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[13].

 

فالله تعالى يقول ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾ وهو شرطٌ لتلك الهداية العظيمة التي ستنتهي إلى الله: ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾. ونحن لم نُراعِ شروطه التي تتطلّب منّا الطهارة المعنوية فكلّ دنسٍ أو رجسٍ في الباطن سيُشكّل مانعاً من عبور نور القرآن إلى الباطن.

 

وأهمّ الحجب التي تلوّث باطن الإنسان، وتمنعه من تحصيل الاستفادة هي:

1- رؤية النفس مستغنية:

هذا الحجاب ينشأ من تسويلات إبليس ومكائده الكبرى، حيث يُزيّن للإنسان دائماً الكمالات الموهومة، ويُقنعه بها حتى يسقط القرآن الكريم من اهتماماته وأولوياته وبالتّالي يسقط من عينه الكمال الحقيقي وسبل تحصيله. فمثلاً، يقنع أهل التجويد بعلمهم إلى حدّ أنّه تسقط من أعينهم جميع الأبعاد الأخرى للقرآن…

 

2- العقائد الباطلة:

منذ صدر الإسلام وإلى يومنا هذا، والتحريفات المتعمّدة تنصبّ على كتاب الله. فالحكّام الظلمة من جهةٍ والتيّارات والمذاهب المختلفة من جهةٍ أخرى قاموا بإلقاء مجموعةٍ من الآراء الفاسدة والأفكار الباطلة حول القرآن الكريم، جعلت الاستفادة المطلوبة منه بعيدة المنال، وبهذا أضحى القرآن غريباً مهجوراً. ومن جملة ما ألقوه في هذا المجال أنّ معرفة الله تعالى غير متيسّرة لأحد، وأنّ هذه المعرفة من المستحيلات..

 

3- الذنوب والمعاصي:

إنّ لكلّ عملٍ من الأعمال – صالحها أو سيّئها – صورة في عالم الملكوت تتناسب معه، وله صورة وانتقاش في النفس أيضاً, وعندما تصدر المعصية من الإنسان، ويتمادى في الذنوب، يتدنّس قلبه ويُظلم، ويقع بالتدريج تحت سلطة وتصرّف الشيطان. عندها سوف ينسدّ سمع الإنسان عن المعارف والمواعظ الإلهية، ولن ترى العين الآيات الباهرة بل تعمى عن الحقّ وآثاره. مثلما قال تعالى: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾[14]. فالقلب محلّ انعكاس أنوار القرآن وإنْ كان المحل متكدّراً بظلمة الذنوب ومحجوباً بحجاب المعاصي لن يرى من القرآن سوى الألفاظ والحروف، بل قد يؤدّي ذلك إلى عدم رؤية القرآن كلّياً.

 

4- حجاب حبّ الدنيا:

حبّ الدنيا يصرف القلب عن القرآن ويجعل فيها تمام همّته ، فيغفل عن ذكر الله. وكلّما ازداد التعلّق بالدنيا وشؤونها ازداد حجاب القلب ضخامةً، فلا يرى صاحبه الكمال إلاّ في الأمور الدنيوية الماديَّة. ولأنّ القرآن دعوة إلى الآخرة والكمالات المعنوية فسوف يراه مخالفاً لمصالحه وسدّاً أمام شهواته فيعرض عنه. وهذه عاقبة الإقبال على الدنيا وزينتها.

 

والمهم بعد التعرّف الإجمالي على هذه الحجب الشائعة أن نكتشفها في أنفسنا ونسعى لإزالتها، لأنّها ستبقى المانع الأكبر أمام سطوع أنوار القرآن في قلوبنا.

 

ثالثاً: فهم مقاصد القرآن:

هذا الأدب عبارة عن التوجّه والتعرّف إلى المقاصد الأساسية للقرآن الكريم، ليكون هذا الأدب مقدّمة للتدبّر والهداية إلى الكمال الحقيقي, ويوجد سبعة مقاصد أساسية في القرآن المجيد، هي:

1- الدعوة إلى معرفة الله: كما في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾[15]، ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[16].

 

2- الدعوة إلى تهذيب النفوس: كما في قوله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا *  وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾[17].

 

3- قصص الأنبياء والأولياء وكيفية تربيتهم: كما في قوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾[18].

 

4- ذكر أحوال الكفّار والجاحدين وعاقبتهم كما في قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾[19].

 

5- بيان قوانين ظاهر الشريعة والآداب والسنن: كما في قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾[20].

 

6- ذكر أحوال المعاد واليوم الآخر: كما في قوله تعالى: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ﴾[21].

 

7- الاحتجاجات الربّانية على الناس: كما في قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾[22].

 

رابعاً: التفكّر:

والمقصود منه أن يبحث ويتقصّى عن المقصد من كلّ آيةٍ يقرؤها. قال الله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾[23]. في هذه الآية مدحٌ عظيمٌ للتفكّر، لأنّ غاية إنزال الكتاب السماوي العظيم قد جعلت في احتمال التفكّر. وهذا من شدّة الاعتناء به، حيث إنّ مجرّد احتماله صار موجباً لهذه الكرامة العظيمة.

وحيث إنّ مقصد القرآن الوصول إلى سبل السلام، والخروج من جميع مراتب الظلمات إلى عالم النور، والهداية إلى صراط مستقيم، كما قال سبحانه: ﴿قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[24]، فلا بدّ أن يصل الإنسان بالتفكّر في الآيات الشريفة إلى مرتبة وحقيقة القلب السليم.

 

والتفكّر هو تجسّس بصيرة القلب للوصول إلى المقصد، وهو السعادة المطلقة التي تحصل بالكمال العملي والعلمي، فإذا وجد القارئ المقصد، وتبصّر في تحصيله، انفتح له طريق الاستفادة من القرآن الكريم، وفتحت له أبواب الرحمة الإلهية.

 

خامساً: التطبيق (العمل بالقرآن):

في الحديث المروي عن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم قال: “مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ وَرَّثَهُ اللهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”[25].

 

إنَّ تحقُّق الهداية القرآنية موقوفٌ على العمل. وهو تطبيق مضمون الآيات القرآنية بعد تعلّمها والتعرّف إليها. وكيفية التطبيق تتمّ باستخراج مفادها العملي وتطبيقه على نفسه. مثلاً، إذا قرأ قصة آدم  عليه السلام وما جرى عليه، وفكّر في سبب مطرودية الشيطان من جناب القدس، مع تلك العبادات الطويلة والسجدات الكثيرة، وسأل نفسه لماذا أخرج الله تعالى إبليس من جوار قدسه، بعد أن كان في مجمع الملائكة. سيعلم أنّ كثرة العبادة لا تشفع للإنسان، وإنّ الصفات الإبليسية التي هي التكّبر والاستعلاء تكون سبباً للطرد والبعد. فهذا العجب صار سبباً لحبّ النفس والاستكبار، وصار سبباً لعصيان الأوامر الإلهية والتمرّد على الحقّ تعالى.

 

عن رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم قال: “مَنْ‏ قَرَأَ الْقُرْآنَ‏ وَلَمْ‏ يَعْمَلْ‏ بِهِ‏ حَشَرَهُ‏ اللهُ‏ يَوْمَ‏ الْقِيَامَةِ أَعْمَى‏ فَيَقُولُ يَا ﴿رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى﴾[26] فيؤمر به إلى النار”[27].

 

 

 

والحمد لله رب العالمين

 

[1] سورة طه، الآيتان 125-126.

[2] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج6، ص184.

[3] سورة الأنعام، الآية 155.

[4] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج90، ص300.

[5] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج27، ص 34.

[6] سورة النحل، الآية 89.

[7] الإمام الخميني قدس سره، الآداب المعنوية للصلاة، الباب الرابع: في ذكر نبذة من آداب القرءة وقطعة من أسرارها، الفصل الثالث ، في بيان طريق الاستفادة من القرآن الكريم.

[8] سورة النحل، الآية 89.

[9] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج6، ص168.

[10] م.ن، ص224. راجع: العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 8، ص 186.

[11] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص610.

[12] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج89، ص107.

[13] سورة المائدة، الآيتان 15-16.

[14] سورة الأعراف، الآية 179.

[15] سورة النور، الآية 35.

[16] سورة الحديد، الآية 3.

[17] سورة الشمس، الآيات 7-10.

[18] سورة يوسف، الآية 3.

[19] سورة البقرة، الآية 86.

[20] سورة البقرة، الآية 43.

[21] سورة آل عمران، الآية 198.

[22] سورة الأنبياء، الآية 22.

[23] سورة النحل، الآية 44.

[24] سورة المائدة، الآيتان 15-16.

[25] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار،ج 40، ص 128.

[26] سورة طه، الآيتان 125-126.

[27] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج6، ص184.

شاهد أيضاً

قادتنا كيف نعرفهم 1 آية الله العظمى السيد محمد هادي الحسيني الميلاني

قادتنا كيف نعرفهم 1 قادتنا كيف نعرفهم  2 قادتنا كيف نعرفهم  3 قادتنا كيف نعرفهم  ...