الرئيسية / القرآن الكريم / مع الطب في القرآن الكريم – الدكتور محمد علي البار 1

مع الطب في القرآن الكريم – الدكتور محمد علي البار 1

بسم الله الرحمن الرحيم

(ونزلنا عليك الكتب تبينا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) [النحل: 89] (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلفا كثيرا) [النساء: 81] ” كتاب الله، فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار، قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره، أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه ” – حديث شريف – أخرجه الترمذي

كلمة شكر لا نملك ونحن نودع مرحلة، ونستهل أخرى، إلا أن نتوجه من أعماقنا بالشكر والامتنان، لأساتذتنا ومعلمينا الذين نهلنا على أيديهم العلم والمعرفة، ونخص منهم الدكتور محمود ناظم النسيمي الذي زودنا بتوجيهاته القيمة، وكذلك الأخ الأستاذ صالح السمر الذي قام بتدقيق الرسالة لغويا، ولا ننسى أن نشكر جميع الاخوة الذين كانوا لنا خير مشجع وداعهم، ونسأل الله سبحانه أن يمكننا من الوفاء.
عبد الحميد أحمد

تقديم الدكتور محمود ناظم نسيمي حمدا لله، وصلاة وسلاما على رسول الله، وبعد: فإن من المسلم به لدى علماء المسلمين وفقهاء الدين أن تعلم فنون الطب والصناعة والزراعة والعلوم الدنيوية المختلفة، ليس من مهام الرسالة السماوية، فإذا تكلم القرآن عن شئ من ذلك فإنما يريد أن يوجه الانسان إلى الايمان بوجود خالق مبدع لكل الكائنات، وإلى ما فيها من خواص طبيعية وقوانين علمية وترتيبات سببية، ويريد منه أن يحيا معها ضمن عقيدة سليمة، وتفكير قويم، وأن يستخدمها في سلوك صحيح، وأخلاقية سامية، ويريد أن ينبه الانسان بصورة عامة، والمسلم بصورة خاصة، إلى أن الاشتغال بالعلوم والمهن والصناعات وأنواع الزراعة المفيدة، ضمن الإطار العقائدي السليم والخلقي النبيل، إنما هو منسجم مع روح الاسلام، فلا يجوز أن يهمله المجتمع المسلم، أو يغفل عنه بحجة أن أفضل العلوم هي العلوم الدينية، لان كل علم أو حرفة أو صناعة أو زراعة نافعة للمجتمع الاسلامي هو من فروض الكفاية كما هو الحال في تعلم الفقه وسائر العلوم الدينية، قال تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) [التوبة: 122].
وبما أن القرآن الكريم هو المصدر الأول لتعاليم الاسلام وهو معجزته الخالدة الذي لا تنتهي جدته ولا تنقضي عجائبه، فقد رأى الزميلان، السيد عبد الحميد دياب والسيد أحمد قرقوز، أن يقوما متعاونين بدراسة، حول الآيات القرآنية التي لها مساس بالطب، ولو كان ورودها في معرض التنبيه إلى التفكر بالخالق المبدع الخبير القدير، ليضئ الايمان جنبات بالنفس فيستنير الفكر باشعاعات اليقين، ورغبا أن يوضحا الحقائق الطبية والمقاصد الصحية التي توصل إليها العلم
(٩)
الحديث، وأشارت إليه الآيات القرآنية، وذلك ضمن رسالة جامعية لنيل لقب دكتوراه في الطب، وبما أن أكثر فروع الطب تعلقا بمهام الدولة والثقافة العامة هو الطب الوقائي، فلذا كثرت الآيات المتعلقة به حيث نلحظ المقاصد الصحية في شروط العبادات وأركانها وفي الواجبات والمحرمات التي تضمنتها آيات القرآن.
وكذلك كثرت الآيات المتعلقة بتخلق الانسان الداعية إلى التدبر والاذعان بوجود خالق حكيم خبير، أما الآيات المتعلقة بالطب العلاجي فهي قليلة العدد، وردت في معرض امتنان الخالق على عباده بنعمه التي تستوجب الحمد والشكر.
ولقد بذل الزميلان جهدا مشكورا في الرجوع إلى المصادر الطبية، وإلى ما كتبه الزملاء في العالم العربي حول المواضيع الطبية الاسلامية، فجاءت رسالتهما جامعة مستوفية زاخرة بالفوائد العلمية، موضحة الجانب الطبي من معجزات القرآن الخالدة، فجزاهما الله خيرا، وأيدهما دائما وكل العاملين، برعايته وتوفيقه.
ناظم نسيمي
(١٠)
كلمات لابد منها القرآن الكريم هو المعجزة المتفجرة في كل آن، الخالدة على مر الزمان، وهو الآية الكبرى التي أيد الله بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد بها الفوج المؤمن الأول أبلغ البيان على صدق دعواه، ويجد فيها الناس اليوم سلسلة لا نهاية لها من الاعجازات تتجلى سواء في أسلوب البلاغي، أو في نظامه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي أوفي منهجة التربوي والخلقي، أو في نظرته الثابتة إلى الوجود والانسان، أو في إشارته العلمية، للكون والخلق، وحتى في ترتيب آياته وكلماته. وفي تعداد حروفه وكلماته: (وما فرطنا في الكتاب من شئ) [الانعام:
38]، ولا غرابة في أن كل من وقف أمام القرآن شعر أنه أمام كتاب فريد، يختلف تماما عن كل كتب الأرض التي تعد بالملايين.
صحيح أن القرآن لم ينزل كتابا في الطب أو في أي فرع من العلوم، وهو قبل كل شئ منهج للانسان وعقيدة للحياة، ولكنه منهج كامل فيه (تبيانا لكل شئ)، ضرب الله فيه للانسان من كل الأمثال: (ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل، وكان الانسان أكثر شئ جدلا) [الكهف: 54] ولذلك فلا عجب أن نجد أن الله قد بين فيه الانسان ما يهمه لحفظ صحته، وأرسى لذلك أسسه العريضة، كما لفت نظره إلى آيات الخلق، وحثه على البحث والتأمل، حتى غدت آيات القرآن الكريم معالم في طريق العلم، تمده وتضعه دوما في مساره الصحيح، ليؤدي وظيفته في حياة البشر، ولا نكون مغالين إذا قلنا إن شقاء البشرية اليوم، رغم تقدمها التكنولوجي الكبير، يعود لعدة أسباب من أهمها، اندفاعها في ركب العلم على غير هدى، وبدون أية ضوابط أخلاقية أو إنسانية، ولذلك لم يفد أوربا وأمريكا علومهما عن مضار الخمر والمخدرات والزنا في، الحد من ويلاتها المدمرة، كما أننا لا نستغرب إذ نسمع أن معدل العمر الوسطي للبدء في التدخين في الدول الاسكندنافية (السويد والدانمرك والنرويج) هو (8) سنوات.
(١١)
ومثل هذه الهوة الواسعة بين علوم الانسان وواقعة، لا نجدها بين تعاليم القرآن وواقع المسلم الحق، لان إلتزام المسلم بنصوص القرآن ينبع من منطلق العقيدة والايمان بهذه النصوص، ومن المهم أن نذكر، أننا راعينا في البحث عدم تحميل الآيات القرآنية أكثر مما تحمل، وتجنبنا تطويعها للمعطيات العلمية كما لم يكن البحث محاولة لتفسير الآيات القرآنية بنتائج العلوم الحديثة، إذا إذا كانت الآية قاطعة الدلالة، وكانت المعطيات العلمية حقائق ثابتة أيضا.
وهكذا لقد جاءت رسالتنا هذه خلاصة لمشاعر وأحاسيس، كانت تموج في نفوسنا ونحن على مقاعد التحصيل العلمي، لما كنا نرى من السبق العلمي المعجز القرآن في كل فرع من فروع الطب، ابتداء بعلم الأجنة، ومرورا بعلم التشريح الوصفي والنسيجي، وعلم الطفيليات والجراثيم.. وانتهاء بدراسة الأمراض الجهازية المختلفة.
وكم كنا ندهش عندما نجد في القرآن تعرضا لأهم مشاكل العلوم الحديثة الغامضة التي تستقطب اهتمام علماء الاختصاص، كتعرضه لمسألة بدء الخلق، ولعملية تمايز أعضاء الجنين المختلفة ابتداء من خلايا متماثلة..
وكان ما يستقر في خواطرنا بعد تفاعلنا بين حقائق الطب وآيات القرآن الكريم، هو أن الله تبارك وتعالى قد من على الانسان منة عظمى، ففي تلك الآيات دلالة على وجود الله الخالق المبدع، وعلى عظمته وقدرته المطلقة، كما فيها هداية للبشرية – قبل وبعد اكتشافاتها العلمية – إلى أسس العلوم الطبية، وطرق الوقاية من الأمراض العضوية والنفسية المختلفة.
كنا عندما نقرأ أن أسباب سرطان اللسان هي: تناول الغول – وهو محرم في شريعة القرآن – وآفات السفلس – وهو محرم بتحريم الزنا -، ومضغ التبغ – وهو محرم أو مكروه – وقلة العناية بنظافة الفم – وله علاجه في نظام القرآن بالوضوء، عندما نقرأ ذلك وأمثاله نحسن فعلا أن القرآن هو الدعوة المخلصة
(١٢)

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...