قصص المعصومين (عليهم السلام )
6 ساعات مضت
قصص وعبر
12 زيارة
اميرالمؤمنين (ع ) امر من اللّه كـان يجلس بين اربعين رجلا من رجال العشيرة .. يستمعون الى كلام رسول اللّه (ص ) بعد ان نزلت عليه الاية الشريفة : ( وانذر عشيرتك الاقربين ) ((3)) . حـيـن كـان يـقول لهم (ص ) : ـ اني ادعوكم الى كلمتين خفيفتين على اللسان ..ثقيلتين في الميزان .
تملكون بهما العرب والعجم .. وتنقاد لكم الامم ..وتدخلون بهما الجنة .. وتنجون بهما من النار.. وهما شـهـادة ان لا الـه الا اللّه وانـي رسـول اللّه .. فمن يجيبني الى هذا الامر.. ويؤازرني عليه وعلى القيام به .. يكون اخي . ووصيي . ووزيري . ووارثي .. وخليفتي من بعدي .
ومـا زال الـرسـول (ص ) يـكرر كلامه فلم يسمع جوابا من احد سوى ذلك الذي كان يجلس بينهم .
ورغم انه كان اصغر الحاضرين سنا.. الا انه كلماسمع قول رسول اللّه (ص ) ينهض واقفا وبكل ثقة يقولها : ـ انا يا رسول اللّه اءؤازرك على هذا الامر.
فيامره الرسول (ص ) : ـ اجلس .
ثم يعيد على الحاضرين قوله .
يا مولاي يا رسول اللّه .. هل تنتظر غير هذا الفتى . وانت اعلم الناس به ..؟ اليس هو الذي اخترته من بين اخوته ليعيش معك ولم يكن عمره آنذاك سوى ست سنوات ؟ يـنشاء في رعايتك . ويشرب من ينابيع علمك .. كنت تضمه الى صدرك .. وتمضغ الطعام ثم تضعه في فـمـه .. مـن غيره كان يعلم بك وانت تجاور في كل سنة غار حراء فيراك ولا يراك غيره ..؟ هـنـاك غـير هذا الفتى الذي شم رائحة النبوة .. وراى نور الوحي والرسالة منذ نعومة اظفاره ..؟ واخذ العلم منك حتى بادرك في يوم سائلااياك بعد ان سمع رنة تنساب الى مسامعه : ـ يا رسول اللّه .
ما هذه الرنة ؟ فـقـلت له : هذا الشيطان قد اءيس من عبادته .. انك تسمع ما اءسمع وترى ماارى الا انك لست بنبي .
ولكنك وزير.
وهـل غـيـره يا رسول اللّه .. وقد شهد الحالة الروحية التي كنت تمر فيهاخلال اختلائك في غار حـراء.. حتى ايقن بكل شي ء فلم يحتج ان تدعوه الى الاسلام ؟ تـصبه الجاهلية بشي ءمنها.. ولم يتفاعل معها.. فقد كان مطلعا على امر دعوتك ومنهج رسالتك ..فاعلن تصديقه بك وايقن حتى قال : ـ علمني رسول اللّه (ص ) الف باب من العلم يفتح لي من كل باب الف باب .
واخـيـرا قـالـهـا رسول اللّه (ص ) لعلي (ع ) : ـ اجلس فانت اخي ووصيي ,ووزيري , ووارثي , وخليفتي من بعدي .
فنهض القوم يخاطبون ابا طالب ساخرين : ـ ليهنئك اليوم ان دخلت في دين ابن اخيك . فقد جعل ابنك اميرا عليك .
وهـل غـيـر عـلي بن ابي طالب (ع ) الفتى الذي كرم اللّه تعالى وجهه بما لم يكرم به غيره حتى من الانـبياء.. وذلك باستضافة اءمه فاطمة بنت اءسد في بيته الشريف .. فدخلت لتضعه هناك .. فـولـدتـه حــســن الـوجه مسرورانظيفا.. واطعم اللّه امه من ثمار الجنة وهي ما تزال في الدنيا.. وناداها :
آيافاطمة سميه عليا.. اني شققت اسمه من اسمي .. وادبته بادبي .. ووقفته على غامض علمي .. فطوبى لمن احبه واطاعه .. وويل لمن ابغضه وعصاه .
وكل ما جعله اللّه تعالى من امر علي (ع ) منذ لحظة ولادته في بيته الشريف ..والى لحظة دعوتك يا رسول اللّه ما كان الا ان يكون هو خليفتك ووزيرك .
وتـمر الاعوام متعاقبة .. حتى جاء ذلك اليوم الموعود.. ويا له من يوم .. كان الجو شديد الحرارة في ظـهيرة ذلك اليوم .. وكانت آلاف القوافل عائدة من الحج مع رسول اللّه (ص ) وكانت اقدامهم تكتوي مـن شدة حرارة الرمال ..وتلفح وجوههم سموم الصحراء تحت لهب الشمس .. والاكثر من هذا هوما كـان يـختلج في صدورهم .. فقد لمح لهم رسول اللّه (ص ) اثناء مناسك الحج بما جعلهم يشعرون بان هـذه الـحـجـة هي آخر حجة له (ص ).. وواصلت القوافل سيرها حتى وصلت الى مكان تتفرع منه طـرق بـلـدان الـحـجـاج .. والـذي يـسـمـى بغدير خم .. سمع الناس صوتا يناديهم ويدعوهم الى الـتوقف ..فنظروا خلفهم متسائلين عما يجري : ـ ما الذي حصل في هذا الوقت وفي هذه الظروف .
؟ فهناك اشخاص يعملون على تهيئة بعض الخيام لينصبوها في اماكن معينة .
انـهـم يتساءلون وربما في تلك اللحظة لا يعلمون ان رسول اللّه (ص ) لم يفعل ذلك رغبة منه . وانما بامر من اللّه عز وجل .. نزل به الا مين جبرائيل مخاطبا به رسول اللّه (ص ):
( يـا ايها الرسول بلغ ما اءنزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته واللّه يعصمك من الناس ..) ((4)) . نـودي لصلاة الظهر.. فصلى الرسول (ص ) بتلك الجموع الغفيرة وفي ذلك اليوم الذي كان يضع فيه الرجل بعض ردائه فوق راسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء . ولـمـا سـلم الرسول (ص ) منتهيا من صلاته .. قام خطيبا فوق اقتاب الابل وسط تلك الجموع رافعا صـوته لاسماعهم : ـ الحمد للّه .. ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه .. ونعوذ باللّه من شرور انفسنا ومـن سـيـئات اعـمـالـنا.. الذي لا هادي لمن اءضل .. ولا مضل لمن هدى .. يا اءيها الناس اللطيف الخبير انه لن يعمر نبي الا مثل نصف عمر الذي قبله .. واني اءوشك اءن اءدعى فاءجيب واني مسؤول , وانتم مسؤولون . فماذا انتم قائلون ؟ قالوا : ـ نشهد انك قد بلغت وجاهدت ونصحت فجزاك اللّه خيرا.
فقال لهم : ـ الستم تشهدون ان لا اله الا اللّه وان محمدا عبده ورسوله ..وان جنته حق .. وناره حق .
والموت حق .. والبعث حق .. وان الساعة آتية لا ريب فيها.. وان اللّه يبعث من في القبور.
فقالوا : ـ نشهد بذلك .
فقال : ـ اللهم اشهد.. يا ايها الناس وقد كان الامام علي (ع ) الى جانبه فاخذ بيده ورفعها عاليا مع يده .. حتى شاهد الناس بياض ابطيهما.
ونـادى رافعا صوته : ـ فمن كنت مولاه فهذاعلي مولاه , اللهم وال من والاه وعاد من عاداه , واحب مـن احـبه وابغض من ابغضه .. وانصر من نصره واخذل من خذله , وادر الحق معه حيث دار.. يا ايها الـنـاس اقـداح بـعدد النجوم من الفضة ..فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين .. اني سائلكم عنهما حين تردون علي الحوض .. الثقل الاكبر كتاب اللّه تعالى طرف مـنـه بيد اللّه تعالى والطرف الاخر بايديكم .. فاستمسكوا به لن تضلوا..والثقل الاخر عترتي اهل بـيـتي .. وان اللطيف الخبير نباني انهما لن يفترقاحتى يردا علي الحوض .. فلا تتقدموهما فتهلكوا.
ولا تقصروا عنهمافتهلكوا كذلك .. وليبلغ الشاهد منكم الغائب .
2025-05-13