الرئيسية / الشهداء صناع الحياة / شذرات من كلمات الإمام الخميني – المهاجرون إلى الله

شذرات من كلمات الإمام الخميني – المهاجرون إلى الله

سلام الله ورحمته على الشهداء الكرام والمعاقين الأعزّاء، هؤلاء هم المهاجرون إلى الله ورسوله الذين وضعوا أغلى أمانة أودعها الله عندهم في طريق أغلى وأسمى هدف دون رياء وقدّموها إلى حضرته المقدّسة، وبذلوا النفس والنفيس لحماية أعزّ نظام، وطردوا أعداء الإسلام من وطنهم الإسلامي. أيّة هجرة إلى الله ورسوله أغلى وأسمى من هذه الهجرة؟ وأيُّ فداء وتضحية أغلى من هذا الفداء وهذه التضحية؟ وأيُّ شخص يستطيع تقييم هذه التضحية الممزوجة بالمعنوية والإخلاص وأن يعوّضهم ويجزيهم عنها سوى صاحبها الأصلي ومشتريها الأعلى الذي يقول: “لقد وقع أجره على الله” .

 

أما الشهداء فلا يمكن أن نقول عنهم شيئاً. الشهداء شموع محفل الأحباب.. الشهداء في قهقهة سكرتهم وفي بهجة وصولهم عند ربهم يرزقون. وهم من النفوس المطمئنة التي خاطبها خالقها: ﴿فَادْخُلِي فِي

عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ . وهنا يكون الحديث عن العشق والعشق فقط، والقلم يعجز عن تصوير ذلك .

 

لا تتوقّعوا أنتم أيها المقاتلون أن أكون أنا أو أيّ شخص آخر قادراً على تكريمكم، فالله هو الذي اشتراكم، حيث قدّمتم كل ما تملكون حتى الروح وهي أغلى ما تملكون في سبيل الله، سواء منكم من استشهد ولقي الله إن شاء الله أو أنتم الموجودون هنا.

 

لقد حقّقتم أمرين ولا يستطيع أحد من البشر- إلا أولياء الله – أن يكرمكم على ذلك، الأول هو أنكم وضعتم أعظم ما تملكون وهو الحياة على طبق الإخلاص، والآخر هو أنكم قدّمتم هذه الهدية مخلصين. فالأساس هو الإخلاص الذي تجلّى فيكم، وبهذا الإخلاص والإيثار ضمنتم الجمهورية الإسلامية، فالانتصارات التي تحقّقت على أيديكم خصوصاً في الفتح المبين، لا يمكن قياسها بأي معيار كان، ولا يستطيع أي لسان أن يُعبّر عنها ويصفها، لكن الأهم من كل هذا هو صدقكم وإخلاصكم عند الله تعالى، فالإيثار أهم من كل شيء عند الله، كما يصف تبارك وتعالى في سورة ﴿هَلْ أَتَى﴾ أهل بيت العصمة بقوله: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ فالإطعام في حد ذاته ليس شيئاً مهماً، خاصة عندما يكون بقرص من خبز الشعير، بل المهم أن يكون ذلك ﴿عَلَى حُبِّهِ﴾.

 

فالإخلاص والحب اللذان تملكونهما لهما القيمة عند الله تعالى ولا يستطيع أحد وصفهما. لأنكم تضحّون بأرواحكم، وهناك الكثيرون

يفعلون ذلك في أمور منحرفة، فالعمل واحد في الشكل لكن المعنى والفحوى يختلفان، والمعيار هو فحوى العمل وليس شكله. فالسيف الذي‏ جرّده علي بن أبي طالب عليه السلام وضرب به ذلك الشخص وقتله، أمرٌ يحدث في أي مكان وقد فعل ذلك كثير من الناس ويفعلون. والقيمة ليست هنا، بل القيمة هي ما كانت في قلب علي بن أبي طالب وما كان يدور في ذهنه ودرجة الإخلاص الذي كان في عمله.

 

إنّ درجة الإخلاص هي التي جعلت تلك الضربة أفضل من عبادة الثقلين أي عبادة الإنس والجن، إذن فإنّ إخلاصكم ورغبتكم في الشهادة وإيثاركم في سبيل الله هو الذي منحكم القيمة، ولا يستطيع ميزان أن يقيس مقدار ذلك.. فيا أعزائي حافظوا على هذه النعمة التي منحكم الله إياها وغيّركم بفضله الذاتي وبيد غيبية وجعلكم أناساً مخلصين لذاته يضحّون بكل ما عندهم وبأرواحهم في سبيل الله ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ فالجنّة التي منحكم المشتري إياها ليست كالجنة التي يعطيها للآخرين، وأرجو أن تكون هذه الجنة جنة اللقاء..

 

 

وأرجو أن يستضيفكم المشتري عنده. حيث إن أولياء الله في الدار الآخرة لا يرجون غير الله حيث يصرفون النظر عن نعم الجنة ويرغبون في لقاء الحق تعالى. وأنتم حيث تضحّون بأرواحكم وتتوجّهون إلى ساحات الحرب بهدف الشهادة وتدافعون عن الإسلام وتزرعون اليأس في الدول الطامعة في هذا البلد، إنما تقومون بعمل قيم ونفيس جداً، لكن الأفضل من ذلك هو إخلاصكم وإيثاركم في سبيل الله، فهو أسمى من كل قيمة لكم .

شاهد أيضاً

شذرات من كلمات الإمام الخميني – حريّة الروح

لماذا يساورنا القلق ونحن نقوم بواجبنا؟ إنّ القلق يساور من يسير خلاف طريق الحقّ. وهو ...