الرئيسية / الاسلام والحياة / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

37) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة
– قال عليه السلام:
(كناقش الشوكة بالشوكة) .
ومن كلام له عليه السلام وقد قام إليه رجل من أصحابه فقال: نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها فما ندري أي الامرين أرشد فصفق عليه السلام إحدى يديه على الاخرى ثم قال: هذا جزاء من ترك العقدة أما والله لو أني حين أمرتكم بما أمرتكم به حملتكم على المكروه الذي يجعل الله فيه خيرا فإن استقمتم هديتكم وإن اعوججتم قومتكم وإن أبيتم تداركتكم لكانت الوثقى ولكن بمن وإلى من ؟ أريد أن أداوي بكم وأنتم دائي كناقش الشوكة بالشوكة وهو يعلم أن ضلعها معها. اللهم قد ملت أطباء هذا الداء الدوي وكلت النزعة بأشطان الركي أين القوم الذين دعوا إلى الاسلام فقبلوه وقرؤا القرآن فأحكموه وهيجوا إلى الجهاد فولهوا اللقاح إلى أولادها (1) وسلبوا السيوف أغمادها وأخذوا بأطراف الارض زحفا.
فأكون كناقش الشوكة بالشوكة ، وهذا مثل مشهور : ” لا تنقش الشوكة بالشوكة ” .
فإن ضلعها لها ، والضلع الميل ، يقول : لا تستخرج الشوكة الناشبة في رجلك بشوكة مثلها ، فإن إحداهما في القوة والضعف كالاخرى ، فكما أن الاولى انكسرت لما وطئتها فدخلت في لحمك ، فالثانية إذا حاولت إستخراج الاولى بها تنكسر ، وتلج في لحمك.
أن الإمام(عليه السلام) خطب هذه الخطبة حين بعث معاوية النعمان بن بشير ليرعب إحدى مناطق العراق ويضعف معنويات أهلها، فدعا الإمام(عليه السلام)الناس لقتالهم، غير أن عجز أهل العراق وضعفهم جعلهم يردون بالسلب على دعوة الإمام(عليه السلام)، فخطب الإمام(عليه السلام)هذه الخطبة لغرضين: الأول: تحميل أهل العراق المسؤولية التامة للمصائب والويلات التي تتعرض لها البلاد بفعل هذا الضعف والذلة تجاه العدو، الثاني: لعل هذه الكلمات تؤثر في تلك الأرواح الهامدة فتلتفت إلى عظم الأخطار التي كانت تتربص بها فتهم بموا جهتها. فقد قال(عليه السلام): «منيت بمن لا يطيع إذا أمرت ولا يجيب إذا دعوت» فمن الطبيعي أنّ أعظم القادة والاُمراء وأشجعهم لايسعهم فعل شيء إذا ما ابتلوا بمثل هؤلاء الأفراد، وما من فشل أو هزيمة تصيبهم إلاّ ويتحملون مسؤوليتها كاملة. ثم قال(عليه السلام): «لا أبا لكم: ما تنظرون بنصركم ربكم»؟ إنّ جميع الظروف متوفرة لديكم من أجل القتال، فعندكم العدّة والعدد، كما تعلمون مؤامرات عدوكم وقد أحدق الخطر بكم، فماذا تنتظرون؟ أتتطلعون لقتلكم بهذه الذلة والهوان؟ وقد أشْرنا سابقاً إلى أن قوله(عليه السلام): «لا أبا لكم» إما يفيد عدم تربيتهم التربية الاُسرية الإسلامية الصحيحة بحيث يبدون كل هذا الضعف والعجز، أو أنّه دعاء عليهم بان يميت اللّه آبائهم، وهو الآخر كناية عن الذلة والهوان الذي يستشعره الإنسان لفقد والده. ثم قال(عليه السلام): «أما دين يجمعكم ولا حمية تحمشكم» ؟ فالواقع من شأن أي من هذين الأمرين دواء دائهم، فالدين حلقة إتصال يمكنها إستقطاب الفئات والطوائف المختلفة حول هدف مركزي واحد، فاذا غاب الدين الذي يجمعهم، فانّ الغيرة الاجتماعية وحبّ الاهل والوطن إنّما تسوقهم للاتحاد أمام العدو ومواجهته، غير أنّ المؤسف له هو أنّ أهل العراق آنذاك قد فقدوا هذين الدافعين، فلم يكن دينهم محكماً راسخاً، كما لم تكن لهم حمية تجعلهم يغضبون ويواجهون العدو. ولا شك أن مثل هؤلاء القوم يعتبرون عقبة كؤوداً في طريق الحاكم. ومن هنا خاطبهم الإمام(عليه السلام)مصوراً حجم ضعفهم والذل الذي سيطر عليهم «أريد أن اُداوي بكم وانتم دائي كناقش الشوكة بالشوكة».
ومن هنا قال(عليه السلام): «أقوم فيكم مستصرخاً وأناديكم متغوثّاً فلا تسمعون لي قولاً، ولا تطيعون لي أمراً، حتى تكشف الاُمور عن عواقب المساءة» فهل هناك أعظم من هذه المأساة، في أن يبتلى مثل هذا الإمام(عليه السلام)الشجاع العالم العادل المجرب بمثل هؤلاء القوم الذين لايكترثون لصراخه ولا يطيعون أوامره. ويفيد التأريخ أنّ هذا الأمر لم يقتصر على أميرالمؤمنين (عليه السلام) وقد مارست الاُمّة نفس هذا الموقف مع الإمام الحسن والحسين(عليهما السلام)فقد وقعت حادثة كربلاء ليقتل الإمام وصحبه بتلك الشاعة، آنذاك ندم أهل الكوفة وهبوا للمطالبة بدم الحسين(عليه السلام)ولكن بعد أن وقع ما لم يكن ينبغي أن يقع، فقد تخلوا آنذاك عن دعم سفير الحسين(عليه السلام)مسلم بن عقيل ونكثوا بيعته ولزموا بيوتهم، فبقى مسلم وحده يقاتل الأعداء حتى استشهد. وأخيراً خلص الإمام(عليه السلام) إلى هذه النتيجة «فما يدرك بكم ثار، ولا يبلغ بكم مرام».
10 – قال عليه السلام:
(ربّ قول أنفذ من صول) .
اشارة الى فن الخطابة هذا فن من القول خاص، يواجه فيه صاحبه جمهوراً من الناس يخاطبهم، فليس هو كسائر فنون القول الأخرى. كالمقاله أو القصة أو الرسالة، يكتبها الكاتب مختلياً نفسه حراً في أن يقدم أو يؤخر، أو يطيل أو يقصر، أو يتوقف أو يستمر
فالخطابة فن من القول مرتبط بالخطيب والجمهور معاً. وهذه المواجهة تقتضي أموراً:
-منها أن يكون الخطيب قادراً على مواجهة الجمهور
-تمكنه من اللغة ومن التصرف في الأسلوب
-عارفا بنفسية المخاطبين
– ملماً بموضوعه بجميع أطرافه
-ومنها أن يعمل الخطيب على التأثير في نفوس جمهوره بواسطة الكلمة الحية المؤثرة، التي تصادف مواطن الشعور والإحساس
– ومنها أن تتوفر الخطبة على عناصر إقناعية من حجج وبراهين ومنطق حينا وعاطفة حيناً آخر.
فالخطابة هي فن الإقناع بواسطة الأسلوب البليغ. ومن هذه الناحية تشبه الشعر، لأنها تثير العواطف وتحرك الخيال، وتستعمل المجازات كما يفعل الشاعر. كما أنها تعتمد على الإيقاع، ومراعاة تقسيم الجمل، وتوفير التوازن فيها مع بعض السجع والازدواج، ليحدث الإيقاع الذي يقابل الوزن في الشعر، ولكن الخطابة تختلف عن الشعر لأنها تعتمد على الأسلوب المرسل، وتختص بالموضوعات الدينية والسياسية والاجتماعية والحربية.
إن الخطابة فن قديم في سائر آداب الأمم، لأن الناس كانوا دائماً في حاجة إليها في حياتهم الاجتماعية والسياسية والدينية، يقنع بعضهم بعضاً، ويوجه قادتهم ويؤثر فيهم، وربما كانت الكلمة البليغة في الخطبة المؤثرة أنفع من قوة السلاح، قال الامام عليه السلام: رب قول أنفذ من صول.
فالخطبة أسلوب الدعوة إلى الفكرة والعقيدة، وأداة للمحاكمة والاحتكام، ووسيلة للدعاية والتوجيه، وعماد الحرب والسلم والمفاوضة والمناصرة والتنفير للجهاد. وبفضل ذلك كله نعتبره أدبا شعبياً، أو فناً يخاطب به الجمهور.
وتحتل الخطبة في الأدب العربي مكانة مرموقة، ولا سيما في العصور القديمة. فقد كان الخطباء يقومون في المجتمع العربي مقام الولاة والزعماء والقضاة والسفراء، لأن من شروط السيادة والتفوق عندهم قوة البيان والقدرة على الإقناع، فالخطباء وحدهم يقدرون على الفصل في الخصومات والمشاركة في المفاخرات والمنافرات، والحضور في الوفادات والمفاوضات. كان ذلك في المجتمع الجاهلي، أما في المجتمع الإسلامي حين ظهر الإسلام وحين قامت الدولة الإسلامية، وقوى الصراع السياسي، واشتدت الحاجة الى التوجيه الديني والسياسي فقد كان شان الخطابة أعظم وأخطر، ولا سيما والأمية متفشية في الجماهير، ووسائل التواصل بين المفكرين والقادة وبين الرأي العام نادرة باستثناء الخطابة. وهكذا تزدهر الخطابة عند الأمم بقدر ما تشيع فيها الأمية، وتكثر عندها الحروب أو المنازعات السياسية، وتتوفر لديها حرية القول. وتواجه المشكلات الاجتماعية والأخلاقية، أو الانقلابات السياسية والفكرية. وفي ضوء ذلك نقسم الخطابة الى أنواع حسب موضوعاتها، فهناك:
-الخطابة الدينية: وتقوم على الوعظ والإرشاد وتحليل القيم الأخلاقية في ضوء العقيدة الدينية. ومن هذا القبيل خطب الجمع والأعياد مما سنته الشريعة الإسلامية في المواسم والأعياد، ولاننسى خطبة الجمعة التي أقرها الإسلام كل جمعة لما لها من أهمية لدى العامة والخاصة من الناس، مما يقتضي أن يكون الخطيب ملماً بل وأكثر من ملم، فيكون فصيحاً بليغاً مفوهاً ذكياً عالماً بأحوال الناس فهو منهم ويعرف بما يتأثرون وكيف يصل إلى قلوبهم وعقولهم بمختلف مستوياتها
-الخطب السياسية: وهي التي تقوم على توجيه الرأي العام من طرف زعيم سياسي أو رئيس حاكم، أو مواطن يدعو لفكرة في قضية وطنية تهم المصلحة العامة للوطن.
الخطبة الاجتماعية: وهي لتي تقوم على التوجيه الاجتماعي والأخلاقي في شؤون التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع في مناسبة من المناسبات.
الخطبة الحربية: وتقوم على استنفار الناس للحرب أو الجهاد أو المقاومة عند مواجهة المعارك، أو مقاومة الأعداء أو دفع الضيم واسترداد الحرية.
ولازالت الخطابة في العصر الحديث ولا سيما في الأدب العربي تحتل مكانتها رغم توفر وسائل أخرى للاتصال بالجماهير وعلى رأسها الصحافة. فالأحزاب السياسية، وزعماؤها، والحكام والناطقون باسمهم، والبرلمانات والمجالس الوطنية وأعضاؤها، والجمعيات المختلفة وموجهوها كلهم يعتمدون على الخطابة في الاقناع والتأثير على الرأي العام في المناقشات والمفاوضات والمؤتمرات.

 

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...