الرئيسية / الاسلام والحياة / كتاب سليم بن قيس الهلالي

كتاب سليم بن قيس الهلالي

كتاب سليم بن قيس الهلالي
التابعي الكبير من أصحاب أمير المؤمنين والإمامين الحسين والإمام زين العابدين والإمام الباقر عليهم السلام
المتوفى سنة 76
كتاب حديثي تاريخي يعتبر أول مصنف وصل الينا من القرن الأول
الجزء الأول
دراسة مستوعبة وتحقيق شامل حول الكتاب والمؤلف
تحقيق
الشيخ محمد باقر الأنصاري الزنجاني الخوئيني

٣ / ٥٥٢

كلمة المحقّق
[ حول تأليف الكتاب ]
هذا الكتاب الّذي بين يديك – عزيزي القارئ – ألّفه رجل السيف والقلم ، التابعيّ الكبير الشيخ أبو صادق سليم بن قيس الهلالي قدّس اللّه روحه . ولقد قام بتأليفه في عصر الإرهاب الفكريّ والعقيديّ الّذي أقيم في المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه وآله والذي منع الناس فيه من تدوين حديث نبيّهم وتاريخ دينهم ومعارفهم الإسلاميّة الصحيحة ، وأقيم عليها الحظر الشديد والمبالغة في الحساب والعقاب عليها ، مضافا إلى عمليّات التشويه والتحريف للحقائق الّتي ساعد عليها الفئة الحاكمة .
فكان أن قام ذلك الرجل المخلص – الّذي قضى عمره الشريف في سبيل دين اللّه في ساحات القتال وميادين العلم والتأليف في ذلك العصر العصيب – يجمع هذا الكتاب في فترة طويلة من الزمان بلغت ستّين عاما من عمره المبارك ، قضاها بين الجمع والتمحيص والتأليف لكثير من الحقائق والأسرار الّتي جرت على أهل البيت عليهم السلام بعد الرسول صلوات اللّه عليه وآله ، والّتي لولاه لكانت اليوم في مطاوي النسيان وفي خزائن الدهر .
وقلّ أن يسمح الزمان لأحد بمثل ما سمح لسليم من الظروف الّتي التقى فيها بأئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام وأصحابهم الأجلّاء أمثال سلمان وأبي ذر والمقداد وغيرهم فاستحصل الجواهر عن معادنها .

٧ / ٥٥٢

وقلّ أن يوجد رجال يغتنمون الفرص ويستثمرونها غاية الاستثمار في سبيل الأهداف النبيلة بحيث لا يدعون الفرص السانحة أن تمرّ عليهم بلا استفادة وبدون عطاء .
وقلّ أن يوجد من يفكّر حول هذه المواضيع العقائدية الهامّة مثل ما فكّر سليم بها وخلّد حقائقها ولم يدعها تفوته دون عمل .
فحقّا كان سليم بن قيس من أصحاب البصائر والتوفيقات الجليلة الّتى منحته الرؤية النافذة والكاملة عمّا جرى في زمانه ومدى تأثير ذلك على الدين ومستقبله ، الّذي صارفى التالي المحك الّذي جعل المسلمين في دائرة الامتحان حيث صار سببا لاختلافهم وافتراقهم إلى تيّارات واتّجاهات مختلفة .
وقام هو بتسجيل كلّ ذلك بدقّة تليق بأهميّة الموضوع تحفّظا على الحقائق وانتصارا للحق وإعلاما وتوعية للأجيال القادمة التي تتبصّر طريقها عبر ما تسمعه أو تقرؤه من الحقائق في صفحات الكتب .
وقلّ أن يوجد في المؤلّفات تأليف مثل كتاب سليم يقرّره عدد من أئمة أهل البيت عليهم السلام وتحتفظ به حملة الحديث وروّاد العلم ، ويقدّر له الخلود ليبقى تراثا خالدا وسفرا حيّا ينبض بالوعي والبصيرة نحو أحداث الماضي وأثرها على المواقف والاتّجاهات في الحياة إلى اليوم .
وقد تمّ تأليف هذا الكتاب في ظروف استثنائيّة شاذّة انتهزها أعداء الإسلام لتشويه الدين الحنيف والتلاعب بالمبادئ والمقدّسات الإسلامية والعبث بالتاريخ الإسلامي وقلب الحقائق عن أساسها تزييفا للأفكار وإضلالا للامّة جمعاء .
وهكذا يشكر اللّه كلّ سعى حسب ما سعى فيه صاحبه ، فإذا كان سليم قد أفنى عمره بأجمعه في سبيل مواليه وأوقف نفسه خادما للّه وعاملا له في أرضه ولم يكن له أكثر ممّا بذله من نفسه وعرضه وماله وعافيته ، فقد خلّد اللّه اسمه وكتابه واستبقاه كأوّل كتاب صنّف في تاريخ الإسلام وقدّر في حكمه وقضائه أن يتحفّظ به رجال أمناء طيلة القرون .
وبذلك استحق سليم أن يكون له الفضل الكبير علينا وعلى الأجيال لما حفظ

٨

لنا من معالم ديننا وبصّرنا بحقائق أمرنا وخفايا دنيانا . واللّه تعالى وأولياؤه المعصومون هم الأعلم بأجره وجزائه والنعيم المقيم الّذي سيناله في الآخرة ، لأنّه بحقّ أحيى ذكر آل محمّد عليهم السلام في الدنيا ونصرهم بقلمه وسيفه .
كما أنّ لأبان بن أبي عيّاش – الناقل الوحيد لهذا الكتاب عن مؤلّفه – حقّ عظيم علينا حيث كان هو الّذي حفظ لنا هذا التراث القيّم في ظروف عصيبة ونقل إلينا هذا النور الوضّاء بالحقيقة والحق طيلة القرون .
فها نحن نأخذ في دراسة مستوعبة في جميع جوانب هذا الكتاب الّذي هو أول كتاب عاش أربعة عشر قرنا منذ تأليفه حتّى اليوم وخاض فيها المصاعب الكثيرة والآلام والمعاناة حتّى وصل إلينا وظلّت حقائقه مكتومة غير مبيّنة .
وسوف نبيّن في غضون الأبحاث مدى أهميّة هذا التأليف وكيفيّة التحفّظ به في ظروف عصيبة ومدى اهتمام العلماء بشأنه وساير ما يرتبط بالكتاب ومؤلّفه ، وبعد ذلك نخرج المتن المنقّح من كتاب سليم بمقابلته على أربع عشرة نسخة من مخطوطاته وبملاحظة تلك الدراسات وعلى أساسها .
وبما أنّ قيمة الكتاب تتطلّب منّا الإسهاب وبذل الجهود في تحقيقه أكثر من أيّ كتاب آخر فقد اجتهدنا في إخراجه بصورة تليق بعظمة الكتاب ومؤلّفه وذلك بعد دراسة وإعداد طويلين ضمن البحوث الّتي تشكّل منها مقدّمة الكتاب .
ملامح عامّة
ولا بأس بذكر بعض الملامح والخطوط العريضة حول هذه البحوث كي يكون القارئ العزيز على علم وإحاطة – ولو مختصرة – عن محتواها قبل الخوض فيها وهي متمثّلة في الخطوات التالية :
الأولى : عرض موجز عن تاريخ مصاحبتي للكتاب منذ بداية معرفتي له إلى هذه النهاية الّتي أنا عليها .
الثانية : لمحة مختصرة عن حياة المؤلّف وتاريخ كتابه من بدو التأليف إلى يومنا هذا .

٩ / ٥٥٢

الثالثة : تفاصيل الدراسة حول الكتاب والمؤلّف . وهي تتضمّن دراسات وبحوث عن حياة المؤلّف من جميع جوانبها من سنة ولادته ووفاته وأسفاره وحروبه ومن التقى بهم وروى عنهم ومن روى عنه ، كما وتحتوي على تحقيقات عن تاريخ تأليف الكتاب ومنهج المؤلّف في تأليفه وأسناد الكتاب ومخطوطاته وكيفيّة وصولها إلينا ومدى تحفّظ علمائنا بها خلال قرون متطاولة .
وتتضمّن أيضا ذكر من روى عن هذا الكتاب وما ورد من كلمات الأئمّة المعصومين عليهم السلام في تقرير الكتاب وما ذكره الأعلام في جميع العصور متّصلا إلى زماننا هذا ، وغير ذلك ممّا جاء في هذا البحث .
وفي الأخير أستعرض منهجي في تحقيق الكتاب وكيفية إخراجه بهذه الصورة الّتي هو عليها بإذن اللّه تعالى .
وبعد ذلك ترى المتن المنقّح المحقّق للكتاب ويتلوه تخريج الأحاديث في فصل خاصّ ، وتقع الفهارس الفنيّة آخر الكتاب .
وكلّ هذه متمثّلة بين يديك في ثلاثة أجزاء :
الجزء الأوّل : يحوي مباحث المقدّمة بأجمعها .
الجزء الثاني : يتضمّن متن الكتاب المحقّق .
الجزء الثالث : يحتوي على التخريجات والفهارس ، وبضمنها الفهرس الموضوعيّ المفصّل .
والرجاء أن يكون عملي المتواضع هذا إحياء لتراثنا الحديثي والتاريخي وتخليدا لذكرى مؤلّفه العظيم وأن أكون قد قدّمت للامّة الإسلاميّة أثرا نفيسا من ذخائر تراث أهل البيت عليهم السلام يلزم الباحثين في الحديث ويرجع إليه المهتمّين بالتاريخ ، وأن يكون عملي القاصر هذا مقبولا لدى موالينا المعصومين صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين .
وكتب محمّد باقر الأنصاري الزنجانيّ الخوئيني بقم المشرّفة في يوم عيد الغدير المبارك من سنة 1413 الهجرية

١٠ / ٥٥٢

مبتنية على ما يكشف عن أوامر اللّه تعالى ونواهيه وهو متمثّل في القرآن العظيم وكلمات الرسول الأعظم والأئمّة المعصومين عليهم السلام بما فيها من العلوم والمعارف ومناهج الأحكام والاعتقادات وجميع المفاهيم الّتي ترتبط بالحياة الإنسانيّة ، وقد نصّ على ذلك الرسول الكريم صلّى اللّه عليه وآله حيث قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما » « 1 » وقد حذّرنا المعصومون عليهم السلام عن أن ننصب رجلا دون الحجّة فنصدّقه في كلّ ما قال « 2 » .
ولكن – ومع الأسف الشديد – فإنّ الأمّة لم يراعوا ما أكّد عليه نبيّهم فتركوا الثّقلين أحدهما أو كلاهما وذهبوا يلعبون بآرائهم في دين اللّه وخاضوا فيه ما خاضوا .
نعم ، كان هناك رجال عرفوا الحقّ وأهله فوردوا مناهله الصافية بعد أن حلّوا بفناء باب الوحي وبيت النبوّة وأهل بيت العصمة ومعدن العلم رغما لأنف الأئمّة الذين كانوا يدعون إلى النار بفتح باب الضلال وسدّ أبواب الهدى .
منزلة القائمين بحفظ معارف الدين وثبت تاريخه
إنّ للرجال الّذين قاموا بنقل تراث أهل البيت عليهم السلام وعلومهم ومعارفهم إلينا ، لهم كلّ الفضل علينا في إراءة الطريق الحسن في الدنيا وحسن العاقبة في الآخرة .
شكر اللّه مساعيهم حيث أحسّوا بالواجب الخطير الّذي كانت تفرضه عليهم الظروف القاسية الّتي يعيشونها وتناديهم به الأجيال ، ولم يكن ذلك إلّا من أجل نصرة الحق ودحض الباطل وإنارة الطريق بالخير والهدى بهداية المعصومين عليهم السلام .
ولا بأس بذكر بعض ما ورد في الأحاديث من الحثّ والتشجيع نحو ثبت كلّ ما يرجع إلى معالم الدين حديثا وتاريخا وغيرهما ، ونقلها والتحفّظ بها ، وذلك ليعلم منزلة هؤلاء وليكون توعية لنا بالوظيفة الخطيرة الّتي على عواتقنا .
( 1 ) – يراجع إحقاق الحقّ : ج 9 ص 309 وج 18 ص 261 .
( 2 ) – يراجع البحار : ج 2 ص 82 .

١٧ / ٥٥٢

تم نسخ النص المحدد في الحافظة
يرجى التأكد من اتصال الإنترنت.
اكتمال عملية التنزيل
لا يمكن الحصول على المعلومات، يرجى المحاولة مرة أخرى.
كتاب سليم بن قيس الهلالي ، ج ١
سليم بن قيس الهلالي الكوفي
١٧

شاهد أيضاً

أوضاع المرأة المسلمة ودورها الإجتماعي من منظور إسلامي

١٩٥ جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها. وتضمن بوجه خاص ألاّ يترتّب على الزواج من ...