الرئيسية / من / طرائف الحكم / مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم 09

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم 09

جاءا عليا وبايعاه طمعا أن تكون لكل واحد منهما ولاية، فلما لم يكن ذلك وأيسا من الولاية نكثا بيعته، وخرجا عليه، حتى آل أمر كل واحد منهما إلى ما يؤول أمر من ينكث العهود والمواثيق.
ثم قام مولانا الحسن بن علي (عليه السلام) لصلاته، وقام القائم (عليه السلام) معه فرجعت من عندهما وطلبت أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا، فقلت ما أبطأك وما أبكاك؟ قال: قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره، قلت: لا بأس عليك فأخبره فدخل عليه وانصرف من عنده متبسما، وهو يصلي على محمد وأهل بيته فقلت: ما الخبر؟ فقال وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلي عليه قال سعد فحمدنا الله جل ذكره على ذلك وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا (عليه السلام) أياما فلا نرى الغلام بين يديه.
فلما كان يوم الوداع، دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا فانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال: يا بن رسول الله قد دنت الرحلة، واشتدت المحنة، فنحن نسأل الله أن يصلي على المصطفى جدك، وعلى المرتضى أبيك، وعلى سيدة النساء أمك، وعلى سيدي شباب أهل الجنة عمك وأبيك، وعلى الأئمة الطاهرين من بعدهما آبائك، وأن يصلي عليك وعلى ولدك، ونرغب إليه أن يعلي كعبك، ويكبت عدوك، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك، قال: فلما قال هذه الكلمة استعبر مولانا حتى استهملت دموعه، وتقاطرت عبراته.
ثم قال: يا بن إسحاق لا تكلف في دعائك شططا، فإنك ملاق الله في صدرك هذا، فخر أحمد مغشيا عليه فلما أفاق قال: سألتك بالله وبحرمة جدك إلا ما شرفتني بخرقة أجعلها كفنا فأدخل مولانا (عليه السلام) يده تحت البساط، فأخرج ثلاثة عشر درهما، فقال: خذها ولا تنفق على نفسك غيرها، فإنك لن تعدم ما سألت، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. قال سعد:
فلما صرنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا (عليه السلام) من حلوان على ثلاثة فراسخ، حم أحمد بن إسحاق، وثارت عليه علة صعبة أيس من حياته فيها، فلما وردنا حلوان، ونزلنا في بعض الخانات، دعا أحمد بن إسحاق رجلا من أهل بلده كان قاطنا بها.
ثم قال: تفرقوا عني هذه الليلة واتركوني وحدي، فانصرفنا عنه، ورجع كل واحد منا إلى مرقده. قال سعد: فلما حان أن ينكشف الليل عن الصبح، أصابتني فكرة، ففتحت عيني،
(٢٨)
فإذا أنا بكافور الخادم، خادم مولانا أبي محمد (عليه السلام) وهو يقول أحسن الله بالخير عزاكم، وختم بالمحجوب رؤيتكم، قد فرغنا من غسل صاحبكم، ومن تكفينه، فقوموا لدفنه، فإنه من أكرمكم محلا عند سيدكم، ثم غاب عن أعيننا فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والنحيب والعويل حتى قضينا حقه وفرغنا من أمره رحمه الله.
– ومنها (1) ما رواه ثقة الإسلام في الكافي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام): أترون الموصي منا يوصي إلى من يريد؟ لا والله ولكن عهد من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) لرجل فرجل حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه.
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أن إمامة مولانا وسيدنا الحجة بن الحسن العسكري صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه ثابتة بكلا الطريقين، أعني بالنص، والمعجزة المتواترين، فلنذكر نبذا منها في فصلين، لئلا يكون هذا الكتاب خاليا عن الدليل والله يقضي بالحق وهو يهدي السبيل، وهو حسبي ونعم الوكيل.

١ – الكافي: ١ / 277 باب أن الإمامة عهد من الله ح 2.
(٢٩)
الفصل الأول في نبذة من الأحاديث المتواترة الدالة على إمامته (عليه السلام) بالخصوص – فمنها (1) ما رواه ثقة الإسلام في الكافي في الصحيح عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) قال أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعه الحسن بن علي (عليه السلام) وهو متك على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام، فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين، فرد عليه السلام فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين: أسألك عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضى عليهم، وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم وإن تكن الأخرى، علمت أنك وهم شرع سواء.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سلني عما بدا لك. قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين يذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟
فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحسن فقال يا أبا محمد، أجبه، قال: فأجابه الحسن (عليه السلام) فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم أزل أشهد بذلك،
وأشهد أنك وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) والقائم بحجته وأشار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه، والقائم بحجته، وأشار إلى الحسن (2) وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده، وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد على محمد

١ – الكافي: ١ / 525 باب ما جاء في الاثني عشر ح 1.
2 – وفي نسخة ثانية بعد والقائم بحجته: وأشار إلى أبي محمد الحسن، وأشهد أن أبا محمد وصي أبيه والقائم بحجته بعدك.
(٣٠)

شاهد أيضاً

صفي الدين: مسيرات عملية “يوم الأربعين” وصلت إلى أهدافها والعدو حائر أمام خياراته الواهية

أكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، أن المجاهدين يخوضون المعركة ...