الرئيسية / الاسلام والحياة / وصول الأخيار إلى أصول الأخبار

وصول الأخيار إلى أصول الأخبار

تقولن الا حقا “. وأيم الله لو خاطب المثل لمثله بذلك لعد مسيئا ” للادب، بل هذا يدل على أنها تعتقد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد يقول غير الحق. وروى البخاري في صحيحه عن نافع عن ابن عمر قال: قام النبي (ص) خطيبا ” فأشار نحو مسكن عائشة وقال: الفتنة ههنا – ثلاثا ” – حيث يطلع قرن الشيطان. وروى فيه أيضا ” قال: خرج النبي (ص) من بيت عائشة وقال: رأس الكفر من ههنا حيث يطلع قرن الشيطان. (فصل) وهذا الذي نقلناه من الكتاب العزيز والسنة الصحيحة عندهم من مدائح الفريقين ومذامهما قليل من كثير ونزر حقير من جم غفير، يعلم صدق ذلك من طالع صحاحهم وصحاحنا وكتب المناقب والثالب والسير والاخبار لنا ولهم. وحيث أنهم نقلوه في صحاحهم وغيرها لم يكن لهم سبيل الى انكاره، ولهذا تمحلوا للجواب عنه بما يصغر [ عن النقل ] (1) ويحكم بفساده من له أدنى عقل، وهو في الحقيقة يفيد العلم بعدالة الفرقة الاولى وصلوحهم لاخذ معالم الدين عنهم، ويفيد العلم بفسق الفرقة الثانية أو كفرها، لانه من قبيل التواتر معنى. خصوصا ” ومن ذكرناهم هم أفضل الصحابة عندهم فما ظنك بالمفضول. سلمنا أنه لا يفيد العلم فهو يفيد الظن الغالب، فكيف يعدل عنه الى الوهم بغير

  1. الزيادة من المخطوطة.

[ 84 ]

دليل. سلمنا أن جميع ما نقلوه فيها كذب فكيف نصنع بالكتاب العزيز وكيف تركن النفس حينئذ الى صدق باقي ما نقلوه. ونحن بحمد الله قد أفادنا الكتاب العزيز والسنة الثابتة عندهم والاحاديث الصحيحة عندنا الكثيرة المستفيضة بل المتواترة معنى والبراهين القاطعة المقررة في الكلام علما ” ضروريا ” بعصمة الفرقة الاولى فضلا عن عدالتها وبكفر الفرقة الثانية فضلا عن فسقها بحيث لا نشك فيه ولا نمتري. ولو تنزلنا وسلمنا أنه في نفس الامر ليس كذلك لمن نكن مأئومين، حيث أن هذا هو الذي أدانا إليه اجتهادنا، ولا يكلف الله نفسا ” الا وسعها (1). والعجب كيف جوزوا الاجتهاد في تخلف ابى بكر وعمر عن جيش أسامة وقد لعن النبي صلى الله عليه وآله من تخلف عنه، وفي احراقهما بالنار بيت علي وفيه علي وفاطمة والحسنين وهم أهل البيت الذين طهرهم الله وحث النبي على التمسك بهم واكد في الوصية بهم، وفي سفك الصحابة بعضهم دم بعض، وسفك طلحة والزبير وعائشة دماء الانصار والمهاجرين وقتال أمير المؤمنين عليه السلام، وفي قتال معاوية وسفك دمه ودم من معه من الانصار والمهاجرين ولم يجوزوا لائمتنا وأكابر علمائنا الاجتهاد في سبهم والعدول عما نقلوه من أحكام الدين الى ما نقلوه عن أهل البيت المطهرين بعد ما نقلوه في شأن الفريقين من الامر الواضح البين. وبالجملة لما رأينا الاله العظيم ورسوله الكريم قد مدحا أهل البيت وأمرا بالتمسك بهم كما ذكرناه ذما عامة أصحابه ونصا على ارتدادهم بعده بما نقلناه تمسكا ” بأهل البيت المطهرين الذين أخبر النبي صلى الله عليه وآله أن المتمسك

  1. سورة البقرة: 286.

[ 85 ]

بهم لن يضل أبدا ” ونقلنا أحاديثهم وأخذنا معالم شرعنا عنهم ورفضنا عامة أصحابه وطرحنا منا تفردوا بنقله، الا من علمنا منه الصلاح كسلمان والمقداد وعمار بن ياسر وأبى ذر وأشباههم من أتقياء الصحابة وأجلائهم المقررين في كتب الرجال عندنا ممن لم يخل عن أهل البيت طرفة عين أو رجع إليهم عند ما ظهر له الحق، وعليهم حملنا ما جاء في القرآن العزيز والسنة المطهرة من المدح للصحابة على سبيل الاجمال، فاستقام لنا في الجمع بين مدحهم وذمهم الحال، واهتدينا بذلك من فضل الله الى سواء الطريق، والله ولي التوفيق. (اصل) وأصولنا الخمسة (الكافي) و (مدينة العلم) وكتاب (من لا يحضره الفقيه) و (التهذيب) و (الاستبصار) قد احتوت على اكثر الاحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وآله والائمة المعصومين عليهم السلام عندنا و أهمها بحيث لا يشذ عنها الا النزر القليل. وجمعت من الاحاديث الصحيحة و غيرها مما قد اشتمل على الاحكام العلمية والعملية والسنن والاداب والمواعظ والادعية والتفسير ومكارم الاخلاق ما لا يكاد يحصى ولا يوجد في سواها. أما كتاب (الكافي) فهو للشيخ ابى جعفر محمد بن يعقوب الكليني (ره) شيخ عصره في وقته ووجه العلماء والنبلاء. كان أوثق الناس في الحديث وأنقدهم له وأعرفهم به. صنف الكافي وهذبه وبوبه في عشرين ستة، وهو مشتمل على ثلاثين كتابا “، تحتوي على ما يحتوي عليه غيره مما ذكرناه من العلوم، حتى أن فيه ما يزيد

[ 86 ]

على ما في الصحاح الست للعامة متونا ” وأسانيد، وهذا لا يخفى على من نظر فيه وفيها. توفي هذا الشيخ (ره) ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وقيل سنة تسع وعشرين سنة تناثر النجوم، ودفن في باب الكوفة بمقبرتها في صراط الطائي. قال الشيخ أبو عبد الله احمد بن عبدون (ره): رأيت قبره في صراط الطائي وعليه لوح مكتوب عليه اسمه واسم أبيه. رحمه الله تعالى. وأما كتاب (مدينة العلم) و (من لا يحضره الفقيه) فهما للشيخ الجليل النبيل ابى جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ره)، وكان هذا الشيخ جليل القدر عظيم المنزلة في الخاصة والعامة، حافا ” للاحاديث بصيرا ” بالفقه والرجال والعلوم العقلية والنقلية ناقدا ” للاخبار، شيخ الفرقة الناجية وفقيهها وجهها بخراسان وعراق العجم. وله أيضا ” كتب جليلة، منها كتاب (دعائم الاسلام) وكتاب (غريب حديث النبي والائمة عليهم السلام) وكتاب (ثواب العمال وعقبها) وكتاب (التوحيد) وكتاب (دين الامامية) الى نحو ثلاثمائة مصنف. لم ير في عصره مثله في حفظه وكثيرة علمه، ورد بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، ومات في الري سنة احدى وثمانين وثلاثمائة. رحمه الله تعالى. وأما كتاب (التهذيب) و (الاستبصار) فهما لامام وقته وشيخ عصره ورئيس هذه الطائفة وعمدتها بل رئيس العلماء كافة في وقته ابى جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (ره). حاله وجلالة قدره أوضح من أن يوضح، اعترف بفضله وغزارة علمه

[ 87 ]

وعلو شأنه الخاصة والعامة. ولد في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وقدم العراق سنة ثمان وأربعمائة، وتوفي ليلة الاثنين ثاني عشر المحرم سنة ستين وأربعمائة بالمشهد الشريف الغروي على مشرفه السلام، ودفن بداره، وقبره الان هناك معروف. رحمه الله تعالى.

شاهد أيضاً

آداب الصلاة 4 الشيخ حسين الكوراني