الامامية وفقه السياسية د. عبد الستار جبار الجابري

الامامية وفقه السياسية د. عبد الستار جبار الجابري

الحلقة السادسة

فقه السياسة في عصر الغيبة4

وبحلول القرن العاشر الهجري ظهرت الدولة الصفوية فحصل تحول كبير في الواقع السياسي الشيعي، فالامارات والدول الشيعية التي ظهرت قبل الدولة الصفوية كانت ترتبط بشكل او بآخر بدولة من الدول فالحمدانيين والاسديين ارتبطوا بالدولة العباسية، والايلخانيين بالدولة المغولية والجلائريين والقره قوينلو بالدولة المملوكية، والسربدارية بالدولة التيمورية، اما الدولة الصفوية فكانت دولة مستقلة لم ترتبط بدولة اخرى بحيث يكون حكامها تابعين لدولة اكبر، بل شكلوا امبراطورية في ايام توسعها امتدت من العراق والخليج غربا حتى حدود الصين شرقاً وروسيا شمالاً وضمت شمال القارة الهندية. وكان لفقهاء جبل عامل دور كبير في ادارة الشؤون الدينية في الدولة الصفوية وكان للشيخ البهائي أمر القضاء ومنصب شيخ الاسلام، ثم تبعه العديد من الفقهاء على ذلك، فكان حضورهم في الواقع السياسي للدولة اكثر اثراً ودورهم اكثر وضوحاً، وتقلدوا مناصب رسمية في الدولة مع حفاظهم على الاستقلال عن السلطة الزمنية فلم يكونوا موظفين في البلاط بل كانت لهم مكانة خاصة ومقاماً عظيماً فرضته طبيعة الظروف الفكرية والسياسية التي كانت تحيط بالدولة الصفوية، ولذا لم يكن بين الفقهاء العظام الذين كان لهم حضور بارز في الدولة الصفوية من يفتي طبق هوى الحكام بل كان المناط لديهم حكم الشرع المقدس وحفظوا استقلال الجانب الديني عن السلطة، فلم تظهر بينهم طبقة ما اطلق عليه عند غيرهم وعاظ السلاطين.