التأسي بأخلاق النبي الأكرم (ص)
بسم الله الرحمن الرحيم
التأسي برسول الله (صلى الله عليه وآله)
من دواعي التأسي بالنبي (ص) الشفقة العظيمة على الخلق. إن هذه الرواية التي نحن بصدد بيانها رواية تبين مدى هذه الشفقة. وأنا عندما أصل لهذه الرواية أقول: يا رسول الله فديناك بشفقتك هذه. وإذا ذهبت للروضة أو كنت في عمرة أو في حجة تذكر هذه الرواية. تذكر الرواية أنه عندما رمي النبي (ص) بالحجر، ووقع الحجر في جبينه جرى الدم على وجهه. ماهو ذنب النبي (ص) حتى يعامل بهذه المعاملة الجافية؟ إنه كان يقول: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا. تقول الرواية: إن النبي (ص) دمعت عيناه شفقةً على الناس؛ فالنبي (ص) له عنوانه الرسالي، وعندما يهان أو عندما يرمى بحجر أو عندما ينعت بالمجنون؛ فهذا كله يعود إلى توهين السماء.
إن خديجة (س) أم المؤمنين لما رأت النبي (ص) ودموعه تجري والنبي (ص) يرجع دموعه على خده لئلا تتقاطر على الأرض قالت: يا رسول الله، لماذا لا تدع دموعك تسقط على الأرض؟ فقال لها فدته نفوسنا بما هو مضمونه: أخشى من العذاب الإلهي أن يحل بهم لو نزلت دمعتي وسقطتت على الأرض. إنه يحبس دمعته رفقا بقومه؛ فإنهم لا يعلمون. ولو كانت هذه شفقته بأعدائه وبمن رماه بحجر؛ فكيف بشفقته بمن يلهج بالصلاة عليه؟
الصمت من صفات النبي (صلى الله عليه وآله)
إن الحسين (ع) وهو حفيد النبي (ص) بل قل: ابن النبي (ص) وسبطه سأل أباه أمير المؤمنين (ع) عن جده المصطفى كيف كان خلقه؟ إن أمير المؤمنين (ع) في رواية مفصلة – أنقل بعض الفقرات منها ومن أراد المزيد فليراجع كتاب البحار للعلامة المجلسي باب أخلاق النبي (ص) – يقول: (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلاَّ فِيمَا يَعْنِيهِ)[١]. فيلحاول كل واحد منا شهرا من الزمان؛ أن يتكلم فيما لابد منه، ويترك الهذر في القول. لا تتكلم في كل ما هب ودب؛ ثم انظر إلى قلبك بعد شهر لترى نوراً في قلبك.
إن أحد المؤمنين قال لي: في سفرة من سفرات الحج؛ آليت على نفسي أن لا أتكلم بشيء وأن أكون صامتاً إلا في الواجب وفي الكلام اللازم – وممكن ذلك في موسم الحج لأنها فترة قصيرة – يقول: تلك الحجة كانت مميزة. جرب ذلك ولا تقل: إنني أخاف أن ابتلى بالضيق والكآبة. بل العكس من ذلك؛ فقد روي : (مَنْ كَثُرَ كَلاَمُهُ كَثُرَ خَطَؤُهُ وَمَنْ كَثُرَ خَطَؤُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ)[٢]. إن من لا يتكلم كثيرا فهو على جادة الصواب.
التأليف بين المؤمنين
ثم يقول (ع): (وَيُؤَلِّفُهُمْ وَلاَ يُفَرِّقُهُمْ أَوْ قَالَ وَلاَ يُنَفِّرُهُمْ). إنني أُكبر المؤمن الذي لا يتحمل نزاعا بين أخويه المؤمنين. يقولون: فلان له نزاع مع فلان، فيتألم ويقول: هل لي من دور؟ هل تأذن لي أن أكلمه؟ يعني أنا لا أتحمل مؤمناً يقاطع مؤمناً. إن هذا القلب المرهف هو قلب مقدس. إن المؤمن يتفقد أصحابه؛ فالذي لا يسأل عن جاره إذا غاب ولا يسئل عن صاحبه في المسجد عند غيابه فليس متصفا بهذه الصفة من صفات النبي (ص).
ذكر الله على كل حال
ثم يقول (ع): (لاَ يَجْلِسُ وَلاَ يَقُومُ إِلاَّ عَلَى ذِكْرِ اَللَّهِ جَلَّ اِسْمُهُ). لقد رأيت في رواية أن النبي (ص) لم يكن يقوم من مجلس وإن خف إلا واستغفر الله بعدد ملفت. فعادة الأعداد المقدسة هي السبعة والأربعون والسبعون ولكن الرواية النادرة تقول: استغفر الله خمساً وعشرين مرة. ولماذا هذا العدد بالذات؟ لا ندري. ومن صفات النبي (ص): (مَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلاَّ بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ اَلْقَوْلِ). فلو سألك سائل أو طلب منك شفاعة لا تقدر عليها، قل له: يا فلان، سأخصك بالدعاء في جوف هذه الليلة وهذا هو الميسور من القول. ومن صفاته أنه: (دَائِمَ اَلْبِشْرِ).أي كان بشره في وجهه وحزنه في قلبه.
خلاصة المحاضرة
- لقد رأيت في رواية أن النبي (ص) لم يكن يقوم من مجلس وإن خف إلا واستغفر الله بعدد ملفت. فعادة الأعداد المقدسة هي السبعة والأربعون والسبعون ولكن الرواية النادرة تقول: استغفر الله خمساً وعشرين مرة. ولماذا هذا العدد بالذات؟ لا ندري.
- إنني أُكبر المؤمن الذي لا يتحمل نزاعا بين أخويه المؤمنين. يقولون: فلان له نزاع مع فلان، فيتألم ويقول: هل لي من دور؟ هل تأذن لي أن أكلمه؟ يعني أنا لا أتحمل مؤمناً يقاطع مؤمناً. إن هذا القلب المرهف هو قلب مقدس.