قصص المعصومين (عليهم السلام )

وصـار(ع ) يـجتمع بهم على شكل حلقات في مسجد المدينة .. وقد اءطلق بعضهم على هذه الحلقات اسـم الـجـامـعـة لا نها تجمع بين الحين والاخرالمئات من مختلف الاقطار لدراسة الفقه والحديث والـفـلـسـفـة والتفسيرواللغة وغير ذلك من مختلف العلوم .. وقد اءرسلت بعض المدن مثل الكوفة .
والـبصرة .. وواسط.. والحجاز الى هذه الجامعة اءفلاذ اءكبادها..وهي الان على وشك اءن يتخرج منها كبار العلماء والمحدثين والرواة .
– من هو الحاكم الاموي في زمنكم هذا.. ؟ – الحاكم الان هو عبدالملك بن مروان .. وقد حاول هذا اءن يكون اءقل عنفامن اءسلافه مع العلويين .
فـكـتـب الى عامله في الحجاز كتابا جاء فيه :-(جنبني دماء آل اءبي طالب ) وقد تصورنا في بداية الامـر اءنـه اءدرك مـدى الاسـتـيـاء الـذي خـلـفـته سياسة معاوية وولده يزيد.. وما ترتب عليها من الانتفاضات في مختلف انحاء الدولة .. ولكن ما ظهر بعد ذلك هو اءن لعبدالملك بن مروان منافسا في الـحـجاز يدعى ابن الزبير.. وقد كانت له اءطماع اتسعت الى العراق وغيره من المناطق .. وبعد اءن تـمـكـن عبدالملك من القضاء على خصمه .. كتب الى عماله فاءمرهم بالشدة والقسوة على شيعة اءهل الـبـيـت (ع ) واءمر الحجاج بالذهاب الى العراق قائلا له : (احتل لقتلهم ..فقد بلغني عنهم ما اءكره .
واذا قـدمـت الـى الـكوفة .. فطاءها وطاءة يتضاءل لهااهل البصرة ).. وراح يراقب جميع التحركات والتصرفات .
– انـا قـراءت عـن الـحـجـاج .. فعرفت اءن له مواقف لم يحدث التاريخ باءسواءمنها مع الائمة (ع ) وشيعتهم .. وخاصة شيعة العراق .. وبما اءن الحجاج يعمل بامرة عبدالملك بن مروان فمعنى هذا اءنه فعل ما فعله بدفع منه .
– هذا صحيح .
– يا اءخي هناك اءمر يحيرني .. وهو حينما تنبه عبدالملك بن مروان الى قرطاس من النقود كان يحمل طرازا من كلمات كتبت باللغة الرومية .. اءمر بترجمتهاالى العربية .. فقيل له ان مـعناها : (اءب – ابن – وروح القدس ) فاءغضبه هذا الامر.. فكتب الى عامله على مصر وهو اءخوه عبدالعزيز بن مروان ..ياءمره بابطال ذلك الطراز.. وياءمر صناع القراطيس ان يطرزوها بسورة من الـقـرآن .. وكـذلك كتب الى عماله في الافاق .. ياءمرهم بابطال القراطيس المطرزة بطراز الروم .
ومعاقبة من وجد عنده بعد هذا النهي شي ء منهابالضرب والحبس الطويل .
– لـقـد فهمت قصدك يا اءخي ما اءكثر الذين يهتمون بمظاهر الاسلام دون جوهره .. وعبدالملك بن مروان واحد منهم .
– ورغم ان ملك الروم حاول التاءثير عليه الا اءنه لم يظهر تساهلا . واءخـيـرا هـدده مـلـك الـروم بـاءنـه سينقش شتم النبي محمد(ص ) كطراز على جميع الدراهم والدنانير.. ترى كيف يمكن لدولة كدولة الروم ان تتدخل في اءموردولة اءخرى بما يخص عملتها النقدية التي تتعامل بها.. ؟ – هذا لا ن دولتنا لم يكن لها عملة خاصة تتعامل بها.. فجميع الدراهم والدنانير كانت تصنعها وتنقشها دولة الروم في مصر.. وبما اءنها دولة نصرانية فهي تنقشها بطراز مسيحي .
– وعندها وجد عبدالملك بن مروان نفسه اءمام مشكلة لا يستطيع حلها..ومازق لا يستطيع الخروج مـنـه .. وقـد اسـتـشار جميع من حوله .. فلم يجدحلا .. واءخيرا اءشير عليه باءن يستشير الامام محمدابن علي الباقر(ع ).. فاءشارعليه الامام الباقر(ع ) بان يصنع من الذهب والفضة المتيسرة داخل البلادقطعا نقدية .. وينقشها بطراز اسلامي .. ووضع له خطة يستحيل معهاالتلاعب في وزن الدراهم والدنانير.
– هذا صحيح .. ومنذ ذلك التاريخ اءصبحت لنا عملة نتداولها داخل البلاد. – ولـكـن كـيف اءقدم الامام محمد بن علي الباقر(ع ) على مساعدة حاكم ظالم اءخرجه من اءزمته .
وحل له مشكلة كادت تقضي عليه .. ؟ – الجواب هنا بسيط جدا.. ولا يحتاج الى تفكير.. هذا لا ن اءي ا مـام معصوم يضع مصلحة الاسلام فوق كل اعتبار.. فعندما وجد الامام محمد الباقر(ع ) اءن مصلحة الاسـلام تقتضي مساعدة عبدالملك بن مروان في مشروع تغيير العملة النقدية .. بادر الى ذلك لا من اءجله وانما من اءجل مصلحة الاسلام والمسلمين .
وبعد ذلك ابتسم الشاب ابتسامة عريضة وهو يقول لي :
– هل توجد لديك اسئلة اءخرى .. ؟ – اءشكرك يا اءخي على ما بذلته معي من مجهود.. اءستودعك اللّه .
– رافقتك السلامة .
وبعد اءن ودعت الشاب .. وجدت نفسي اءغلق الكتاب الذي كان بين يدي .. وكاني كنت في حلم ..
الامام الصادق (ع ) تساؤل .. كـان ولدي حامد ينظر الي وانا اقرا في كتاب يتحدث عن الامام جعفر بن محمد الصادق (ع ) وفجاة – ابي اريد التحدث اليك .
هكذا قال لي ولدي حامد.. وقد شاهدته ينهض من مكانه ليجلس بجانبي تماما.. فقلت له وانا ابتسم في وجهه البري ء : ـ بم تريد ان تتحدث ياحامد.. ؟ – لقد خطر في بالي سؤال وانا اتامل اسم الامام جعفر بن محمدالصادق (ع ) على غلاف الكتاب .
فقلت له بعد ان اغلقت الكتاب ووضعته على المنضدة امامي :
– تفضل .
– لماذا سمي مذهبنا بالمذهب الجعفري .. ؟ – نسبة الى الامام جعفر بن محمد الصادق (ع ) . – ولماذا نسب مذهبنا الى الامام جعفر بن محمد الصادق (ع ) دون غيره من الائمة (ع ) ؟ تـاملت وجه ولدي حامد وقد غمرتني سعادة عظيمة حين شاهدت عليه كل هذا الاهتمام في معرفة هـذه الامـور الـمهمة .. فاجبته باحترام ومودة كي اشجعه على مواصلة حديثه معي : ـ هذا لانه في زمـن الامـام الصادق (ع )ظهرت عدة مذاهب .. نسبت الى اسماء مؤسسيها والقابهم .. كالمذهب المالكي لمالك بن انس .. والمذهب الحنبلي لاحمد بن حنبل .. والمذهب الحنفي لابي حنيفة .. والمذهب الشافعي لـلـشافعي .. ولاجل تمييز مذهبنا عن هذه المذاهب عرف بالمذهب الجعفري .. نسبة الى الامام من آل الرسول (ص )الذي شهد ظهور هذه المذاهب وهو الامام جعفر بن محمد الصادق (ع ) . – لـكـن يـا ابي نحن نعرف ان الائمة من اهل بيت النبي محمد(ص ) هم معصومون ومنزهون .. وقد نـصـت على ذلك بعض آيات القرآن الكريم ..واحاديث الرسول (ص ) ومن خلال ذلك نعرف ان اهل البيت (ع ) هم احق بالامامة من غيرهم .. فما هو دور الامام جعفر الصادق (ع ) ازاء هذه المذاهب .. ؟ – وسـط هذه المذاهب مارس الامام الصادق (ع ) مهماته ومسؤولياته العلمية والعقائدية كامام واستاذ وعـالـم فذ لا ينافسه اي استاذ او صاحب معرفة ..فقد كان قمة شامخة ومجدا فريدا.. فجر ينابيع الـمـعـرفـة .. وافـاض الـعلوم والمعارف على علماء عصره .. فكان اساسا وقاعدة علمية وعقائدية مـتـيـنـة ثـبـت عـلـيـها بناء الاسلام .. واتسعت آفاقه ومداراته .. وكيف لا يكون كذلك وعلمه علم رسـول اللّه (ص ) ودوره امـتـداد لرسالته .. فقام بمهماته الشرعية كامام مسؤول عن نشر الشريعة وحفظ اصولها.. وقد ساهم كذلك في زمن ابيه الامام محمد الـبـاقر(ع ) في تاسيس جامعة اهل البيت (ع ) في المسجد النبوي .. وقام مع والده الباقر(ع ) بنشر العلم والمعرفة بين الفقهاء والمفسرين والمحدثين ورواد العلوم الذين كانوا يفدون عليهما لينهلوا من هـذا الـمـورد العذب .. وقدكان مؤسسو المذاهب يعترفون بحق آل البيت (ع ) ويشيدون بهم .. فهذا امام الشافعية محمد بن ادريس ينشد بحقهم (ع ) , فيقول : ـ يا آل بيت رسول اللّه حبكم —– فرض من اللّه في القرآن انزله كفاكم من عظيم الشان انكم —– من لم يصل عليكم لا صلاة له فـقال حامد بفرح شديد : ـ حقا يا ابي .. ؟ حصل ايضا في زمن الامام جعفر الصادق (ع )..؟ – كذلك شهد زمن الامام الصادق (ع ) سقوط الدولة الاموية على يدالعباسيين .
– وكيف تمكن العباسيون من اسقاط الحكم الاموي .. ؟ – يرجع ذلك الى سببين .. الاول : هو معرفة العباسيين بما في قلوب الناس من بغض وحقد وكراهية لـلامويين بسبب ما عانوه من ظلم واضطهادوقتل وكوارث طوال فترة حكم الامويين .. الامر الذي سيدفعهم الى القتال ضدهم لو نشبت الثورة .. والسبب الثاني : هو حينما نشبت الثورة ..اعلن العباسيون انـهم لم يفعلوا هذا الا لنيل رضا رسول اللّه (ص ) وذلك بعودة الخلافة الى آل بيت الرسول (ص ).
وبـما ان اهل البيت (ع ) كانوا هم الطليعة والقيادة والشعار المحبوب لدى جماهير الامة .. فقد بدات الحركة ضدالحكم الاموي باسمهم (ع ) , وقد كان الامام جعفر الصادق (ع ) محيطا بجميع الاحداث .
لـذلـك حذر شيعته من الاندفاع خلف هذه الشعارات الزائفة الخداعة .. وبين لهم النتائج التي ستنتهي اليها الاحداث .. وبعد ان انتهت المعركة لصالح العباسيين .. وتمكنوا من تاسيس دولـتـهم .. ظهر واضحا للجميع صدق الامام جعفر بن محمد الصادق (ع ) بعدان اصبح آل البيت (ع ) وشيعتهم ضحية لظلم واضطهاد هذه الدولة حتى انشد احد الشعراء قائلا : ـ ياليت جور بني مروان دام لنا —– وليت عدل بني العباس في النار