في فضل العلم و التعليم و التعلّم.
ساعتين مضت
كلامكم نور
6 زيارة
العلم فلو كان شيء أفضل من العلم و أنفس لكان اقترانه بالأكرميّة المؤدّاة بأفعل التفضيل أولى و بني اللّه سبحانه قبول الحقّ و الأخذ به على التذكّر به، و التذكّر على الخشية و حصر الخشية في العلماء فقال: «سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى»، «و إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» و سمّى اللّه تعالى العلم بالحكمة و عظّم أمر الحكمة فقال: «وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً» [1] و حاصل ما فسّروه في الحكمة مواعظ القرآن و العلم و الفهم و النبوّة في قوله تعالى: «وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ»، «وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [2]»، «فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ» [3] و الكلّ يرجع إلى العلم و رجّح العالمين على من سواهم فقال سبحانه و تعالى: «هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ».
و قرن في كتابه العزيز بين عشرة: بين الخبيث و الطيّب «قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَ الطَّيِّبُ [4]» و بين الأعمى و البصير، و الظلمة و النور، و الظلّ و الحرور، و الحياة و الموت، و إذا تأمّلت تفسير ذلك وجدت مرجعه جميعا إلى العلم، و قرن سبحانه أولي العلم بنفسه و ملائكته فقال: «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ» و زاد في إكرامهم على ذلك أي الاقتران المذكور بقوله: «وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» [5] و بقوله تعالى: «قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ» و قال تعالى: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ» و قد ذكر اللَّه سبحانه و تعالى الدّرجات لأربعة أصناف للمؤمنين من أهل بدر «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ- إلى قوله-: لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ» [6] و للمجاهدين «وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ … عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً» [1]و لمن عمل الصالحات «مَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى» [7] و للعلماء في قوله تعالى:
[1] النساء: 95 و فيه «فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً».
[1] البقرة: 269.
[2] مريم: 12.
[3] النساء: 54.
[4] المائدة: 100.
[5] آل عمران: 7.
[6] الأنفال: 2.
[7] طه: 75.
«يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ» ففضّل أهل بدر على غيرهم من المؤمنين بدرجات و فضّل العلماء على جميع الأصناف بدرجات، فوجب كون العلماء أفضل الناس، و قد خصّ اللَّه سبحانه في كتابه العلماء بخمس مناقب: الأوّل الإيمان «وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا»، الثاني التوحيد «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ» الثالث البكاء و الحزن «إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ- إلى قوله-: وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ [1]» الرابع الخشوع «إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ- الآية-»، الخامس الخشية «إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» و قال تعالى مخاطبا لنبيّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم آمرا له مع ما آتاه من العلم و الحكمة: «وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [2]» و قال تعالى: «بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [3]» و قال تعالى: «وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ».
فهذه نبذة من فضائله الّتي نبّه اللَّه تعالى عليها في كتابه الكريم.
(فصل) [و أمّا الأخبار]
[نبويات في فضائل العلم من طريق العامة]
قال أبو حامد- رحمه اللَّه-: «و أمّا الأخبار
قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «من يرد اللَّه به خيرا يفقّهه في الدّين و يلهمه رشده [4]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «العلماء ورثة الأنبياء [5]»
و معلوم أنّه لا رتبة فوق رتبة النبوّة فلا شرف فوق شرف الوراثة لتلك الرّتبة.
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «يستغفر للعالم ما في السماوات و الأرض[1]»
و أيّ منصب يزيد
[1] رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 34، و الصدوق في الأمالي ص 37 و فيها
«من في السماء و الأرض»
، و أخرجه أبو داود في سننه كما في المتن ج 2 ص 285
[1] الإسراء: 107.
[2] طه: 114.
[3] العنكبوت: 49.
[4] أخرج شطره الأوّل ابن ماجة في سننه تحت رقم 220، و البغوي في المصابيح ج 1 ص 20. و مع شطره الثاني الطبراني في مسنده الكبير كما في مجمع الزوائد ج 1 ص 121، و البزاز أيضا كما في الترغيب ج 1 ص 92. و نقله العلامة المجلسي في البحار عن غوالي اللئالي.
[5] الكافي ج 1 ص 32، و أخرجه ابن ماجة تحت رقم 223، و أبو داود ج 2 ص 285 و الترمذي في حديث طويل من أبي الدرداء في أبواب العلم.
على منصب من يشتغل ملائكة السموات و الأرض بالاستغفار له و هو مشغول بنفسه و هم مشغولون بالاستغفار له.
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «إنّ الحكمة تزيد الشريف شرفا و ترفع المملوك حتّى يجلس مجالس الملوك[1]»
و قد نبّه بهذا على ثمرته في الدّنيا و معلوم أنّ الآخرة خير و أبقى.
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «خصلتان لا تكونان في منافق: حسن السمت و فقه في الدّين [1]»
و لا تشكّنّ في الحديث لنفاق بعض فقهاء الزّمان فإنّه ما أراد به الفقه الّذي ظننته، و سيأتي بيان معنى الفقه، و أدنى درجات الفقيه أن يعلم أنّ الآخرة خير من الأولى و هذه المعرفة إذا صدقت و غلبت عليه بريء بها من النفاق و الرياء.
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «أفضل الناس العالم الّذي إن احتيج إليه نفع و إن استغني عنه أغنى نفسه [2]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «الإيمان عريان و لباسه التقوى، و زينته الحياء، و ثمرته العلم [3]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «أقرب الناس من درجة النبوّة أهل العلم و الجهاد، أمّا أهل العلم فدلّوا الناس على ما جاءت به الرّسل، و أمّا أهل الجهاد فجاهدوا بأسيافهم على ما جاءت به الرسل [4]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «موت قبيلة أيسر من موت عالم [5]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «النّاس معادن كمعادن الذّهب و الفضّة فخيارهم في الجاهليّة
[1]
جزء من مواعظ لقمان و فيه «تجلس المسكين مجالس الملوك»
كنز الفوائد للكراجكي ص 214.
[1] رواه الشيخ في أماليه ص 22 و الصدوق في الخصال، و الراوندي في نوادره، و البغوي في المصابيح ج 1 ص 22. و أخرجه الترمذي في سننه باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة من أبواب العلم.
[2] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، و رزين أيضا كما في تيسير الوصول ج 3 ص 151 و مشكاة المصابيح ص 36.
[3] أخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور من حديث أبي الدرداء. (م)
[4] أخرجه أبو نعيم في فضل العالم العفيف من حديث ابن عباس. (م)
[5] أخرجه الطبراني من حديث أبي الدرداء. (م)
خيارهم في الإسلام إذا فقهوا [1]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدماء الشهداء [2]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «من حفظ على امّتي أربعين حديثا من السنّة حتّى يؤدّيها إليهم كنت له شفيعا و شهيدا يوم القيامة [3]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «من حمل من أمّتي أربعين حديثا لقي اللَّه يوم القيامة فقيها عالما [4]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «من تفقّه في دين اللَّه كفاه اللَّه همّه و رزقه من حيث لا يحتسب [5]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «أوحى اللَّه عزّ و جلّ إبراهيم عليه السّلام يا إبراهيم إنّي عليم أحبّ كلّ عليم [6]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «العالم أمين اللَّه سبحانه في الأرض [7]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «صنفان من امّتي إذا صلحوا صلح الناس و إذا فسدوا فسد الناس:
الأمراء و الفقهاء [8]».
و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «إذا أتى عليّ يوم لا أزداد فيه علما يقرّبني إلى اللَّه تعالى فلا بورك لي
[1] أخرجه أحمد في مسنده تحت رقم 7487. و البغوي في المصابيح ج 1 ص 20.
[2] رواه الصدوق في الفقيه ص 584 و في الأمالي أيضا، و الشيخ في أماليه كما في البحار ج 2 ص 14 و 16. و رواه الفتال في روضة الواعظين ص 13.
[3] أخرجه ابن عبد البر في العلم من ابن عمر (م) و في مشكاة المصابيح ص 36 عن أبي الدرداء، و أخرجه الشيرازي أيضا في الألقاب عن أبي الدرداء كما في البيان و التعريف ج 2 ص 215.
[4] رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 49. و أخرجه ابن عبد البر من حديث أنس و ابن عدي أيضا في الكامل كما في الجامع الصغير للسيوطي.
[5] رواه الخطيب من حديث عبد اللَّه بن جزء. (م)
[6] قال الحافظ العسقلاني في الكافي الشاف: ذكره ابن عبد البرفى كتاب العلم بلا إسناد.
[7] أخرجه ابن عبد البر من حديث معاذ كما في الجامع الصغير.
[8] أخرجه ابن عبد البر و أبو نعيم من حديث ابن عباس. (م) و الفتال في روضة الواعظين ص 9. و أخرجه ابن شعبة الحراني في تحف العقول مرسلا ص 50.
2025-12-01