الرئيسية / المرأة في الإسلام / الأسرة وقضايا الزواج

الأسرة وقضايا الزواج

الفصل الثالث ضرورات الحياة المشتركة يتعاقد الفتى والفتاة على عهد في الحياة المشتركة وتشكيل الأسرة، ويقرران، تبعا لذلك، العيش معا تحت سقف واحد وأن يقف أحدهما إلى جانب الآخر إلى الأبد والسير سوية في الطريق الذي انتخباه، طريق الحياة الزوجية وتربية الجيل.
أن عهدا كهذا لا يمكن المحافظة عليه بيسر وسهولة، ذلك أن الحياة المشتركة تلزمها العديد من الضوابط والشروط التي لا يمكن بدونها الاستمرار والدوام، فالزواج يستلزم استعدادا مسبقا من قبل الطرفين يجنبهما الوقوع في المزالق، ويستلزم كذلك يقظة كاملة في الشهور الأولى لكي يمكن إرساء دعائم متينة للبناء الجديد. وهذا التأكيد يتضاعف في الأيام الأولى التي تكون عادة أياما قلقة متزلزلة، فأقل خطأ يحصل سوف يلقي بظلاله القاتمة في النفس ويشعرها بالمرارة. وأساسا فإن الزواج تحمل للمسؤولية، إذ لا يمكن – بأي حال من الأحوال – أن تستمر بعده حالة العزوبية من الشعور بالتجرد وفراغ البال.
أسس الحياة المشتركة:
هناك، فيما أعتقد، أسس وضوابط ضرورية في الحياة المشتركة، ينبغي على الطرفين رعايتها واحترامها، وإلا فإن العش الزوجي سيكون في معرض عاصفة ثلجية وستمتد جذور الكراهية، التي سرعان ما تؤدي إلى نشوب النزاع وبداية النهاية. وفي هذا البحث محاولة لأن نستعرض – ببساطة – بعضا منها:

(٢٠)

1 – حسن المعاشرة:
الزواج بداية مرحلة جديدة من المعاشرة تنتهي في ظلالها عزلة الرجل والمرأة، ويبدأ عهد جديد من الألفة والأنس بينهما، وعلى أثر ذلك يحصل نوع من التقارب بين أفكار الزوجين ورؤاهما، كذلك الأمر بالنسبة للأذواق والخطط المستقبلية لحياتهما المشتركة .
من الضرورة بمكان أن يجلس الزوجان، وبعد الانتهاء من عملهما إلى جانب بعضهما البعض ساعة على الأقل يتحدثان خلالها عن ذكرياتهما الحلوة والمرة، وتداول مختلف المسائل والقضايا التي تهمهما معا، ذلك أن الصمت المطبق يشبه في مساوئه الثرثرة في الحديث ولا يجلب معه سوى الألم.
فالأحاديث المتبادلة، وإضافة إلى أنها تعزز من الألفة والأنس بين الزوجين، تخفف من عقدهما وتحد من توقعات كل منهما.
2 – الانسجام الفكري:
الرجل والمرأة يعضد أحدهما الآخر ويرافقه في رحلته من أجل أن يصل قارب حياتهما إلى شاطئ السعادة، وعلى هذا فإنه لا ينبغي عليهما السير في عكس الاتجاه المنشود حتى لا تتعثر رحلتهما وتتقاذفهما الأمواج.
إن على الزوجين، ومن أجل استمرار حياتهما في ظلال من الطمأنينة والأمن، أن يحاولا تطبيع فكريهما على أساس من النقاط المشتركة والأذواق المتماثلة، وفي طريق ذلك تصبح الأمور طبيعية بشرط أن يدرك كل منهما الآخر.
والزوجان العاقلان الناضجان يعمل كل منهما على مساعدة الآخر ودعمه ماديا ومعنويا . وكثيرون هم الأفراد الذين أحرزوا نجاحات باهرة في الحياة بسبب استفادتهم من أزواجهم فكريا ومن خلال استلهامهم سلوكا وأفكارا ورؤى عايشوها وتأثروا بها.

(٢١)

3 – احترام الحقوق:
هناك حقوق وواجبات من وجهة نظر الإسلام تتعين في ظلال الحياة الزوجية، وإن عدم رعايتها أو احترامها يوجب عقوبات محددة.
وفي ضوء أداء تلك الواجبات ورعاية تلك الحقوق تتوضح بواعث النزاع والممارسات الخاطئة، وتنشأ في ظلال ذلك حالة من الاستقرار مما يضمن استمرار الحياة الزوجية.
ومن خلال هذه الحقوق ينمو الحب في القلوب والاحترام والإجلال والوفاء وأداء الواجب ، وغير ذلك من ضرورات الحياة المشتركة.
إن الإسلام لا يسمح أبدا بحسم الخلاف لصالح الطرف الأقوى أو يجعل له الحق في حل المسألة في ضوء ما يرغب.
إن الممارسات يجب أن تنطلق من اعتبارات إلهية محددة وأن لا تكون مدعاة للتشكيك في قداسة الأسرة.
4 – توزيع العمل:
من أجل استمرار الحياة الزوجية ينبغي تقسيم العمل، بحيث لا ينوء أحدهما تحت عبء ثقيل يعجز عن النهوض به. ومن الخطأ الكبير أن يلقى على عاتق المرأة مسؤولية تربية الأولاد وإدارة البيت في حين يجلس الرجل فارغ البال في زاوية من زوايا البيت. ومن الظلم أيضا أن يلهث الرجل من الصباح إلى المساء من أجل تأمين لقمة العيش في حين تجلس المرأة في المنزل ناعمة البال.
ومن خلال سيرة النبي الأكرم (ص) يتضح أن العمل داخل البيت هو على عاتق المرأة، بينما يبقى العمل خارج المنزل من واجبات الرجل، وطبعا فإن هذا لا يمنع الرجل إذا ما وجد فراغا من مساعدة زوجته ولا يمنع المرأة أيضا إذا ما وجدت فرصة من المبادرة إلى التخفيف عن أعباء الرجل.
إن الهدف من تقسيم العمل هو تحقيق العدالة بين الطرفين.

(٢٢)

شاهد أيضاً

الكبائر من الذنوب

(19) شرب الخمر ولشدة إثمه قرنه الله بعبادة الأوثان، كما جاء في قوله تعالى: (يا ...