الرئيسية / بحوث اسلامية / سؤال وجواب – الحكم بحقّ من يظهر عقائده

سؤال وجواب – الحكم بحقّ من يظهر عقائده

قد علمنا الحكمة من تشريع حكم الارتداد بأنّها صوناً للمجتمع، وحفظاً لأمنه، ونظمه العام، وأنّ كلّ دين ومذهب يسعى لذلك، وأنّ على المؤمن أن يظهر العبودية تجاه الأحكام الشرعية، ولكن هذا لا ينفع في مقام الردّ على غير المسلمين، هذا من جهة..
ومن جهة أُخرى كيف يكون الحكم هو: الإعدام والقتل، فليكن السجن أو التعزير مثلاً؟
فما هو ردّكم؟
الجواب:

الأخ ابا حسين المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الشيخ مكارم الشيرازي في تفسيره (الأمثل): ((وقد ينظر للحكم السياسي الصادر بحقّ المرتدّ الفطري على أنّ فيه نوعاً من الخشونة والقسوة، وفرضاً للعقيدة، وسلباً لحرّية الفكر.. ولكن حقيقة هذه الأحكام تختصّ بمن يظهر عقائده المخالفة، أو يدعو لها، ولا تطال من يعتقد باعتقادات مخالفة، ولكنّه لم يظهرها للناس؛ لأنّ الدعوة للعقائد المخالفة تمثّل في واقعها حرباً للنظام الإجتماعي الموجود، وعليه فلا تكون الخشونة والحال هذه عبثاً، ولا تتنافى وحرّية الفكر والاعتقاد، وكما قلنا: فإنّ شبيه هذا القانون موجود في كثير من دول الغرب والشرق مع بعض الاختلافات.
وينبغي الالتفات إلى أنّ قبول الإسلام يجب أن يكون طبقاً للمنطق، والذي يولد من أبوين مسلمين، وينشأ بين أحضان بيئة إسلامية، فمن البعيد عدم إدراكه محتوى الإسلام، ولهذا يكون ارتداده وعدوله عن الإسلام أشبه بالخيانة منه من عدم إدراك الحقيقة، ولذلك فهو يستحقّ ما خطّ في حقّه من عقاب.
على أنّ الأحكام عادة لا تخصّص لشخص أو شخصين، وإنّما يلحظ فيها المجموع العام))(1).
ثمّ إنّ العقوبة اليوم في جميع الأنظمة لا بدّ أن تنسجم مع حجم الجرم الذي يرتكب، فلا يصحّ أن تكون العقوبة بسيطة على جرم كبير، فالقتل مثلاً لا يدفع إلاّ بالقتل، أو بالدية الكبيرة الشديدة على النفس.
فكذلك الخروج عن فكرة التوحيد التي هي من أكبر الكبائر، لا بدّ أن يجعل المشرّع لها عقوبة كبيرة تنسجم مع هذا الجرم الكبير.
ويمكنك أيضاً الرجوع إلى (تفسير الميزان)؛ فإنّه يذكر هناك شيئاً عن الموضوع(2).

وعلى كلّ، فقد تبيّن أنّ هذا السؤال ليس له موضع إلاّ بعد أن ظهرت فكرة العلمانية والمطالبة بفصل الدين عن الدولة، واعتبار الدين حسب هذه المنظومة الفكرية في جانب مقابل لجانب نظم الدولة والحكومة وإدارة المجتمع، ولكن قبل ذلك اتّفقت أراء العقلاء أو معظمهم بأنّ الخائن يجب أن يعاقب بأشدّ العقوبات، كما هو واقع الآن في العالم.
وهناك كتاب اسمه (الارتداد وحقوق الإنسان/ للسيّد ليث الحيدري طبع دار الغدير/قم) تستطيع الاستفادة منه.
ودمتم في رعاية الله

(1) تفسير الأمثل 8: 347 سورة النحل الآية (106).
(2) تفسير الميزان 4: 116، 127، 2: 432 ذيل آية (( لَا إِكرَاهَ فِي الدِّينِ )).

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...