الرئيسية / من / طرائف الحكم / زاد المبلغ في عاشوراء الجزء الأول

زاد المبلغ في عاشوراء الجزء الأول

4

الموعظة العاشرة: الإخلاص في نهضة كربلاء

حثّ الناس على الإخلاص لله -تعالى-.

محاور الموعظة

قيمة العمل ببعده الباطنيّ
إخلاص الإمام الحسين (عليه السلام)
إخلاص أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام)

تصدير الموعظة

﴿ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلمَوتَ وَٱلحَيَوٰةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلٗا﴾[1].

[1] سورة الملك، الآية 2.

72

61
الموعظة العاشرة: الإخلاص في نهضة كربلاء
قيمة العمل ببعده الباطنيّ

للعمل بعدان: ظاهريّ، وهو ما يظهر للناس من البناء والفخامة والكثرة، وباطنيّ، وهو الخلفيّة التي ينطلق منها العامل.

قيمة العمل عند الله -تعالى- تتحقّق بحسنه لا بشكله وكمّيّته ﴿ أَحسَنُ عَمَلٗا﴾ والعمل الحسن الذي ينطلق من الإخلاص لله -تعالى-.

فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله»[1].

قصّة وتعليق‏

دخل فقير إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وطلب من المسلمين صدقة فلم يعطه أحد، فرفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم إنّي دخلت مسجد نبيّك ولم يتصدّق عليّ أحد من المسلمين، وكان الإمام علي (عليه السلام) يصلّي، فأشار إلى الفقير بيده أثناء الصلاة وناوله الخاتم الذي كان يلبسه، فأنزل الله -تعالى- في هذه الأثناء على خاتم رسله (صلى الله عليه وآله): ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم رَٰكِعُونَ﴾[2].

وقد اعتبر بعض من قرأ هذه القصّة أنّ الإمام علي (عليه السلام) لم يتصدّق بخاتم عاديّ؛ لأنّه لا يعقل نزول هكذا آية عظيمة بخاتم لا قيمة كبيرة له، فقالوا: إنّ قيمة خاتم علي (عليه السلام) هذا تعادل خراج سوريا والشام.

[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص166.

[2] سورة المائدة، الآية 55.

73

62
الموعظة العاشرة: الإخلاص في نهضة كربلاء
ويعلّق الشهيد المطهّري (يرحمه الله) بأنّ الإمام عليًا لم يكن ليلبس خاتمًا كهذا، وفي المدينة فقراء يئنّون، إنّ ما استنزل الآية ليس قيمة مادّيّة، بل هو الإخلاص الذي ملأ قلب أمير المؤمنين (عليه السلام).

إخلاص الإمام الحسين (عليه السلام)

لثورة كربلاء بعد ظاهريّ كبير، فهي التي «أولدت الإسلام ولادة ثانية» كما عبّر الإمام الخمينيّ (قدس سره).

«ولولا ثورة الحسين لم يبقَ للإسلام من أثر» كما عبّر عالم الأزهر الكبير الشيخ محمّد عبده.

لكن منطلق الإمام الحسين (عليه السلام) في ثورته كان حبّه للَّه -تعالى- وإخلاصه له. وهذه خصيصة مهمّة؛ فعندما يقول الإمام (عليه السلام): «إنّي لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا ظالمًا ولا مفسدًا»؛ فمعناه أنّ ثورتي لم تكن للرياء والغرور، وليست فيها ذرّة من الظلم والفساد، بل «إنّما خرجت لطب الإصلاح في أمّة جدّي»؛ أي إنّ هدفي هو الإصلاح فقط ولا غير.

إخلاص أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام)

كان الإمام الحسين (عليه السلام) يعرف عدم إمكانيّة الانتصار العسكريّ، وكان يعلم أنّه يقوم مع أصحابه بعمليّة استشهاديّة كبرى، وقد جمعهم الإمام الحسين (عليه السلام) ليلة العاشر، وقال لهم: «… وقد نزل بي ما قد ترون، وأنتم في حل من بيعتي، ليست لي في أعناقكم بيعة، ولا لي عليكم ذمّة، وهذا الليل قد غشيكم، فاتّخذوه جملا»[1].

[1] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص220.

74

63
الموعظة العاشرة: الإخلاص في نهضة كربلاء
وعبَّرت مواقف الأصحاب عن ذلك الإخلاص الكبير:

-سعيد بن عبد اللَّه الحنفيّ: «واللَّه، لو علمت أنّي أقتل، ثمّ أحيا، ثمّ أحرق حيًّا، ثمّ أذرى، يفعل ذلك بي سبعين مرّة لما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك».

-زهير بن القين: «واللَّه وددت أنّي قتلت، ثمّ نشرت، ثمّ قتلت حتّى أُقتل كذا ألف مرّة، وإنّ اللَّه -عزَّ وجلّ‏- يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك».

إنّهم حقًّا كما عبّر أمير المؤمنين (عليه السلام): «عشّاق شهداء، لا يسبقهم من كان قبلهم، ولا يلحقهم من بعدهم»[1].

[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج41، ص295.

75

64
الموعظة الحادية عشرة: مظاهر العِزّة في مدرسة كربلاء
الموعظة الحادية عشرة: مظاهر العِزّة في مدرسة كربلاء

إبراز بعض نماذج العزّة في مواقف أهل بيت العصمة (عليهم السلام)، والتي تساهم في تعليم الأُمّة عدم الرضوخ والاستسلام.

محاور الموعظة

عزّة المؤمن
نماذج مِن مواقف العزّة

تصدير الموعظة

﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلعِزَّةُ جَمِيعًا﴾[1].

[1] سورة فاطر، الآية 10.

76

65
الموعظة الحادية عشرة: مظاهر العِزّة في مدرسة كربلاء
تتجلّى مَظاهر العِزّة يوم الطفّ -بِأبهى صُوَرِها- في خطابات الإمام الحسين (عليه السلام). ولعلّ أوّل تصريحٍ ظهر له -حين بدأ حركته المباركة- عندما عُرِضَتْ عليه بَيْعة يزيد بن معاوية، فَقال لِأمير المدينة: «يا أمير، إنّا أهل بيت النبوّة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ويزيد رجلٌ فاسق، شاربٌ للخمر، قاتلٌ للنفْس المحترمة، ومِثلي لا يبايع مثله»[1]. ويكفي في قوله: مثلي ومثله أنّه (عليه السلام) قدّم نفْسه مَجمعًا للقيم والمبادئ ومعاني العزّة والإباء كلّها، وقدّم يزيد مَجمعًا للفساد والظلم والرذيلة.

عزّة المؤمن

وَرَدَ عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ الله فَوَّض إلى المؤمن أمرَه كلّه، ولم يفوّض له أن يكون ذليلًا… فالمؤمن يكون عزيزًا، ولا يكون ذليلًا، فإنّ المؤمن أعزّ مِن الجبل، يستقلّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقلّ مِن دينه بِشيء»[2]؛ وفي هذا إشارة كافية إلى أنّ قضيّة العزّة والإباء والكرامة ليست أمرًا اختياريًّا، بل إنّها مسألة ينبغي الالتزام والتمسُّك بها، والثبات عليها، ولا يجوز -بِأيّة حالٍ- التفريط فيها أو تضييعها.

نماذج مِن مواقف العزّة

مِن المهمّ الإشارة -أوّلًا- إلى أنّ أيّة حالٍ يكون عليها الإنسان، لا ينبغي أن تؤثّر في مواقفه المبدئيّة -كما هو حال أغلب الناس-؛ فأهل بيت العصمةِ يَقِفون مواقف العزّة والإباء وَهُم في أقسى

[1] البحرانيّ، العوالم، ص174.

[2] الشيخ الطوسيّ، تهذيب الأحكام، ج6، ص179.

77

66
الموعظة الحادية عشرة: مظاهر العِزّة في مدرسة كربلاء
تتجلّى مَظاهر العِزّة يوم الطفّ -بِأبهى صُوَرِها- في خطابات الإمام الحسين (عليه السلام). ولعلّ أوّل تصريحٍ ظهر له -حين بدأ حركته المباركة- عندما عُرِضَتْ عليه بَيْعة يزيد بن معاوية، فَقال لِأمير المدينة: «يا أمير، إنّا أهل بيت النبوّة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ويزيد رجلٌ فاسق، شاربٌ للخمر، قاتلٌ للنفْس المحترمة، ومِثلي لا يبايع مثله»[1]. ويكفي في قوله: مثلي ومثله أنّه (عليه السلام) قدّم نفْسه مَجمعًا للقيم والمبادئ ومعاني العزّة والإباء كلّها، وقدّم يزيد مَجمعًا للفساد والظلم والرذيلة.

عزّة المؤمن

وَرَدَ عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ الله فَوَّض إلى المؤمن أمرَه كلّه، ولم يفوّض له أن يكون ذليلًا… فالمؤمن يكون عزيزًا، ولا يكون ذليلًا، فإنّ المؤمن أعزّ مِن الجبل، يستقلّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقلّ مِن دينه بِشيء»[2]؛ وفي هذا إشارة كافية إلى أنّ قضيّة العزّة والإباء والكرامة ليست أمرًا اختياريًّا، بل إنّها مسألة ينبغي الالتزام والتمسُّك بها، والثبات عليها، ولا يجوز -بِأيّة حالٍ- التفريط فيها أو تضييعها.

نماذج مِن مواقف العزّة

مِن المهمّ الإشارة -أوّلًا- إلى أنّ أيّة حالٍ يكون عليها الإنسان، لا ينبغي أن تؤثّر في مواقفه المبدئيّة -كما هو حال أغلب الناس-؛ فأهل بيت العصمةِ يَقِفون مواقف العزّة والإباء وَهُم في أقسى

[1] البحرانيّ، العوالم، ص174.

[2] الشيخ الطوسيّ، تهذيب الأحكام، ج6، ص179.

77

66
الموعظة الحادية عشرة: مظاهر العِزّة في مدرسة كربلاء
حالات الاضطهاد والضعف والتعذيب، التي تُضعف الآخرين ممّن قد يستسلمون فيها، ومِن هذه المواقف:

1. قول الحسين (عليه السلام) لِقادة معسكر الأعداء -حين هدّدوه بالقتل أو النزول على بَيْعة يزيد- إنّ هذه البَيْعة إنّما تنسجم مع أهل الذِلّة وحياة العبيد: «لا أعطيكم بِيَدي إعطاء الذليل، ولا أُقرّ لكم إقرار العبيد»[1].

فهذه هي العِزّة التي خَلَّدَتْ مفاهيم الإسلام، وخلَّدَتْ أحدَ أكبر المفاهيم السماويّة، وهو عدم الرضوخ للظالم -مهما كان عاتيًا-، وعدم الاستسلام له -مهما كانت القُوّة بسيطة-.

2. تحدّي الإمامُ زين العابدين (عليه السلام) -وهو مأسورٌ، مُكبّلٌ بالقيود، والحبل في عنقه-، لِيزيدَ بن معاوية، وإصراره على مبادئه، وتبيانه الحقائق للناس، غيرَ آبهٍ بِتهديد يزيد له بالقتل، قائلًا له: «أبِالموت تُهدّدني يابن الطُلَقَاء؟ إنّ القتْلَ لنا عادة، وكرامتنا مِن الله الشهادة»[2].

3. موقف سيّدتنا زينب (عليها السلام) في وجه الطاغية يزيد، إذ وقفَتْ -بكلّ جُرأة وعنفوان-، وقد أعيَتْها مسيرة السبْي وفَقْد الأحبّة والآل، وقالت له أمام الملأ مِن قومه: «فَكِدْ كيْدك، واسْعَ سَعْيَك، وناصِبْ جهدَك، فَوَالله، لا تمحو ذِكرنا، ولا تميت وَحْينا، ولا تَدحض عنك عارَها. وهل رأيكَ إلّا فَنَدَ، وأيّامُك إلّا عدد، وجَمْعك إلّا بَدَد؟»[3].

4. مِن مواقف العِزّة ما وردَ مِن أنّ معاوية بن أبي سفيان كَتَب إلى

[1] المقرّم، مقتل الحسين، ص280.

[2] البحرانيّ، العوالم، ص385.

[3] المصدر نفسه، ص435.

78

67
الموعظة الحادية عشرة: مظاهر العِزّة في مدرسة كربلاء
الإمام الحسن الزكيّ (عليه السلام): يا أبا محمّد، أنا خيرٌ مِنك؛ لأنّ الناس أجمعَتْ عَليَّ، ولم تُجمِع عليك. ويعني بذلك: أنّني، عندما أصبحَ الحُكم بِيَدي أذعنَت الناس كلّها، وأنتَ، عندما كان الحُكم بِيَدك حدثَتْ خلافات. فأجابه الإمام الحسن (عليه السلام): «هيهات! هيهات! لَشرّ ما عَلَوْتَ يابن آكلة الأكباد. المجتمعون عليك رجُلان: بين مطيعٍ ومُكرَه؛ فالطائع لكَ عاصٍ لله؛ ﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعدِ إِيمَٰنِهِ إِلَّا مَن أُكرِهَ وَقَلبُهُ مُطمَئِنُّ بِٱلإِيمَٰنِ﴾[1]، والمكرَهُ معذور بِكتاب الله. وحاشَ لله أن أقول: أنا خيرٌ مِنك، فلا خيرَ فيك. ولكنّ الله برّأني مِن الرذائل، كما برّأَك مِن الفضائل»[2].

5. مِن مواقف العزّة أيضًا قول الإمام الحسين (عليه السلام) يوم الطفّ لمعسكر الأعداء: «ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركَز بين اثنتيْن: بين السِلّة والذِلّة، وهيهات منّا الذلّة! يأبى اللهُ لنا ذلك، ورسوله والمؤمنون، وحجورٌ طابَتْ وطهُرَتْ، وأنوفٌ حَميّة، ونفوس أبيّة، مِن أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام»[3].

فقوله: هيهات منّا الذلّة موقفٌ خالدٌ وأبديّ، لا نزال نُردّده، وسنبقى؛ لأنّه شعارٌ مِن شأنه أن يطرد مظاهر الذلّة كافّة عن الأُمّة، ويُكسبها كلّ ما مِن شأنه أن يرفعها في معارج الرقيّ والمجد.

[1] سورة النحل، الآية 106.

[2] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج4، ص22.

[3] السيّد المرعشيّ، شرح إحقاق الحقّ، ج11، ص639.

79

68
الموعظة الثانية عشرة: البصيرة عند الإمام الحسين (عليه السلام)
الموعظة الثانية عشرة: البصيرة عند الإمام الحسين (عليه السلام)

الحثّ على التبصّر في الأمور وإدراك خفاياها وعدم الاستعجال في اتّخاذ القرارات المبنيّة على النظرة السطحيّة.

محاور الموعظة

البصيرة وعوامل تنميتها
معنى البصير
الدعوة إلى التبصّر
بين البصر والبصيرة
عاقبة عدم التبصّر
أبصر الناس

تصدير الموعظة

﴿قُل هَٰذِهِۦ سَبِيلِي أَدعُواْ إِلَى ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي وَسُبحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ ٱلمُشرِكِينَ﴾[1].

[1] سورة يوسف، الآية 108.

80

69
الموعظة الثانية عشرة: البصيرة عند الإمام الحسين (عليه السلام)
البصيرة وعوامل تنميتها

البصيرة قوّة خفيّة أو ملكة وهبها الله للإنسان لإدراك حقائق الأشياء، أو إدراك الجوانب الخفيّة من الموضوعات، وقد ذكر العلماء عوامل عديدة تساعد في تنمية البصيرة عند الإنسان منها:

أوّلًا: دراسة الموضوعات دراسة شاملة حتّى يصل الفرد إلى إحاطة وإلمام بكلّ موضوع.

ثانيًا: النظر إلى الموضوعات نظرة تفصيليّة.

ثالثًا: معرفة الفوارق بين الموضوعات.

رابعًا: النظرة النقديّة للموضوع وهو السعي لمعرفة محاسنه ومعايبه.

خامسًا: التجارب والممارسة.

وإذا كان المراد تنمية البصيرة في الدين الإسلاميّ، فإنّ هذا الموضوع يحتاج إلى عامل آخر يزيد عن كلّ تلك العوامل في الأهمّيّة ألا وهو عامل الوجدان والحبّ لهذا الدين. فالإسلام دين الفطرة التي تنطبق تمام الانطباق مع الوجدان. والإسلام دين حيّ لا يمكن أن يعطي خفاياه وجوانب من حقيقته إلّا لمن أحبّه وأولاه ولاءً خاصًّا.

معنى البصير

والبصير هو الإنسان الذي يتأمّل في كلّ ما يدركه من حوله ليكتشف خفاياه وأسراره، ويعمل وفق ما وصل إليه، فعن الإمام عليّ (عليه السلام): «فإنّما البصير من سمع فتفكّر، ونظر فأبصر، وانتفع بالعبر، ثمّ سلك جددًا واضحًا يتجنّب فيه الصرعة في المهاوي»[1].

[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص213.

81

70
الموعظة الثانية عشرة: البصيرة عند الإمام الحسين (عليه السلام)
الدعوة إلى التبصّر

وشدّد القرآن الكريم على ضرورة التبصّر في الأمور معتبرًا أنّ العمى الحقيقيّ هو الناشئ من عدم التبصّر لا من عدم البصر، قال -تعالى-: ﴿أَفَلَم يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرضِ فَتَكُونَ لَهُم قُلُوبٞ يَعقِلُونَ بِهَا أَو ءَاذَانٞ يَسمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعمَى ٱلأَبصَٰرُ وَلَٰكِن تَعمَى ٱلقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ﴾[1].

وفي الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ليس الأعمى من يعمى بصره، إنّما الأعمى من تعمى بصيرته»[2].

عاقبة عدم التبصّر

وعدم التبصّر ليس أمرًا يمكن للمرء فعله أو تركه على حدٍّ سواء، بل إنّ عدم التبصّر من شأنه أن يوقع المرء في المهالك ويجعل مأواه النار في الآخرة، قال -تعالى-: ﴿وَلَقَد ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلجِنِّ وَٱلإِنسِ لَهُم قُلُوبٞ لَّا يَفقَهُونَ بِهَا وَلَهُم أَعيُنٞ لَّا يُبصِرُونَ بِهَا وَلَهُم ءَاذَانٞ لَّا يَسمَعُونَ بِهَا أُوْلَٰئِكَ كَٱلأَنعَٰمِ بَل هُم أَضَلُّ أُوْلَٰئِكَ هُمُ ٱلغَٰفِلُونَ﴾[3].

بين البصر والبصيرة

والبصيرة وإن كانت مشتقّةً من البصر لغةً إلّا أنّها أرقى مقامًا وأرفع شأنًا بل لعلّ إدراكات الإنسان كلّها وعلى رأسها البصر ليست بذي أهمّيّة ما لم تقترن بالبصيرة والوعي الذي يمكّن الإنسان من استخلاص العبر واتخاذ المواقف الحكيمة، فعن الإمام عليّ (عليه السلام):

[1] سورة الحجّ، الآية 46.

[2] المتّقي الهنديّ، كنز العمّال، ج1، ص243.

[3] سورة الأعراف، الآية 179.

82

71
الموعظة الثانية عشرة: البصيرة عند الإمام الحسين (عليه السلام)
«نظر البصر لا يجدي إذا عميت البصيرة»[1].

وعنه (عليه السلام): «لَيْسَتِ [الرُّؤْيَةُ] الرَّوِيَّةُ كَالْمُعَايَنَةِ مَعَ‏ الْإِبْصَار، فَقَدْ تَكْذِبُ الْعُيُونُ أَهْلَهَا، وَلَا يَغُشُّ الْعَقْلُ مَنِ اسْتَنْصَحَه‏»[2].

وعنه (عليه السلام): «فقد البصر أهون من فقدان البصيرة»[3].

أبصر الناس

قد يخفى على الإنسان الكثير من أبعاد ما يجري حوله، لكن ما لا يمكن أن يخفى عنه نفسه التي بين جنبيه، وقد عبّر الله عن ذلك بقوله -تعالى-: ﴿بَلِ ٱلإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفسِهِ بَصِيرَةٞ ١٤ وَلَو أَلقَىٰ مَعَاذِيرَهُ﴾[4]، فالإنسان يعلم تمامًا أنّ كلّ ما يعزّي نفسه به من أعذار ليست سوى أوهام يقنع نفسه بها ليبرّر تقصيرها وأنّ عليه أن يتبصّر نفسه جيدًا ويتفحّصها ويكتشف عيوبها ويصلح ما فسد منها.

الإمام عليّ (عليه السلام): «أبصر الناس من أبصر عيوبه وأقلع عن ذنوبه»[5].

بصيرة الإمام الحسين (عليه السلام): ولعلّ أبرز تجلّيات البصيرة عند الإمام الحسين إدراكه خطورة ما آلت إليه الأمور على المستوى السياسيّ الذي أصاب الأمّة وأنّه لا يمكن الإصلاح إلّا بحركة استشهاديّة كبرى،

[1] الشيخ الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص497.

[2] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص525.

[3] الشيخ الريشهريّ، ميزان الحكمة، ج1، ص266.

[4] سورة القيامة، الآيتان 14 – 15.

[5] الشيخ الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص120.

83

72
الموعظة الثانية عشرة: البصيرة عند الإمام الحسين (عليه السلام)
والأداء المتميّز الذي استطاع من خلاله إبراز وفضح حقيقة النظام الأمويّ ومدى إجرامه ودمويّته.

بصيرة الأصحاب: وتتجلّى بصيرتهم في إدراكهم البعد التاريخيّ الذي أراده الحسين (عليه السلام) من المواجهة وفي إصرارهم على البقاء مع إمامهم رغم عرضه عليهم بالتخلّي عن الركب وفي الكثير من أدائهم وسلوكهم خلال بقائهم في كربلاء.

ويصف الإمام الصادق (عليه السلام) العبّاس، بقوله: «كان عمّنا العبّاس نافذ البصيرة صلب الإيمان جاهد مع أبي عبد الله وأبلى بلاءً حسنًا ومضى شهيدًا»[1].

[1] أبو مخنف الأزديّ، مقتل الحسين (عليه السلام)، ص176.

84

73
الموعظة الثالثة عشرة: تَجَلّي الإيثار في كربلاء
الموعظة الثالثة عشرة: تَجَلّي الإيثار في كربلاء

بيان مقام هذه الفضيلة السامية بين الفضائل، ودرجتها في الدنيا والآخرة، وحثّ الناس على التحلّي بها.

محاور الموعظة

مَنزلة الإيثار
فَضْل المُؤْثِرين
إيثار عليّ (عليه السلام)
الإيثار في كربلاء

تصدير الموعظة

﴿وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَٰنَ مِن قَبلِهِم يُحِبُّونَ مَن هَاجَرَ إِلَيهِم وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِم حَاجَةٗ مِّمَّا أُوتُواْ وَيُؤثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٞ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِۦ فَأُوْلَٰئِكَ هُمُ ٱلمُفلِحُونَ﴾[1].

[1] سورة الحشر، الآية 9.

85

74
الموعظة الثالثة عشرة: تَجَلّي الإيثار في كربلاء
تُعَدُّ فضيلة الإيثار -كما وَرَد في النصوص- أعلى المكارم، وشيمة الأخيار، وسجيّة الأبرار، وأحسن الإحسان، وأعلى مراتب الإيمان، وأعلى مراتب الكَرَم، وأفضل الشِيَم، وأفضل عبادة، وأَجَلّ سيادة، وزينة الزهد، وأفضل السخاء… وكَفى بالإيثار مَكرُمة أنّه غاية المكارم، وبهِ يُسترَقّ الأحرار وتُملك الرقاب؛ لذا كان مِن أفضل الاختيار التحلّي بالإيثار، وحَمْل النفوس عليه.

وقد وَرَد عن الإمام عليّ (عليه السلام): «عامِل سائِر الناس بالإنصاف، وعامِل المؤمنين بالإيثار»[1].

مَنزلة الإيثار

عن النبيّ موسى (عليه السلام): «يا ربّ، أَرِني درجات محمّد وأُمّته»، قال: «يا موسى، إنّك لن تطيق ذلك، ولكن أُريك مَنزلةً مِن منازله، جليلة عظيمة، فَضَّلْته بها عليكَ وعلى خلقي جميعهم…» فَكَشَفَ له عن مَلَكوت السماء، فَنَظَر إلى منزلةٍ كادَتْ تَتْلف نفْسه مِن أنوارها وقُرْبِها مِن الله -عزَّ وجلَّ-. قال: «يا ربّ، بماذا بلَّغتَه إلى هذه الكرامة؟» قال -عزّ وجلّ-: «بِخُلُق اختَصَصْته به مِن بَيْنهم، وهو الإيثار. يا موسى، لا يأتيني أحدٌ منهم قد عَمِل به وقتًا مِن عُمر، إلّا استحيَيْتُ مِن مُحاسبته، وبَوَّأْته مِن جَنّتي حيث يشاء»[2].

[1] الشيخ الريشهريّ، ميزان الحكمة، ج1، ص16.

[2] المصدر نفسه.

86

75
الموعظة الثالثة عشرة: تَجَلّي الإيثار في كربلاء
وَرَوى أبو الطُفَيْل أنّ عليًّا (عليه السلام) اشترى ثَوْبًا، فأَعجَبَه، فتَصَدّق به، وقال: «سَمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: مَن آثر على نفْسه، آثَرَه اللهُ يوم القيامة الجنّة»[1].

وعن الإمام الباقر (عليه السلام): «لله -عزَّ وجلَّ- جنّة لا يَدخلها إلّا ثلاثة:… ورَجُلٌ آثَر أخاه المؤمن في الله -عزَّ وجلَّ-»[2].

فَضْل المُؤْثِرين

1. صِفة أهل الكمال

عن الإمام الصادق (عليه السلام) -في وَصْف الكاملين مِن المؤمنين-: «هُم البَرَرة بالإخوان في حالِ العُسْر واليُسْر، المُؤْثِرون على أنفُسِهم في حالِ العُسْر، كذلك وَصَفَهم الله، فَقال: ﴿وَيُؤثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم﴾»[3].

2. أفضل الناس

عن الإمام عليّ (عليه السلام): «مَن آثَر على نفسِه، استحقَّ اسمَ الفضيلة»[4].

3. مُنتهى المروءة

عنه (عليه السلام): «مَن آثَر على نفْسه، بالَغَ في المروّة»[5].

[1] الميرزا النوريّ، مستدرك الوسائل، ج7، ص250.

[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص142.

[3] الميرزا محمد تقي الأصفهاني، مكيال المكارم، ج2، ص295.

[4] الشيخ الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص435.

[5] الشيخ الريشهريّ، ميزان الحكمة، ج1، ص18.

87

76
الموعظة الثالثة عشرة: تَجَلّي الإيثار في كربلاء
وقد مَدَح الله -عزَّ وجلَّ- صاحبَ القليل، فقد رَوى أبو بصير عن أحدهما (الباقر أو الصادق (عليهما السلام))، حين سأَلَه: أيّ الصدقةِ أفضل؟ قال: «جُهْد المُقِلّ، أما سمعْتَ قَول الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَيُؤثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم﴾ ترى ها هُنا فضلًا؟»[1].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «ليْس البِرّ بالكثرة، وذلك أنّ الله -عزَّ وجلَّ- يقول في كتابه: ﴿وَيُؤثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم﴾، ومَن عَرَفه الله -عزَّ وجلَّ- بِذلك أَحَبّه الله»[2].

وقد أُهْدِيَ رجلٌ مِن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأسَ شاة، فقال: إنّ أخي فلانًا وعياله أَحْوَج إلى هذا مِنّا. فَبَعَثَ به إليهم. فلمْ يَزَلْ يبْعث به واحدًا إلى آخر، حتّى تداوَلَها أهل سَبْعة أبيات، حتّى رَجعَتْ إلى الأوّل، فَنَزِلَتْ ﴿وَيُؤثِرُونَ﴾[3].

ورَوَتْ عائشة: «ما شَبِع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أيّام مُتوالية، حتّى فارق الدنيا. ولَوْ شاءَ لَشَبِع، ولكنّه كان يُؤْثِر على نفْسه»[4].

إيثار عليّ (عليه السلام)

بات عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) على فِراش رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فَأَوْحى الله إلى جبرئيل وميكائيل (عليهما السلام): «إنّي آخيتُ بَينكما، وجَعَلْتُ عُمر الواحد منكما أطول مِن عُمر الآخر، فأيّكما يُؤْثِر صاحبَه بالحياة؟» فاختار

[1] الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال، ص142.

[2] الشيخ الريشهريّ، ميزان الحكمة، ج1، ص18.

[3] السيّد البروجرديّ، جامع أحاديث الشيعة، ج8، ص369.

[4] الشيخ الريشهريّ، ميزان الحكمة، ج1، ص18.

88

77
الموعظة الثالثة عشرة: تَجَلّي الإيثار في كربلاء
كِلاهما الحياة. فَأوْحى الله -عزَّ وجلَّ- إليهما: «أفلا كُنتُما مِثل عليّ بن أبي طالب؟ آخيْتُ بينه وبين محمّد، فَباتَ على فِراشه يَفْديه بِنَفْسه، فيُؤْثِره بالحياة…»، فأنزل الله -تعالى-: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشرِي نَفسَهُ ٱبتِغَاءَ مَرضَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ رَءُوفُ بِٱلعِبَادِ﴾[1].

الإيثار في كربلاء

عند الإيثار على النفْس تَتَبيّن جواهر الكُرَماء ومَعادن الناس وحقائق النفوس؛ وهذا ما تجلّى -بِأبهى صُوَره- في كربلاء.

ويُمكِن استخلاص بَعض مشاهد الإيثار:

1. إيثار الأصحاب والآل للحسين (عليه السلام)

وذلك بِتَقَدُّمهم للشهادة بين يديْه، وإيثاره بالبقاء حيًّا -ولو لِوَقت قصير-؛ هذا الإيثار الذي كان خلاصة عشقهم للحسين (عليه السلام)، والذي لم يقووا معه على أنْ يَرَوا الحسين شهيدًا قَبلَهم.

2. إيثار الأصحاب للآل

في الرواية أنّ الآل كانوا يُنافسون الأصحاب على التقدُّم، والأصحاب يَمنعونهم، حتّى يُقدِموا قَبْلَهم، فاستُشهِدوا جميعًا.

3. إيثار العبّاس

مِن أروع مشاهد الإيثار وهو يرمي الماء مِن يديْه، مُؤْثرًا عطش الحسين على عطشه، فَحَمَل إليه الماء قَبل أن يَشْرَب منه.

[1] الشيخ الريشهريّ، ميزان الحكمة، ج1، ص18.

89

78
الموعظة الرابعة عشرة: دروس من عاشوراء
الموعظة الرابعة عشرة: دروس من عاشوراء

بيان بعض المفاهيم العاشورائيّة التي يمكن استفادة الدروس والعبر المتعدّدة منها.

محاور الموعظة

المواجهة مع الطاغوت
إحياء سنّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وسيرته
إحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
رفض الذلّ
خطر الخيانة والانكفاء السياسيّ
إنّ الحقّ هو المنتصر في النهاية

تصدير الموعظة

الإمام الخمينيّ (قدس سره): «إنّ كلّ ما لدينا من عاشوراء».

90

79
الموعظة الرابعة عشرة: دروس من عاشوراء
تطفح كربلاء بالكثير من المفاهيم والمعاني السامية التي يمكن الوقوف عندها واستخراج مجموعة من الدروس التي تصلح أن تكون منهاجًا يُتّبع في الحياة، واستخلاص العبر التي تسلّط الضوء على بعض السلبيّات التي يمكن من خلالها التنبّه لمواضع الخلل وإصلاحها لتكون لنا عبرة وموعظة.

وسنحاول أن نقف على مجموعة من هذه المفاهيم دون أن نحصيها بأجمعها:

المواجهة مع الطاغوت

وهذه من وظائف الأنبياء (عليهم السلام)، قال -تعالى- مخاطبًا نبيّه موسى (عليه السلام): ﴿ٱذهَب إِلَىٰ فِرعَونَ إِنَّهُ طَغَىٰ﴾[1]. وجعلها -تعالى- من صفات المؤمنين: ﴿فَمَن يَكفُر بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱستَمسَكَ
بِٱلعُروَةِ ٱلوُثقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[2].

وعن الإمام الحسين (عليه السلام) في بعض خطبه: «أيّها الناس إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من رأى سلطانًا جائرًا مستحلًّا لحرم الله ناكثًا لعهد الله مخالفًا لسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيَّر عليه بفعل ولا قول كان حقًّا على الله أن يدخله مدخله، ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله وأنا أحقّ من غيَّر»[3].

[1] سورة طه، الآية 24.

[2] سورة البقرة، الآية 256.

[3] الطبريّ، تاريخ الطبريّ، ج4، ص304.

91

80

شاهد أيضاً

خطيب جمعة طهران يحذر: اسرائيل ستهاجم مصر والأردن والبحرين والسعودية اذا اكتسبت القوة

حذر خطيب جمعة طهران آية الله السيد احمد خاتمي حكومات مصر والأردن والبحرين والسعودية بأن ...