الفصل الثاني: الحضارة الغربية
ظلم الحاضر.. استمرار الظلم
الذي مرّ معنا كان تاريخاً مظلماً ظالماً للمرأة إلى أقصى الحدود، فهل تعلَّمت الحضارة الغربية من التاريخ، للأسف إنها لا تزال قاصرة عن علاج قضية المرأة، ولم تستفد من دروس التاريخ، بل استفادت خطأ بإفراطها بشأن المرأة، ولا يزال الظلم يلحق المرأة بشكل أو باخر.
يقول سماحة القائد:
” … إذاً فالظلم الذي نتحدث عنه ليس خاصاً بالمجتمع الإيراني، وليس خاصاً بالماضي، بل إنه يمتد من الماضي السحيق حتى اليوم… وهو موجود اليوم في كل أنحاء العالم، وفي الدول الغربية وخاصة في أمريكا وبعض الدول الغربية، فإن إيذاء النساء واستغلالهن بشكل ظالم وتعذيبهن أشدّ بعدّة أضعاف، وهناك إحصاءات كثيرة حول ذلك، طالعتها في الصحف الغربية والأمريكية، ولست أنقل ذلك من مصادر أعدائهم ومخالفيهم بل هو ما ينشرونه بأنفسهم، ولا بد من مواجهة ذلك الظلم والاستغلال… “.
ظلم ظاهره أنيق شعارات برَّاقة
والخطير في الظلم الغربي للمرأة أنه يمرَّر عن طريق شعارات ومظاهر خادعة، وهو ظلم خطير ينطلي على السذّج من الناس.
يقول سماحة القائد دام ظله:
” يجب أن يلتفت الجميع إلى أن هذا الظلم موجود في
19
12
الفصل الثاني: الحضارة الغربية
العالم بأسره، وموجود في العالم الغربي بشكل أسوأ جدّاً، كل ما في الأمر أن الغربيين جعلوا التعامل بين المرأة والرجل، كالتعامل بين المرأة والمرأة، وكالتعامل بين الرجل والاخر، أي أنهم لم يفرِّقوا بين هذين الجنسين. وهو أمر يبدو بعد التأمل والتدقيق أنه أمر سلبي، لكنهم يتظاهرون أحياناً بعدم وجود ظلم للمرأة، هذا هو وضعهم في الأسرة والأسواق والبيوت، وفي التعامل والمعاشرة والرفاقة. لكنّه قد يبدو جذاباً، لكن عندما نطلع على باطن الأمر، نجد أنه غير صحيح، وقد نبذه الإسلام، فالإسلام وضع حجاباً بين الرجل والمرأة، وعلى الرجل والمرأة أن يراعيا ذلك الحد في المعاشرة “.
ومن الشعارات التي يطلقها الغربيون لذر الرماد في العيون، الحريَّة والحقوق والعدالة والمساواة، ولكن إذا نظر المتأمِّل إلى مضمون هذه الشعارات بالمعنى الغربي يجدها شعارات مدمِّرة مفسدة.
يقول القائد دام ظله:
” إن أول ما يطرح في الغرب كشعار هو حريَّة المرأة، والحريَّة ذات معنى واسع، فهي تشمل التحرر من الأسر، والحرية من الأخلاق، حيث أن الأخلاق تعد أيضاً قيداً وحدّاً، والحرية من نفوذ الاخرين، على أساس استغلال أرباب العمل للمرأة وجرّها إلى المعمل بأجرة أقل، وتشمل أيضاً التحرر من القوانين التي تلزم المرأة بأمور تجاه زوجها، ويمكن اطلاق الحرية على كل هذه المعاني. ومع
20
13
الفصل الثاني: الحضارة الغربية
كل شعار من هذه الشعارات هناك شعاع واسع من المطالب والتوقعات التي يتناقض بعضها مع البعض الاخر بشكل كامل، فما هو معنى الحرية؟ للأسف فإن المعنى المطروح في الغرب للحرية هو الحرية بمعناها الخاطىء والمضر، أي الحرية من قيود وحدود الأسرة، والحرية من السلطة المطلقة للرجل، والحرية حتى من قيود الزواج وتشكيل الأسرة وتربية الأطفال، ليحل محل ذلك كله الهدف الشهواني العابر. وليست الحرية بمعناها الصحيح. لذلك ترين أن من بين الحديث المطروح في الغرب قضية حريّة إسقاط الأجنَّة، وهي مسألة مهمة جداً رغم أن ظاهرها بسيط وصغير، لكنّ باطنها خطر جداً وعميق. تلك هي الوسائل والشعارات التي تطرح في الغرب غالباً لذلك يقولون نهضة حرية المرأة “.
المرأة في الثقافة الغربية
يلفت سماحة القائد النظر إلى أمر مهم، وهو أن حقيقة تعامل الغربيين مع المرأة لا يُعرف من خلال الشعارات التي يطلقونها، بل يُعرف من خلال أدبهم وثقافتهم، يقول دام ظله:
” لقد وقع الغربيون في الإفراط والتفريط في مجال معرفة طبيعة المرأة وكيفية التعامل مع جنس المرأة، وكانت النظرة الغربية إلى المرأة نظرة قائمة على عدم المساواة وعدم التعادل.
21
14
الفصل الثاني: الحضارة الغربية
لا تنظرنّ إلى الشعارات التي تطلق في الغرب، إنها شعارات خاوية وتحكي عن واقعية نسبية، ولا يمكن فهم الثقافة الغربية من خلال تلك الشعارات، بل لا بد من البحث عن الثقافة الغربية من خلال الأدب الغربي.
إن المطلع على الأدب الغربي والشعر الأوروبي والأدب الأوروبي والقصة والرواية والمسرحية الأوروبية يعلم أن الثقافة الأوروبية منذ القرون الوسطى وقبلها وحتى أواخر القرن الحالي كانت تنظر إلى المرأة كموجود من الدرجة الثانية، وكل من يدعي خلاف ذلك فهو يدّعي جزافاً.
أنظرن إلى مسرحيات شكسبير الإنكليزي، ترين بأي نفس وأي لغة وأية نظرة ينظرونها إلى المرأة في هذه المسرحيات وفي سائر أنواع الأدب الغربي، فالرجل في الأدب الغربي سيد المرأة والقيّم عليها ولا تزال بعض نماذج هذه الثقافة واثارها باقية حتى يومنا هذا.
الان عندما تتزوّج المرأة عندهم، وتنتقل إلى بيت زوجها، فإن اسم عائلتها يتغيّر، وتحمل اسم عائلة زوجها… هذا هو عرف الغربيين، لكن ذلك لم يكن في بلدنا، وليس كذلك الان، فالمرأة عندما تحتفظ بهويَّة عائلتها حتى بعد زواجها. وما يجري الان في الغرب دلالة على الثقافة الغربية القديمة التي تعتبر الرجل سيد المرأة.
فالثقافة الغربية كانت تعتبر أن المرأة عندما تتزوج رجلاً
22
15