وقد أوحى لرسوله لكي ينصبه علما للناس، وقد نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودل الأمة عليه بعد حجة الوداع في غدير خم، فبايعوه ” هذا ما بقوله الشيعة “.
أما أهل السنة والجماعة فيقولون أيضا بوجوب الإمامة لقيادة الإمامة، ولكنهم يجعلون للأمة حق اختيار إمامها وقائدها، فكان أبو بكر بن أبي قحافة إماما للمسلمين باختيار المسلمين أنفسهم له بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي سكت عن أمر الخلافة ولم يبين للأمة شيئا منها وترك الأمر شورى بين الناس.
أين الحقيقة إذا تأمل الباحث في أقوال الطرفين وتمعن في حجج الفريقين بدون تعصب فسوف يقترب من الحقيقة بدون شك. وها أنا سوف أستعرض وإياكم الحقيقة التي وصلت إليها على النحو التالي:
I الإمامة في القرآن الكريم:
قال الله تعالى: {وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما، قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين} (1).
في هذه الآية الكريمة يبين الله لنا بأن الإمامة منصب إلهي يعطيه الله لمن يشاء من عباده لقوله: جاعلك للناس إماما كما توضح الآية بأن الإمامة هي عهد من الله لا ينال إلا العباد الصالحين الذين اصطفاهم الله لهذا الغرض لانتفائه عن الظالمين الذين لا يستحقون عهده سبحانه وتعالى.
وقال تعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) (2).
(٣٦)
وقال سبحانه وتعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) (1).
وقال أيضا: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) (2).
وقد يتوهم البعض بأن مدلول الآيات المذكورة يفهم منها بأن الإمامة المقصودة هنا هي النبوة والرسالة وهو خطأ في المفهوم العام للإمامة، لأن كل رسول هو نبي وإمام وليس كل إمام رسول أو نبي!
ولهذا الغرض أوضح الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بأن عباده الصالحين يمكن لهم أن يسألوه هذا المنصب الشريف ليتشرفوا بهداية الناس وينالوا بذلك الأجر العظيم قال تعالى: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا، والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) (3).
كما أن القرآن الكريم استعمل لفظ الإمامة للتدليل على القادة والحكام الظالمين الذين يضلون أتباعهم وشعوبهم ويقودونهم إلى الفساد والعذاب في الدنيا والآخرة، فقد جاء في ذكر الحكيم، حكاية عن فرعون وجنوده، قوله تعالى: (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين، وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون، وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين) (4).
وعلى هذا الأساس فقول الشيعة هو الأقرب لما أقره القرآن الكريم لأن الله
(٣٧)