الرئيسية / من / الصحة والعافية / الإمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي – محمد علي البار

الإمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي – محمد علي البار

يسمون أبناء، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بالحسن والحسين، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي خلفها، وهو يقول: (إن أنا دعوت فأمنوا). وهو معنى قوله: (ثم نبتهل) أي نتضرع في الدعاء… عن ابن عباس رضي الله عنهما نلتعن. وأصل الابتهال: الاجتهاد في الدعاء باللعن وغيره… يقال بهله الله أي لعنه، والبهل اللعن).
ثم قال: (قال كثير من العلماء أن قوله صلى الله عليه وسلم في الحسن والحسين لما باهل:
(ندع أبناءنا وأبناءكم) وقوله في الحسن: (إن ابني هذا سيد) مخصوص بالحسن والحسين أن سميا ابني النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهما، لقوله صلى الله عليه وسلم: (كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي).
تفسير ابن كثير (1):
قال: عن جابر رضي الله عنه قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب والطيب (رؤساء وفد نجران) فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه أن يلاعناه الغداة (أي بعد أن حاججهما في عبادتهما عيسى عليه السلام وادعاءهما بنوته لله تعالى كما قد مر). قال فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين، ثم أرسل إليهما (أي العاقب والطيب) فأبيا أن يجيبا وأقرا له بالخراج. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(والذي بعثني بالحق لو قالا لا، لأمطر عليهم الوادي نارا..) وفيهم نزلت (قل تعالوا ندع أبناءنا وأنباءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) رواه ابن مردويه والحاكم في المستدرك ورواه الطيالسي عن الشعبي مرسلا. قال ابن كثير: وهذا أصح.
تفسير قوله تعالى: قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى سورة الشورى 23 تفسير ابن جرير:
قال ابن جرير الطبري في تفسيره (2): (يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. قل


(١) الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير: تفسير القرآن العظيم.
(٢) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: جامع البيان في تفسير القرآن سورة الشورى دار المعرفة، بيروت.

(٢٣)

يا محمد للذين يمارونك في الساعة من مشركي قومك: قل لا أسألكم أيها القوم على دعايتكم إلى ما أدعوكم إليه من الحق الذي جئتكم به، والنصيحة التي أنصحكم – ثوابا وجزاء وعوضا من أموالكم تعطونيه إلا المودة في القربى، فاختلف أهل التأويل ما يعني بقوله: (إلا المودة في القربى) فقال بعضهم: معناه إلا أن تودوني في قرابتي منكم وتصلوا رحمي بيني وبينكم. ثم ذكر بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يكن بطن من بطون قريش إلا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم قرابة فقال: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى.
(وعن طاووس في قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) فقال: سئل عنها ابن عباس رضي الله عنهما فقال سعيد بن جبير: هي قربى آل محمد. فقال: عجلت. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من بطون قريش إلا وله قرابة. قال: فنزلت (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قال: إلا القرابة التي بيني وبينكم أن تصلوها.
وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة في جميع قريش فلما كذبوه وأبوا أن يتابعوه قال: يا قوم إن أبيتم أن تتابعوني فاحفظوا قرابتي فيكم، لا يكن غيركم من العرب أولى أن يحفظني وينصرني منكم).
وروى مثله عن عكرمة وقتادة ومجاهد والسدي والضحاك.
قال ابن جرير: (وقال آخرون بل معنى ذلك: قل لمن اتبعك من المؤمنين لا أسألكم على ما جئتكم به أجرا إلا أن تودوا قرابتي… ثم ذكر السدي عن أبي الديلم قال: لما جئ بعلي بن الحسين أسيرا، وأقيم على درج (طريق) دمشق قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، وقطع قرن الفتنة. فقال له علي: أقرأت القرآن؟ قال: نعم: قال: قرأت (آل حم)؟ قال:
قرأت القرآن ولم أقرأ (آل حم) قال: ما قرأت: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قال: فإنكم لإياها؟ قال: نعم).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما. قال: قالت الأنصار: فعلنا وفعلنا كأنهم فخروا. فقال العباس: لنا الفضل عليكم. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم في

(٢٤)

مجالسهم فقال: يا معشر الأنصار، ألم تكونوا أذلاء فأعزكم الله بي؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: أفلا تجيبوني؟ قالوا: ما نقول يا رسول الله؟ قال: ألا تقولون:
أو لم يخرجك قومك فآويناك؟ أو لم يكذبوك فصدقناك؟ أو لم يخذلوك فنصرناك؟
قال: فما زال يقول حتى جثوا على الركب، وقالوا: أموالنا وما في أيدينا لله ولرسوله قال: فنزلت: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى).
وعن سعيد ابن جبير (إلا المودة في القربى) قال: هي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى مثلها عن عمرو بن شعيب. ثم ذكر أقوالا أخرى.
قال الطبري: (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب وأشبهها بظاهر التنزيل قول من قال: معناه قل لا أسألكم عليه أجرا يا معشر قريش إلا أن تودوني في قرابتي منكم وتصلوا الرحم التي بيني وبينكم).
تفسير ابن عطية:
قال ابن عباس رضي الله عنهما: قيل: يا رسول الله، من قرابتك الذين أمرنا بمودتهم؟ (فقال: علي وفاطمة وابناهما).
وقيل: هم ولد عبد المطلب. قال ابن عطية: وقريش كلها عندي قربى وإن كانت تتفاضل. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من مات على حب آل محمد مات شهيدا، ومن مات على بغضهم لم يشم رائحة الجنة) بعض الأحاديث التي وردت في آل البيت وقد وردت في آل البيت أحاديث كثيرة. وأول آل البيت علي كرم الله وجهه، صهر النبي المصطفى وختنه وأخوه في الدنيا والآخرة. وسنكتفي ببعض الأحاديث التي وردت في الصحيحين والسنن.
من مناقب علي (رضي الله عنه وكرم وجهه) مناقب الإمام علي في صحيح البخاري: عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه) قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها. فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم

(٢٥)

يرجون أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: يشتكي عينيه يا رسول الله. قال: فأرسلوا إليه فأتوني به. فلما جاء بصق في عينيه، فدعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال: أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الاسلام.
وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه. فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم).
عن سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية، أو ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله، أو قال: يحب الله ورسوله، يفتح الله عليه. فإذا نحن بعلي وما نرجوه. فقالوا: هذا علي فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح الله عليهم.
عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى).
عن سهل بن سعد قال: دخل علي على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين ابن عمك؟ قالت: في المسجد، فخرج إليه، فوجد رداءه قد سقط عن ظهره، وخلص التراب إلى ظهره، فجعل صلى الله عليه وسلم يمسح عن ظهره فيقول: اجلس يا أبا تراب… مرتين.
مناقب الإمام علي في صحيح مسلم: الأحاديث المذكورة أعلاه وأحاديث أخرى ومنها حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه: لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له، خلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي) وسمعته يقول يوم خيبر:
(لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) قال: فتطاولنا لها.
فقال: ادعوا لي عليا فأتي به أرمد، فبصق في عينيه، ودفع الراية إليه ففتح الله عليه. ولما نزلت هذه الآية (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول

(٢٦)

شاهد أيضاً

الإنفاق في سبيل الله \عز الدين بحر العلوم

( ٩٠ ) الإمام ليدخل بيتاً من بيوت المسلمين ليعول من به ، وبذلك يخفف ...