الفصل الأول: ما هي التعبئة؟
هي حاجة ملحّة في زمن الحرب والسلم وفي ساحات المواجهة العسكريّة وغيرها، فهي نوع من أنواع الثقافة والروحيّة والحضور الشعبيّ اللازم في جميع المراحل والشامل لكلّ ساحات العمل.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“لا أحد يظنّ منكم أنتم أبناء التعبئة أنّ الثورة انتهت. لا، إنّ الثورة مثل البركان الّذي لا يُخمد ومثل النهر الّذي إذا لم يعد ينبع فسوف يجفّ مجراه”.
فهي حاجة ملحّة في جميع الأزمنة، ولكنّ توفيق بقائها واستمرارها وحضورها وفعّاليتها يتوقّف على إخلاص النيّة والتوكّل على الله تعالى، وهذا ما يؤكّد عليه الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“إذا كان هناك توكّل واعتماد على الله تعالى وتعلّق به، فإنّ الحركة التعبويّة ستكون حركة دائمة ومستمرّة، وإلّا فلن تكون أكثر من انفعال مؤقّت ووميض بارق في برهة من الزمن ثُمّ يزول”.
شكل التعبئة
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“التعبئة بالمعنى الحقيقيّ للكلمة هي ظاهرة ثوريّة”.
والظاهرة الثوريّة لها خصائص الشموليّة من جهة والعمل الجذريّ من جهة أخرى، فالتعبئة ليس عملها في أمور ثانويّة على هامش المجتمع بل أعمالها جذريّة ومصيريّة وشعبيّة وشاملة.
18
12
الفصل الأول: ما هي التعبئة؟
وإذا كانت التعبئة حركة شعبيّة بهذه السعة، فهل من المطلوب تنظيمها وتشكيلها كجهاز منظّم أم أنّ شمولّيتها تحتّم تركها غير منظّمة بحيث تُصبح عملاً فوضوياًّ لا ضوابط له ولا آليّات؟
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“قامت التعبئة والحمد لله كجهاز منظّم، فأصبحت ولا زالت كذلك مؤسّسة وقوّة ويجب أنْ تبقى على هذه الشاكلة أيضاً”.
بل نجد الإمام الخامنئيّ دام ظله يجعل جهازاً مهمّاً وضخماً كالحرس الثوريّ مسؤولاً عن تنظيم التعبئة، بل يؤكّد على أنّ تنظيم التعبئة هو تقريباً نصف مهامّ قوّات الحرس!
يقول دام ظله: ” لقد أوصيت مؤكّداً على الأخوة في الحرس الثوريّ أن يتعاطوا مع مسألة التعبئة بجديّة، فإدارة وتنظيم التعبئة هي تقريباً نصف مسؤوليّة ومهمّة قوات الحرس”.
ومهمّة التنظيم هي مهمّة أساس بالنسبة للتعبئة والمسؤولين فيها. وحتّى يحصل التنظيم بشكله الحقيقيّ والصحيح والتامّ لا بُدّ أنْ يواكبه العلم والمعرفة والعمل الجادّ والدؤوب، فكلّما اتسعت الشرائح وتعدّدت وتنوّعت طبائعها كلّما أصبح تنظيمها أكثر تعقيداً وصعوبة.
يقول دام ظله: “إنّ على المسؤولين في التعبئة أن يولوا أهميّة فائقة للتنظيم، فالأصل هو التنظيم، وهنا العمل والتعليم والغذاء الفكريّ يؤتي ثماره في هذا الإطار”.
19
13
الفصل الأول: ما هي التعبئة؟
الثقافة
التعبئة ليست مجرّد إطار تنظيميّ يهتّم بسدّ الثغرات العمليّة في الساحات المتعدّدة، بل هو قبل كلّ شيء حركة ثقافيّة تأخذ بيد الشعب بما فيه من شرائح لتزيد وعيه، وتحيي فيه روح الإسلام الأصيل، وتقوّي فيه الجانب المعنويّ والاستعداد العمليّ ليكون جاهزاً على المستوى النفسيّ والثقافيّ واللوجستيّ, لتأدية دوره المقدّس في خدمة الإسلام بالشكل المثمر والصحيح.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله: “التعبئة في الحقيقة ثقافة وحركة ثقافيّة”. “إنّ التعبئة حقيقة منطقيّة وفكريّة متجذّرة عميقة تحتضن جميع فئات الشعب”.
الثقافة الإسلاميّة الأصيلة لا تعرف إلّا الشجاعة في مواجهة كلّ المخاطر والغيرة على الأمّة والاستقلال وعدم التبعيّة…
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله: “إنّ ثقافة التعبويّ هي ثقافة الروحية والشجاعة والغيرة والاستقلال والحريّة وعدم الوقوع في أسر القيود الحقيرة”.
وهذه الخصوصيّات لم تأتِ إلّا من خلال الارتباط بالله سبحانه وتعالى، والمشاركة في العبادات الّتي علّمنا إيّاها أهل البيت عليهم السلام كالصحيفة السجّاديّة ودعاء كميل وغيرهما.
20
14
الفصل الأول: ما هي التعبئة؟
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
“إنّ هذا الارتباط بالله وهذه الروحيّة في الدعاء والتضرّع الموجودة في قوّاتنا التعبويّة ودعاء كميل الّذي آليتم على أنفسكم قراءته وكذلك صلاة الجمعة وتوسّلكم وتوجّهكم إلى الأئمّة عليهم السلام، هذه العلاقة والرابطة المعنويّة هي الّتي حافظت على كلّ شيء، وهذه إحدى الخصوصيّات الّتي لا توجد في الأماكن الأخرى، ويجب أن تحافظوا عليها”.
21
15