الرئيسية / زاد الاخرة / مكيال المكارم – ميرزا محمد تقي الأصفهاني – ج ١

مكيال المكارم – ميرزا محمد تقي الأصفهاني – ج ١

بتقدير اللام للاختصاص والملكية، يعني جعله حجة على أهل العقول وغيرهم إذ هو حجة على جميع المخلوقات، وكل شئ يجب أن يرجع في تسبيحه وتقديسه وعبادته وكيفية خضوعه إليه ويحتمل أن يراد بالمواد عالم الزمانيات والجسمانيات، وبالعالم عالم المجردات والروحانيات وأما حمل أهل المواد على أهل المحبة، وحمل العالم فبعيد كحمل العطف على التفسير، فليتأمل.
أقول: الصحيح أنه لا مجرد سوى الله تعالى وما ذكره من إرادة إثبات مجرد سواه فلا ينهض دليلا، بل الدليل على خلافه، وليس هنا مقام بسط الكلام، فلنحوله إلى محله، وأما حمل العطف على التفسير، فليس ببعيد، وإن كان مقتضى العطف التغاير فتأمل.
– ومنها بسند كالصحيح أو الصحيح على بعض الوجوه عن أحدهما (عليهما السلام) أنه قال لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف الله ورسوله والأئمة (عليهم السلام) كلهم وإمام زمانه ويرد إليه ويسلم له ثم قال: كيف يعرف الآخر وهو يجهل الأول (1).
– ومنها في الصحيح عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق فقال: إن الله عز وجل بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) إلى الناس أجمعين رسولا وحجة لله على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن بالله وبمحمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) واتبعه وصدقه، فإن معرفة الإمام منا واجبة عليه، ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتبعه ولم يصدقه، ويعرف حقهما، فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقهما (2).
أقول: يريد أن وجوب معرفة الله ورسوله مقدم رتبة على وجوب معرفة الإمام لا نفي وجوب معرفة الإمام عمن لا يعرف الله ورسوله.
– ومنها (3) في الصحيح عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كل من دان الله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه، ولا إمام له من الله، فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير، والله شانئ لأعماله، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت ذاهبة
١ – الكافي: ١ / ١٨٠ باب معرفة الإمام خبر ٢.
٢ – الكافي: ١ / ١٨٠ باب معرفة الإمام خبر ٣.
٣ – الكافي: ١ / 375 باب فيمن دان الله بغير إمام.
(١٧)
وجائية يومها، فلما جنها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها، فحنت إليها، واغترت بها، فباتت معها في مربضها، فلما أن ساق الراعي قطيعه، أنكرت راعيها وقطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها، واغترت بها، فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك، فهجمت ذعرة متحيرة تائهة لا راعي لها، يرشدها إلى مرعاها أو يردها، فبينا هي كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله عز وجل ظاهر عادل أصبح ضالا تائها، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق، واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا، وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد.
قوله (عليه السلام): طاهر، إن كان بالمهملة فالمعنى طاهر عن الأرجاس والذنوب، وهو معنى كونه معصوما، وإن كان بالمعجمة، فالمعنى ظاهر وجوده وحجيته بالدلائل الواضحة، والعلائم اللائحة، وإن كان شخصه غائبا عن الأبصار القاصرة (1).
– ومنها (2) بسند كالصحيح أو الصحيح على بعض الوجوه، عن أبي جعفر (عليه السلام) إنما يعرف الله عز وجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت، ومن لا يعرف الله عز وجل ولا يعرف الإمام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا.
– ومنها (3) في الصحيح عنه (عليه السلام) قال ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضى
١ – ويؤيد ذلك ما رواه ثقة الإسلام في الكافي في باب الغيبة عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إياكم والتنويه، أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم، ولتمحصن حتى يقال مات، قتل، هلك، بأي واد سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر، فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيده بروح منه، وليرفض اثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدرى أي من أي، قال فبكيت.
ثم قلت: فكيف نصنع؟ قال: فنظر (عليه السلام) إلى الشمس داخلة في الصفة فقال: يا أبا عبد الله ترى هذه الشمس؟
قلت: نعم، فقال (عليه السلام): والله لأمرنا أبين من هذه الشمس (لمؤلفه).
٢ – الكافي: ١ / ١٨١ باب معرفة الإمام خبر ٤.
٣ – الكافي: ١ / 185 باب فرض طاعة الأئمة خبر 1.
(١٨)
الرحمن تبارك وتعالى الطاعة للإمام بعد معرفته إن الله عز وجل يقول * (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا) * أما لو أن رجلا قام ليلة، وصام نهاره وتصدق بجميع ماله، وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان.
– ومنها (1) في الصحيح عن عيسى بن السري أبي اليسع، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
أخبرني بدعائم الإسلام التي لا يسع أحدا التقصير عن معرفة شئ منها، الذي من قصر عن معرفة شئ منها فسد عليه دينه، ولم يقبل منه عمله ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه، وقبل منه عمله، ولم يضق به مما هو فيه لجهل شئ من الأمور جهله، فقال: شهادة أن لا إله إلا الله، والإيمان بأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والإقرار بما جاء به من عند الله، وحق في الأموال الزكاة، والولاية التي أمر الله عز وجل بها ولاية آل محمد (صلى الله عليه وآله) قال: فقلت له: هل في الولاية شئ دون شئ فضل يعرف لمن أخذ به؟ قال: نعم رسول الله (صلى الله عليه وآله): من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان عليا، وقال الآخرون: كان معاوية، ثم كان الحسن، ثم كان الحسين، وقال الآخرون: يزيد بن معاوية وحسين بن علي، ولا سواء ولا سواء.
قال: ثم سكت (عليه السلام) ثم قال أزيدك؟ فقال له حكم الأعور: نعم جعلت فداك: قال: ثم كان علي بن الحسين، ثم كان محمد بن علي أبا جعفر، وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر (عليه السلام) وهم لا يعرفون مناسك حجهم، وحلالهم وحرامهم، حتى كان أبو جعفر ففتح لهم، وبين لهم مناسك حجهم، وحلالهم وحرامهم، حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس، وهكذا يكون الأمر، والأرض لا تكون إلا بإمام، ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، وأحوج ما تكون إلى ما أنت عليه، إذا بلغت نفسك هذه، وأهوى بيده إلى حلقه، وانقطعت عنك الدنيا تقول لقد كنت على أمر حسن.
أقول: قوله هل في الولاية شئ (الخ) يحتمل أمرين:
أحدهما أن يكون المراد استفهام حد معين في الولاية بحيث لا يجزئ الأقل منه حتى يعرفه السائل، ويأخذ به وهذا هو الشئ الموصوف بالفضل فأجابه الإمام (عليه السلام) بذكر أمرين:
١ – الكافي: ٢ / 19 باب دعائم الإسلام خبر 6.
(١٩)

شاهد أيضاً

أبناء الرسول صلى الله عليه وأله في كربلاء

ولقد كتب يوما لزياد، واليه على الكوفة والبصرة يقول له: (إنه لا ينبغي أن نسوس ...