الرئيسية / تقاريـــر / الامامية وفقه السياسة – د. عبد الستار جبار الجابري

الامامية وفقه السياسة – د. عبد الستار جبار الجابري

الامامية وفقه السياسة د. عبد الستار جبار الجابري

الحلقة الخامسة

فقه السياسة في عصر الغيبة3

وفي ايام العلامة الحلي (قدس سره) اعتنق السلطان اوليجاتو التشيع وحول اسمه الى خدا بنده واهتم بعمارة المراقد المقدسة وطلب من العلامة الحلي مصاحبته وتأثر بالعلامة تأثراً كبيراً واقترح العلامة عليه ان ينشئ مدرسة سيارة لنشر فكر اهل البيت (عليهم السلام) فاجابه الى ذلك وكانت تلك المدرسة تسير مع الركب السلطاني، وكانت تجري المناظرات بين العلامة (قدس سره) وبقية علماء المذاهب والاديان، كما دون العلامة بعض الكتب استجابة لطلب السلطان خدابنده الذي اراد الاستفادة اكثر من مباني المذهب الامامي خاصة فيما يتعلق بعلم الكلام، ونتج عن ذلك انتشار التشيع بشكل كبير في مناطق نفوذ الدولة الايلخانية التي حكمت العراق وايران، فاصبحت سبزوار احد اهم مراكز التشيع، مضافاً الى اعتناق اهل اذربيجان وبعض القبائل المغولية مذهب الامامية.
فمرحلة العلامة الحلي (قدس سره) تكشف عن تطور في العلاقة بين فقهاء الامامية والسلطان حيث تمكن العلامة (قدس سره) من توظيف علاقة الاحترام والمحبة التي اولاها السلطان خدابنده لفقيه الشيعة الكبير لنشر فكر اهل البيت (عليهم السلام) على اساس الحجة والبرهان والاقناع وقد كان للعلاقة الوطيدة بين العلامة (قدس سره) والسلطان خدابنده اثره الكبير في تهيأة الظروف المناسبة لنشر كتب العلامة وشيوعها في مختلف مناطق نفوذ السلطان خدابنده.
ومن هنا نلاحظ ان علاقة الفقهاء بالسلطة في الفترة الممتدة من القرن الثالث الهجري الى القرن الثامن الهجري مرت بمرحلتين الاولى مرحلة عدم التدخل في شؤون السلطة والافادة من وجودها، المرحلة الثانية مرحلة المشورة الفقهية والتوجيه بما يمثله اليوم المستشارون المتخصصون دون ان يؤدي ذلك الى الدخول في جزئيات عمل السلطة، فحافظ الفقهاء خلال تلك الفترة على مسألة عدم التدخل في جزئيات عمل السلطة واكتفوا في القرن الثالث الهجري وما بعده بالافادة من الحرية التي اتاحتها الظروف السياسية في نشر مذهب اهل البيت خاصة في ايام البويهيين، وتطور الحال الى التدخل لحفظ كيان الامة وتراثها في القرن اواسط القرن السابع الهجري ثم الى الافادة من تقريب السلطة وشغل دور المشير على السلطة في ما يخص الجوانب الفقهية والدينية دون الدخول في جزئيات عمل السلطة واستمر المنهج على هذا الحال في ظل الدولة الجلائرية ودولة القره قوينلو والدولة السربدارية وهي دول شيعية كانت الاولان منهما في العراق وايران، والاخيرة في مدينة سبزوار وما والاها.

شاهد أيضاً

صور منتخبة