الرئيسية / مستحبات الايام ولياليها / النوافل اليومية وفضلها وأحكامها وتعقيباتها

النوافل اليومية وفضلها وأحكامها وتعقيباتها

النوافل اليومية وفضلها وأحكامها وتعقيباتها

” * 1 ” (باب) ” ” جوامع أحكامها وأعدادها وفضائلها ” الآيات: الفرقان:

وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ” (1).
المعارج: إلا المصلين * الذين هم على صلاتهم دائمون (2).

تفسير: ” خلفة ” قال البيضاوي: أي ذو خلفة كل منهما الآخر بأن يقوم مقامه فيما ينبغي أن يعمل أو بأن يعقبان لقوله ” واختلاف الليل والنهار ” (3) وهي للحالة من خلف كالركبة والجلسة ” لمن أراد أن يذكر ” اي يتذكر آلاء الله ويتفكر في صنعه، فيعلم أنه لا بد له من صانع حكيم واجب الذات رحيم على العباد.

” أو أراد شكورا ” اي لمن يشكر الله على ما فيه من النعم، أو ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين من فاته ورده في أحدهما تداركه في الآخر انتهى والأخبار تدل على المعنى الثاني كما سيأتي وفي الفقيه (4) عن الصادق عليه السلام كل ما فاتك بالليل فاقضه بالنهار، قال الله عز وجل.. وتلا هذه الآية ثم قال:

يعني أن يقضي الرجل ما فاته بالليل بالنهار وما فاته بالنهار بالليل.


(١) الفرقان: ٦٢.
(٢) المعارج: ٢٣.
(٣) البقرة: ٦٤، وغير ذلك.
(٤) الفقيه ج ١ ص ٣١٥.

(٢١)

على صلاتهم دائمون ” قال الطبرسي رحمة الله عليه: اي مستمرون (1) على أدائها لا يخلون بها ولا يتركونها، وروي عن أبي جعفر عليه السلام أن هذا في النوافل، وقوله: ” والذين هم على صلاتهم يحافظون ” في الفرايض والواجبات، وقيل: هم الذين لا يزيلون وجوههم عن سمت القبلة.

1 – تفسير علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ثم استثنى فقال: ” إلا المصلين ” فوصفهم بأحسن أعمالهم ” الذين هم على صلاتهم دائمون ” يقول إذا فرض على نفسه من النوافل شيئا ” دام عليه (2).

2 – فقه الرضا: قال عليه السلام: حسنوا نوافلكم، واعلموا أنها هدية إلى الله عز وجل، واعلموا أن النوافل إنما وضعت لاختلاف الناس في مقادير قواهم لأن بعض الخلق أقوى من بعض، فوضعت الفرائض على أضعف الخلق، ثم أردفت بالسنن ليعمل كل قوي بمبلغ قوته، وكل ضعيف بمبلغ ضعفه، فلا يكلف أحد فوق طاقته ولا تبلغ قوة القوى حتى تكون مستعملة في وجهه من وجوه الطاعة، وكذلك كل مفروض من الصيام والحج ولكل فريضة سنة بهذا المعنى (3).

ومنه: قال عليه السلام: واعلم أن ثلاث صلوات إذا دخل وقتهن ينبغي لك أن تبتدئ بهن ولا تصلي بين أيديهن نافلة: صلاة استقبال النهار وهي الفجر، وصلاة استقبال الليل وهي المغرب، وصلاة يوم الجمعة (4).

ولا تصلي النافلة في أوقات الفرائض إلا ما جاءت من النوافل في أوقات الفرائض مثل ثمان ركعات بعد زوال الشمس وقبلها، ومثل ركعتي الفجر فإنه يجوز فعلها بعد طلوع الفجر، ومثل تمام صلوه الليل والوتر وتفسير ذلك أنك إذا ابتدأت بصلاة الليل قبل طلوع الفجر فطلع الفجر وقد صليت منها ست ركعات أو أربعا ” بادرت وأدرجت


(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٥٧.
(٢) تفسير القمي ص ٦٩٦.
(٣) فقه الرضا ص ٩ س ٨.
(٤) فقه الرضا ص ٨ س 31.

(٢٢)

باقي الصلاة والوتر إدراجا ” ثم صليت الغداة (1).

وقال العالم: إذا كان الرجل على عمل فليدم عليه السنة ثم يتحول إلى غيره إن شاء ذلك، لأن ليلة القدر يكون فيها لعامها ذلك، ما شاء الله أن يكون (2)

بيان: ” وقبلها ” أي قبل الفريضة، أو قبل الزوال، والتأنيث باعتبار المضاف إليه أو بتأويل الساعة، فيكون المراد به جواز التقديم كما دلت عليه بعض الأخبار وحملها الشيخ على الضرورة، ومال الشهيد إلى جوازه مطلقا ” وسيأتي القول فيه إنشاء الله تعالى، ويدل على جواز إيقاع نافلة الغداة بعد الفجر الثاني كما هو المشهور أيضا ” وسنوضح جميع ذلك إنشاء الله تعالى.

وأما إيقاع النافلة في وقت الفريضة (3) ففيه مقامات:

الأول: إيقاع النوافل في وقت الفرائض، ولا ريب في جواز إيقاع الرواتب في أوقاتها المقررة قبل وقت الفضيلة المختص بالفريضة، كنافلة الظهر في القدمين، والعصر في الأربعة، وأما إيقاعها بعد مضي تلك الأوقات قبل الفريضة ففيه إشكال، والأكثر على عدم الجواز، والأخبار مختلفة، والأحوط تقديم الفريضة، وإن أمكن الجمع بينهما بحمل النهي على الكراهة المصطلحة في العبادات، والأظهر جواز تقديمها للمأموم مع انتظار الامام.

الثاني: إيقاع غير الرواتب في أوقات الفرايض والمشهور عدم الجواز، وأسنده في المعتبر إلى علمائنا، وذهب جماعة منهم الشهيدان وابن الجنيد إلى الجواز ولا يخلو من قوة للأخبار الكثيرة الدالة بعمومها على جواز إيقاعها في كل وقت، وظهور أكثر اخبار المنع في الرواتب، وقد وردت في الروايات نوافل كثيرة بين العشائين وبعد الجمعة، وإن كان طريق بعضها لا يخلو من ضعف، والأحوط تقديم الفريضة لا سيما بعد دخول وقت الفضيلة، وخروج وقت الراتبة، ولا يبعد جوازها مع انتظار الامام


(١) فقه الرضا ص ٩ س ٣.
(٢) فقه الرضا ص ١١ س 22.
(3) راجع ما سبق في ج 84 ص 210 من هذه الطبعة.

(٢٣)

هنا أيضا “.
الثالث: الاتيان بقضاء النوافل الراتبة قبل الفريضة، والمشهور فيه أيضا ” عدم الجواز، وذهب الشهيدان وابن الجنيد إلى الجواز، ولا يخلو من قوة والأحوط تقديم الفريضة كما عرفت.

الرابع: جواز التنفل لمن عليه فائتة والأكثر على المنع وذهب الشهيدان والصدوق وابن الجنيد إلى الجواز، ولا يخلو من قوة، لا سيما مع انتظار المأموم للامام، أو الامام اجتماع المأمومين، وسيأتي بعض القول في المقامات كلها إنشاء الله.

3 – الذكرى: روى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة حتى يبدء بالمكتوبة، قال: فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه، فقبلوا ذلك مني.

فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني أن رسول الله صلى الله عليه وآله عرس في بعض أسفاره وقال: من يكلؤنا؟ فقال بلال: أنا، فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس، فقال صلى الله عليه وآله: يا بلال ما أرقدك؟ فقال: يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة وقال: يا بلال اذن فأذن فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله ركعتي الفجر، ثم قام فصلى بهم الصبح ثم قال: من نسي شيئا ” من الصلاة فليصلها إذا ذكرها، فان الله عز وجل يقول: ” وأقم الصلاة لذكرى ” (1).

قال زرارة: فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه، فقال نقضت حديثك الأول فقدمت على أبي جعفر عليه السلام فأخبرته بما قال القوم، فقال: يا زرارة ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعا “، وأن ذلك كان قضاء من رسول الله صلى الله عليه وآله (2).

بيان: ” عرس ” بالتشديد اي نزل في آخر الليل للاستراحة، وهذا المكان


(١) طه: ١٤.
(2) الذكرى: 134.

(٢٤)

اشتهر بالمعرس وهو بقرب المدينة، ويكلؤنا بالهمز أي يحرسنا من العدو أو من فوت الصلاة أو الأعم، ولفظة ” ما ” في ” ما أرقدك ” استفهامية، وربما يتوهم كونها للتعجب أي ما أكثر رقودك ونومك ” أخذ بنفسي ” المناسب لهذا المقام سكون الفاء كما قال الله تعالى ” الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ” (1) لكن يأبى عنه جمعه ثانيا على الأنفاس، فإنه جمع النفس بالتحريك وجمع النفس بالسكون الأنفس والنفوس، فالمراد بالنفس الصوت ويكون انقطاع الصوت كناية عن النوم، وفي القاموس النفس بالتحريك واحد الأنفاس، والسعة، والفسحة في الأمر والجرعة والري والطويل من الكلام انتهى.

وبعد إيراد هذه الرواية قال الشهيد – رحمة الله ورضوانه عليه -: في هذا الخبر فوائد:

منها استحباب أن يكون للقوم حافظ إذا ناموا، صيانة لهم عن هجوم ما يخاف منه.

ومنها أن الله تعالى أنام نبيه لتعليم أمته، ولئلا يعير بعض الأمة بذلك، ولم أقف على راد لهذا الخبر، لتوهم القدح في العصمة.

ومنها أن العبد ينبغي أن يتفأل بالمكان والزمان، بحسب ما يصيبه فيها من خير أو غيره، ولهذا تحول النبي صلى الله عليه وآله إلى مكان آخر.

ومنها استحباب الأذان للفائتة كما يستحب للحاضرة، وقد روى العامة عن أبي قتادة وجماعة من الصحابة في هذه الصورة أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بلالا ” فأذن فصلى ركعتي الفجر وأمره فأقام فصلى صلاة الفجر.

ومنها استحباب قضاء السنن.ومنها جواز فعلها لمن عليه قضاء (2) وإن كان قد منع منه أكثر المتأخرين.
ومنها شرعية الجماعة في القضاء كالأداء.


(١) الزمر: ٤٢.
(2) لكن لا مطلقا، بل إذا كانت النافلة راتبة للصلاة الفائتة.

(٢٥)

ومنها وجوب قضاء الفائتة كفعله ووجوب التأسي به، ولقوله: ” فليصلها “.
ومنها أن وقت قضائها ذكرها.

ومنها أن المراد بالآية ذلك.
ومنها الإشارة إلى المواسعة في القضاء لقول الباقر عليه السلام ” الا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان “.

ثم قال: وقد روي أيضا في الصحيح ما يدل على عدم جواز النافلة لمن عليه فريضة، والشيخ جمع بينهما بالحمل على انتظار الجماعة، وابن بابويه عمل بمضمون الخبر، وأمر بقضاء النافلة ثم الفريضة، وفي المختلف اختار المنع، وأشار بعض الأصحاب إلى أن الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وآله من المنسوخ إذ النسخ جائز في السنة انتهى.

وأقول: حمل الشيخ بعيد عن هذا الخبر، إذ أمر النبي صلى الله عليه وآله أصحابه بقضاء النافلة يدل على اجتماعهم فلا انتظار، وكذا النسخ أيضا لا يجري فيه، والأوجه ما أومأنا إليه بالحمل على استحباب التأخير، والله يعلم.

تتميم اعلم أنه يستفاد من الخبر أمور أخر، وهي استحباب التعريس، واستحباب كون المؤذن غير الامام، واستحباب تقديم الأذان على النافلة، والمنع من النافلة بعد دخول وقت الفريضة، ولزوم الجمع بين الأخبار ورفع التنافي عنها، وحسن قبول العذر ممن له عذر مرضي، وجواز إظهار الاحكام عند المخالفين مع عدم التقية.

تنبيه ربما يتوهم التنافي بين هذا الخبر وبين ما روي [أنه صلى الله عليه وآله كان يقول: تنام عيني ولا ينام قلبي وما روي أن نومه صلى الله عليه وآله كان كيقظته وكان يعلم في النوم ما يعلم في اليقظة؟ ويمكن الجواب عنه بوجوه:

الأول أن يكون نومه صلى الله عليه وآله في سائر الأحوال كاليقظة] (1) وفي تلك الحالة


(1) ما بين العلامتين زيادة منا اقتباسا ” من كلامه قدس سره في باب سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة ج 17 ص 121 من هذه الطبعة.

(٢٦)

شاهد أيضاً

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم

قال: نزلت في الحسين (عليه السلام) لو قتل أهل الأرض به ما كان سرفا. – ...