الرئيسية / زاد الاخرة / مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (عليه السلام)53

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (عليه السلام)53

تلطفه (عليه السلام) بنا يشهد بذلك قوله (عليه السلام) في التوقيع المروي:
– في الاحتجاج: (1) إنه أنهي إلي ارتياب جماعة منكم في الدين، وما دخلهم من الشك والحيرة، في ولاة أمرهم فغمنا ذلك لكم لا لنا وساءنا فيكم لا فينا لأن الله معنا فلا فاقة بنا إلى غيره، والحق معنا فلن يوحشنا من قعد عنا، ونحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائعنا.
ويدل على المقصود أيضا، ما في بصائر الدرجات:
– بإسناده (2) عن زيد الشحام، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا زيد، جدد عبادة، وأحدث توبة، قال نعيت إلي نفسي جعلت فداك؟ قال: فقال لي: يا زيد ما عندنا خير لك وأنت من شيعتنا، قال: وقلت: وكيف لي أن أكون من شيعتكم؟ قال: فقال (عليه السلام) لي: أنت من شيعتنا، إلينا الصراط والميزان وحساب شيعتنا والله لأنا أرحم بكم منكم بأنفسكم، الخبر.
تحمله (عليه السلام) الأذى منا – ففي توقيع آخر مروي (3) فيه أيضا: قد آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم ومن دينه جناح البعوضة، الخ.
ترك حقه (عليه السلام) لنا في الدنيا والآخرة أما في الدنيا، فقد سبق في إباحة ما في أيدينا، وأما في الآخرة:
– فقد روي في البحار (4) في المجلد الثالث، عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إذا كان يوم القيامة جعل الله حساب شيعتنا علينا فما كان بينهم وبين الله استوهبه محمد (صلى الله عليه وآله) وما كان فيما بينهم وبين الناس من المظالم أداه محمد (صلى الله عليه وآله) عنهم، وما كان فيما بيننا وبينهم وهبناه لهم، حتى يدخلوا الجنة بغير حساب.
١ – الاحتجاج: ٢ / ٢٧٨ توقيعات الناحية المقدسة.
٢ – الإحتجاج: ٢ / ٢٦٥ ذيل ١٥.
٣ – الإحتجاج: ٢ / ٢٨٩ توقيعات الناحية المقدسة.
٤ – بحار الأنوار: ٧ / 274 باب 11 ح 48.
(٥٤)
– أقول: روي في البرهان (1) عدة أحاديث في هذا المعنى، عن الأئمة (عليهم السلام) في تفسير قوله تعالى: * (إن علينا حسابهم) * فراجع.
تشييع أمواتنا – يدل عليه ما روي في البحار (2) من كتاب المناقب، أنه اجتمعت عصابة الشيعة بنيسابور، واختاروا محمد بن علي النيسابوري فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم، وشقة من الثياب، وأتت شطيطة بدرهم صحيح وشقة خام من غزل يدها تساوي أربعة دراهم، فقالت: إن الله لا يستحيي من الحق قال فثنيت درهمها، وجاءوا بجزء فيه مسائل ملء سبعين ورقة في كل ورقة مسألة، وباقي الورق بياض ليكتب الجواب تحتها، وقد حزمت كل ورقتين بثلاث حزم، وختم عليها بثلاث خواتيم على كل حزام خاتم وقالوا:
ادفع إلى الإمام ليلة، وخذ منه في غد فإن وجدت الجزء صحيح الخواتيم: فاكسر منها خمسة وانظر هل أجاب عن المسائل، فإن لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحق للمال، فادفع إليه، وإلا فرد إلينا أموالنا.
فدخل على الأفطح عبد الله بن جعفر، وجربه، وخرج عنه قائلا (ربي اهدني إلى سواء الصراط)، قال: فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول: أجب من تريد فأتى بي دار موسى بن جعفر (عليه السلام)، فلما رآني قال: لم تقنط يا أبا جعفر ولم تفزع إلى اليهود والنصارى؟ إلي فأنا حجة الله ووليه، ألم يعرفك أبو حمزة على باب مسجد جدي؟ وقد أجبتك عما في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس فجئني به وبدرهم شطيطة الذي وزنه درهم ودانقان الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازواري، والشقة التي في رزمة الأخوين البلخيين، قال فطار عقلي من مقاله، وأتيت بما أمرني، ووضعت ذلك قبله، فأخذ درهم شطيطة وإزارها ثم استقبلني، وقال: إن الله لا يستحيي من الحق يا أبا جعفر، أبلغ شطيطة سلامي وأعطها هذه الصرة، وكانت أربعين درهما.
ثم قال وأهديت لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا، قرية فاطمة عليها السلام وغزل أختي حليمة ابنة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام).
١ – تفسير البرهان: ٤ / ٤٥٥، سورة الغاشية: ٢٦.
٢ – بحار الأنوار: ٤٨ / 73 ح 100.
(٥٥)
ثم قال وقل لها ستعيشين تسعة عشر يوما من وصول أبي جعفر، ووصول الشقة والدراهم، فأنفقي على نفسك منها ستة عشر درهما، واجعلي أربعة وعشرين صدقة عنك، وما يلزم عنك وأنا أتولى الصلاة عليك، فإذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم علي فإنه أبقى لنفسك.
ثم قال (عليه السلام): واردد الأموال إلى أصحابها، وافكك هذه الخواتيم عن الجزء، وانظر هل أجبناك عن المسائل أم لا؟ من قبل أن تجيئنا بالجزء فوجدت الخواتيم صحيحة ففتحت منها واحدا من وسطها، فوجدت فيه مكتوبا: ما يقول العالم (عليه السلام) في رجل قال: نذرت لله لأعتقن كل مملوك كان في رقي قديما، وكان له جماعة من العبيد؟ الجواب بخطه: ليعتقن من كان في ملكه من قبل ستة أشهر.
والدليل على صحة ذلك قوله تعالى: * (والقمر قدرناه) * الآية، والحديث من ليس له ستة أشهر وفككت الختام الثاني فوجدت ما تحته: ما يقول العالم في رجل قال: والله لأتصدقن بمال كثير فما يتصدق.
الجواب تحته بخطه: إن كان الذي حلف من أرباب شياه، فليتصدق بأربع وثمانين شاة، وإن كان من أصحاب النعم، فليتصدق بأربع وثمانين بعيرا وإن كان من أرباب الدراهم، فليتصدق بأربع وثمانين درهما.
والدليل عليه قوله تعالى: * (ولقد نصركم الله في مواطن كثيرة) * فعددت مواطن رسول الله قبل نزول تلك الآية (1) فكانت أربعة وثمانين موطنا. فكسرت الخاتم الثالث فوجدت تحته مكتوبا، ما يقول العالم في رجل نبش قبر ميت وقطع رأس الميت وأخذ الكفن.
الجواب بخطه: يقطع السارق لأخذ الكفن من وراء الحرز، ويلزم مائة دينار لقطع رأس الميت، لأنا جعلناه بمنزلة الجنين في بطن أمه قبل أن ينفخ فيه الروح، فجعلنا في النطفة عشرين دينارا… المسألة إلى آخرها، فلما وافى خراسان، وجد الذين رد عليهم أموالهم، ارتدوا إلى الفطحية، وشطيطة على الحق، فبلغها سلامه وأعطاها صرته، وشقته فعاشت كما قال (عليه السلام) فلما توفيت شطيطة جاء الإمام على بعير له، فلما فرغ من تجهيزها، ركب بعيره وانثنى نحو البرية، وقال (عليه السلام): عرف أصحابك وأقرأهم مني السلام وقل لهم إني ومن يجري مجراي من الأئمة (عليهم السلام) لا بد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد كنتم فاتقوا الله في أنفسكم.
١ – سورة التوبة: ٢٥.
(٥٦)

شاهد أيضاً

أبناء الرسول صلى الله عليه وأله في كربلاء

على أية حال، فقد جلس يزيد حيث كان يجلس أبوه من قبل، وسبق الناس إليه ...