78 بن حسين وعن داود بن علي بن عبدالله بن عباس ان بني عقيل قالوا : لا والله لا نبرح حتى ندرك ثارنا او تذوق ما ذاق أخونا قال ابومخنف – عن ابي جناب الكلبي عن عدي بن حرملة عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا : فنظر الينا الحسين فقال : لا خير في العيش بعد هؤلاء قالا : فعلمنا انه قد عزم له رأيه على المسير قالا : فقلنا : خار الله لك ، قالا : فقال : رحمكما الله قالا : فقال له بعض اصحابه : انك والله ماأنت مثل مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس اليك أسرع ، قال الاسديان ثم انتظر حتى اذا كان السحر قال
لفتيانه وغلمانه : اكثروا من الماء فاستقوا واكثروا ثم ارتحلوا وساروا حتى انتهوا إلى زبالة قال ابومخنف – حدثني ابوعلي الانصاري عن بكر بن مصعب المزني قال : كان الحسين لا يمر باهل ماء الا اتبعوه حتى انتهى إلى زبالة سقط اليه مقتل اخيه من الرضاعة مقتل عبدالله بن بقطر وكان سرحه إلى مسلم بن عقيل من الطريق وهو لا يدري أنه قد اصيب فتلقاه خيل الحصين بن نمير بالقادسية فسرح به إلى عبيدالله بن زياد ،
فقال : اصعد فوق القصر فالعن الكذاب بن الكذاب ثم انزل حتى ارى فيك رأيي قال : فصعد فلما اشرف على الناس قال : ايها الناس اني رسول الحسين ابن فاطمة ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتنصروه وتوازروه على ابن مرجانة ابن سمية الدعى ، فامر به عبيدالله فالقى من فوق القصر إلى الارض فكسرت عظامه وبقي به رمق ، فأتاه رجل يقال له
79
عبدالملك بن عمير اللخمي فذبحه ، فلما عيب ذلك عليه قال ، انما اردت ان اريحه قال هشام : حدثنا ابوبكر بن عياش عمن اخبره قال : والله ما هو عبدالملك بن عمير الذي قام اليه فذبحه ولكنه قام اليه رجل جعد طوال يشبه عبدالملك بن عمير قال فاتى ذلك الخبر حسينا وهو بزبالة ،
فاخرج للناس كتابا فقرأ عليهم . بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فانه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبدالله بن بقطر وقد خزلتنا شيعتنا ، فمن احب منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منا ذمام قال : فتفرق الناس عنه تفرقا ، فاخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في اصحابه الذين جاؤا معه من المدينة ، وانما فعل ذلك لانه ظن انما اتبعه الاعراب لانهم ظنوا انه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة اهله فكره ان يسيروا معه الا وهم يعلمون علام يقدمون ، وقد علم انهم اذا بين لهم لم يصحبه الا من يريد مواساته والموت معه .
قال : فلما كان من السحر أمر فتيانه فاستقوا الماء واكثروا ثم سار حتى مر بطن العقبة فنزل بها . قال ابومخنف – فحدثني لوذان احد بني عكرمة : ان احد عمومته سأل الحسين ( ع ) اين تريد؟ فحدثه ، فقال له : اني انشدك الله لما انصرفت فوالله لا تقدم الا على الا سنة وحد السيوف ، فان هولاء الذين بعثوا اليك
80
لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطئوا لك الاشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا . فاما على هذه الحال التي تذكرها فاني لا أرى لك ان تفعل ، قال : فقال له يا عبدالله انه ليس يخفى على الرأى ما رأيت ولكن الله لا يغلب على امره ثم ارتحل منها .
81
مقتل الحسين عليه السلام واصحابه واعوانه وسبى اهله وعياله وأسرهن
عن ابي مخنف – قال : حدثني ابوجناب عن عدي بن حرملة عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا : اقبل الحسين ( ع ) حتى نزل شراف ،فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فاكثروا ثم ساروا منها فرسموا صدر يومهم حتى انتصف النهار ، ثم ان رجلا قال : الله اكبر ، فقال الحسين : الله اكبر ما كبرت ؟ قال : رأيت النخل ،
فقال له الاسديان : ان هذا المكان ما رأينا به نخلة قط ، قالا : فقال لنا الحسين : فما تريانه رأى ، قلنا : نراه رأى هوادى الخيل ، فقال : وانا والله ارى ذلك . فقال الحسين : اما لنا ملجأ نلجأ اليه نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد ، فقلنا له : بلى هذا ذوحسم إلى جنبك تميل اليه عن يسارك ، فان سبقت القوم اليه فهو كما تريد ، قال : فاخذ اليه ذات
اليسار ، قال : وملنا معه فما كان بأسرع من ان طلعت علينا هوادى الخيل فتبيناها وعدلنا ، فلما رأونا وقد عدلنا عن الطريق عدلوا الينا كان اسنتهم اليعاسيب، وكان رأياتهم اجنحة الطير .
82
قال : فاستبقنا إلى ذي حسم فسبقناهم اليه ، فنزل الحسين فأمر بأبنيته فضربت ، وجاء القوم وهم الف فارس مع الحرين يزيد التميمي اليربوعي حتى وقف هو وخيله مقابل الحسين في حر الظهيرة والحسين واصحابه معتمون متقلدو اسيافهم .
فقال الحسين لفتيانه : اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيفا ، فقام فتيانه فرشفوا الخيل ترشيفا .
فقام فتية وسقوا القوم من الماء حتى ارووهم واقبلوا يملئون القصاع والاتوار والطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس فاذا عب فيه ثلاثا او اربعا او خمسا عزلت عنه وسقوا آخر حتى سقوا الخيل كلها . قال هشام : حدثني لقيط عن علي بن الطعان المحاربي : كنت مع الحربن يزيد فجئت في آخر من جاء من اصحابه ، فلما رأى الحسين ما بي وبفرسي من العطش قال:أنخ الراوية والراوية عندى السقاء ، ثم قال : يابن اخي انخ الجمل فأنخته ، فقال : اشرب فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء ، فقال الحسين : اخنث السقاء أى اعطفه ، قال : فجعلت لا أدري كيف افعل ، قال : فقام الحسين فخنثه فشربت وسقيت فرسي . قال : وكان مجئ الحربن يزيد ومسيره إلى الحسين من القادسية
وذلك ان عبيدالله بن زياد لما بلغه اقبال الحسين بعث الحصين بن نمير التميمي وكان على شرطه فامره أن ينزل القادسية وان يضع المسالح فينظم ما بين القطقطانة إلى خفان ، وقدم الحربن يزيد بين يديه في هذه الالف من القادسية فيستقبل حسينا
83
قال : فلم يزل موافقا حسينا حتى حضرت الصلوة صلوة الظهر ، فامر الحسين الحجاج بن مسروق الجعفي ان يؤذن فاذن ، فلما حضرت الاقامة خرج الحسين في ازار ورداء ونعلين فحمد الله واثنى عليه ، ثم قال : ايها الناس انها معذرة إلى الله عزوجل واليكم ، اني لم آتكم حتى اتتنى كتبكم وقدمت على رسلكم ان اقدم علينا فانه ليس لنا امام لعل الله يجمعنا بك على الهدى ،
فان كنتم على ذلك فقد جئتكم ، فان تعطوني ما اطمئن اليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم ، وان لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي اقبلت منه اليكم ، قال: فسكتوا عنه وقالوا للمؤذن : اقم ، فاقام الصلاة ، فقال الحسين ( ع ) للحر
اتريد ان تصلى باصحابك ؟ قال : لا بلى تصلى أنت ونصلى بصلاتك ، قال : فصلى بهم الحسين . ثم انه دخل واجتمع اليه اصحابه وانصرف الحر إلى مكانه الذي كان به ، فدخل خيمة قد ضربت له فاجتمع اليه جماعة من اصحابه وعاد أصحابه إلى صفهم الذي كانوا فيه فأعادوه ، ثم أخذ كل رجل منهم بعنان دابته وجلس في ظلها ، فلما كان وقت العصر أمر الحسين أن يتهيئوا للرحيل ثم انه خرج فأمر مناديه فنادى بالعصر وأقام فاستقدم الحسين فصلى بالقوم ثم سلم وانصرف إلى القوم بوجهه فحمدالله واثنى عليه ثم قال : اما بعد أيها الناس فانكم ان تتقوا وتعرفوا الحق لاهله يكن ارضى لله ، ونحن اهل البيت اولى بولاية هذا الامر عليكم من هؤلاء
84
المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان ، وان انتم كرهتمونا وجعلتم حقنا ( 1 ) وكان رأيكم غيرما اتتنى كتبكم وقدمت به على رسلكم انصرفت عنكم. فقال له الحربن يزيد : انا والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر ، فقال الحسين : يا عقبة بن سمعان أخرج الخرجين الذين فيهما كتبهم إلى ، فاخرج خرجين مملؤين صحفا فنشرها بين أيديهم ،
فقال الحر : فانا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا اليك وقد امرنا اذا نحن لقيناك الا نفارقك حتى نقدمك على عبيد الله بن زياد، فقال له الحسين : الموت ادنى اليك من ذلك . ثم قال لاصحابه : قوموا فاركبوا ، فركبوا وانتظروا حتى ركبت نساءهم ، فقال لاصحابه : انصرفوا بنا ، فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف ، فقال الحسين للحر : ثكلتك امك ما تريد ؟ قال : اما والله لو غيرك من العرب يقولها لى وهو على مثل الحال التي انت عليها ما تركت ذكرامه بالثكل ان اقوله كائنا من كان ، ولكن والله مالى إلى ذكر امك من سبيل الابا حسن ما يقدر عليه .
فقال له الحسين : فما تريد ؟ قال الحر : اريد والله ان انطلق بك إلى عبيدالله بن زياد ، قال له الحسين : اذا والله لا اتبعك ، فقال له الحر : اذن والله لا ادعك ، فترادا القول ثلاث مرات ، ولما كثر الكلام بينهما قال له الحر : اني لم اومر بقتالك وانما امرت ان لا افارقك حتى اقدمك
* ( هامش ) * ( 1 ) في الكامل : جهلتم حقنا وهو الصحيح .
85
الكوفة ، فاذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة ولا تردك إلى المدينة لتكون بيني وبينك نصفا حتى أكتب إلى ابن زياد وتكتب أنت إلى يزيد بن معاوية ان أردت ان تكتب اليه او إلى عبيدالله بن زياد ان شئت ، فلعل الله إلى ذاك أن يأتي بامر يرزقني فيه العافية من أن ابتلى بشئ من أمرك ،
قال فخذ هيهنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية وبينه وبين العذيب ثمانية وثلاثون ميلا . ثم ان الحسين سارفى اصحابه والحر يسايره . قال ابومخنف – عن عقبة ( 1 ) بن ابي العيزار ان الحسين خطب أصحابه وأصحاب الحر بالبيضة فحمد الله واثنى عليه ثم قال : ايها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : من رآى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ، ناكثا لعهد الله ، مخالفا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان ،
فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله ان يدخله مدخله . الا وأن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمان ، واظهروا الفساد وعطلوا الحدود ، واستأثروا بالفيئ ، وأحلوا حرام الله
* ( هامش ) * ( 1 ) عقبة بن أبي العيزار الكوفي يروى عن الشعبي والنخعى روى عنه عبدالرحمان بن زياد ، يعتبر حديثه من غير رواية ابنه يحيى عنه . كذا قال ابن حبان في الثقات . لسان الميزان ( ج 4 ص 179 ) :
86
وحرموا حلاله ، وانا احق من غير ( 1 ) وقد أتتنى كتبكم وقدمت على رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني ، فان تممتم على بيعتكم تصيبوا رسشدكم ، فانا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسي مع أنفسكم وأهلى مع أهليكم ، فلكم في أسوة . وان لم تفعلوا و نقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم ، فلعمرى ما هي لكم بنكر ، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم ، والمغرور من اغتربكم ، فحظكم اخطأتم ونصيبكم ضيعتم ، ومن نكث فانما ينكث على نفسه ، وسيغنى الله عنك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وقال عقبة بن ابي العيزار : قام حسين ( ع )
بذي حسم فحمدالله و اثنى عليه ثم قال : انه قد نزل من الامر قد ترون ، وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واستمرت جدا ، فلم يبق منها الاصبابة كصبابة الاناء ،وخسيس عيش كالمرعى الوبيل . الا ترون أن الحق لا يعمل به ، وأن الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فاني لا ارى الموت الا شهادة ولا الحياة مع الظالمين الا برما . قال فقام زهير بن القين البجلى فقال لاصحابه : تكلمون أم أتكلم ، قالوا : لا بل تكلم فحمدالله واثنى عليه ثم قال : قد سمعنا هداك الله يابن رسول الله مقالتك ، والله لو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلدين الا ان
فراقها في نصرك ومواساتك لاثرنا الخروج معك على الاقامة فيها ، قال : فدعى الحسين له ثم قال له خيرا .
* ( هامش ) * ( 1 ) في الكامل : من غيرى .
87
واقبل الحر يسايره وهو يقول له : يا حسين اني اذكرك الله في نفسك فاني أشهد لئن قاتلت لتقتلن ، ولئن قوتلت لتهلكن فيما ارى ، فقال له الحسين : أفبالموت تخوفنى وهل يعدوبكم الخطب ان تقتلوني ، ما أدرى ما أقول لك ، ولكن أقول كما قال أخو الاوس لابن عمه ولقيه
وهو يريد نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له : أين تذهب ؟ فانك مقتول فقال : سامضى وما بالموت عار على الفتى * اذا مانوى حقا وجاهد مسلما وآسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مثبورا يغش ويرغما قال : فلما سمع ذلك منه الحر تنحى عنه وكان يسير باصحابه في
ناحية وحسين في ناحية اخرى حتى انتهوا إلى عذيب الهجانات وكان بها هجائن النعمان ترعى هنالك ، فاذا هم بأربعة نفر قد اقبلوا من الكوفة على رواحلهم يجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له الكامل ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي على فرسه وهو يقول : يا ناقتى لا تذعرى من زجرى * وشمرى قبل طلوع الفجر
بخير ركبان وخير سفر * حتى تحلى بكريم النحر ثمت ابقاه بقاء الدهر قال : فلما انتهوا إلى الحسين أنشده هذه الابيات ، فقال : أما والله اني لارجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا ، قتلنا أم ظفرنا ، قال : وأقبل اليهم الحر بن يزيد فقال : ان هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن اقبل معك وأنا حابسهم أو رادهم
88
فقال له الحسين : لامنعنهم مما أمنع منه نفسى ، انما هؤلاء أنصاري وأعواني وقد كنت اعطيتني الا تعرض لي بشئ حتى يأتيك كتاب من ابن زياد ، فقال : أجل ، لكن لم يأتوا معك ، قال : هم اصحابي وهم بمنزلة من جاء معى ، فان تممت على ما كان بيني وبينك والا ناجزتك ، قال فكف عنهم الحر . قال ثم قال لهم الحسين : اخبروني خبر الناس ورائكم ،
فقال له مجمع بن عبدالله العائذي وهو أحد النفر الاربعة الذين جاءوه : اما أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائرهم ، يستمال ودهم ويستخلص به نصيحتهم ، فهم الب واحد عليك واما سائر الناس بعد فان افئدتهم تهوى اليك وسيوفهم غدا مشهورة عليك . قال : اخبرني فهل لكم برسولي اليكم ؟ قالوا : من هو ؟ قال : قيس بن مسهر الصيداوي ، قالوا : نعم أخذه الحصين بن نمير فبعث به إلى ابن زياد فأمره ابن زياد أن يلعنك ويلعن أباك فصلى عليك وعلى ابيك ولعن ابن زياد واباه ودعا إلى نصرتك واخبرهم بقدومك ،
فامر به ابن زياد فألقى من طمار القصر ، فترقرقت عينا حسين عليه السلام ولم يملك دمعه ثم قال : منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا الا تبديلا اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا ، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك . قال ابومخنف – حدثني جميل بن مرثد من بني معن عن الطرماح بن عدى أنه دنا من الحسين فقال له : والله اني لانظر فما أرى معك أحدا ، ولو لم يقاتلك الا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفى بهم ، وقد رأيت قبل خروجي من الكوفة اليك بيوم ظهر الكوفة وفيه من الناس ما
89
لم ترعيناي في صعيد واحد جمعا اكثر منه ، فسألت عنهم فقيل : اجتمعوا ليعرضوا ثم يسرحون إلى الحسين ، فانشدك الله ان قدرت على الا تقدم عليهم شبرا الا فعلت ، فان أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتى ترى من رأيك ويستبين لك ما انت صانع ، فسر حتى أنزلك مناع جبلنا الذي يدعى اجأ امتنعنا والله به من ملوك غسان وحمير ومن النعمان بن المنذر ومن الاسود والاحمر والله ان دخل علينا ذل قط فأسير معك حتى انزلك القرية
ثم نبعث إلى الرجال ممن بأجأ وسلمى من طئ ، فوالله لا يأتي عليك عشرة أيام حتى ياتيك طئ رجالا وركبانا ثم اقم فينا ما بدالك ، فان هاجك هيج فأنازعيم لك بعشرين الف طائي يضربون بين يديك باسيافهم ، والله لا يوصل اليك ابدا ومنهم عين تطرف . فقال له : جزاك الله وقومك خيرا انه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الامور في عاقبه . قال ابومخنف فحدثني جميل بن مرثد قال حدثني الطرماح ( 1 )
* ( هامش ) * ( 1 ) الطرماح بن عدي بكسر الطاء والراء المهملتين وتشديد الميم بعدها الف وحاء مهملة . عده الشيخ ره في رجاله تارة من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام قائلا : الطرماح بن عدى رسوله إلى معاوية واخرى من اصحاب الحسين عليه السلام وهو في غاية الجلالة والنبالة ولولا الا مكالماته مع معاوية التي اظلمت الدنيا في عينه لاجلها وملازمته لسيد الشهداء في الطف إلى ان جرح وسقط بين القتلى لكفاه شرفا وجلالة ولا يضر عدم توفيقه