الرئيسية / الاسلام والحياة / حوارات اسلامية و بحوث هادفة – حديث السفينة

حوارات اسلامية و بحوث هادفة – حديث السفينة

وإن من دلائلنا المحكمة في التوسل بأهل البيت (ع) الحديث النبوي الشريف : ” مثل أهل بيتي كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك ” وهو حديث معتبر صحيح متفق ومجمع عليه ، وكما يخطر الآن ببالي ، أن أكثر من مائة من كبار علمائكم ومحدثيكم ، أثبتوا هذا الحديث في كتبهم منهم :
مسلم بن الحجاج في صحيحه(34).
أحمد بن حنبل في مسنده : 3/14 و17 و26 .
الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء : 4/306 .
ابن عبد البر في الاستيعاب .
الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : 12/91 .
محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول : 20 .
ابن الأثير الجزري في : النهاية : مادة (زخ) .
سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمة : 323 .
ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة : 8 .
السمهودي في تاريخ المدينة .

 

 

السيد مؤمن الشبلنجي في نور الأبصار : 105 .
الامام الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب ، في آية المودة .
السيوطي في الدر المنثور ، في تفسير : ( وإذا قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم )(35).
الثعلبي في تفسيره كشف البيان .
الطبراني في الأوسط .
الحاكم في المستدرك : 3/150 وج2/343 .
سليمان الحنفي القندوزي في ينابيع المودة / الباب الرابع والسادس والخمسون .
الهمداني في مودة القربى / المودة الثانية والثانية عشرة .
ابن حجر في الصواعق المحرقة : 234 .
الطبري في تفسيره وتاريخه .
الكنجي الشافعي في كفاية الطالب ، باب 100 (36).
وذكر غير هؤلاء من أعاظم علمائكم بأسانيدهم وطرقهم أن النبي (ص) قال : مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك ، أو : غرق ، أو : هوى ، والعبارات شتى ، ولعل النبي (ص) قاله كرارا وبعبارات شتى .
وقد أشار الإمام محمد بن إدريس الشافعي إلى صحة هذا الحديث الشريف في أبيات له نقلها العلامة العجيلي في ( ذخيرة المآل) :

 
ولمّا رأيت النـــــاس قد ذهبت بهم * مذاهبهـــم في أبـــــحر الغي والجهل
ركبت على اسم الله في سفن النجا * وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهــــم * كما قد أمرنا بالتمــــــسك بالـحـبـــــل
إذا افترقت في الدين سبعون فرقة * ونيفا على ما جاء في واضـــح النقل
ولم يك ناج منهم غير فــرقـــــــة * فقل لي بها يا ذا الرجاحة والــعــقـــل
أفي الفرقــــة الهــلاك آل محمـــد * أم الفرقة اللاتـــي نجـت مـنهم قل لي
فإن قلت في الناجين فالقول واحد * وإن قلت في الهلاك حفت عــن العدل
إذا كان مولـــى القوم منهم فإنني * رضيت بهم لا زال في ظـــلهم ظــلــي
رضيت عليا لــي إمامــا ونسلـــه * وأنت من الباقين في أوســــع الــحـل

 
فلا يخفى على من أمعن ونظر في هذه الأبيات لعرف تصريح الشافعي وهو إمام أهل السنة والجماعة ، بأن آل محمد (ص) ومن تمسك بهم هم الفرقة الناجية وغيرهم هالكون ، وفي وادي الضلالة تائهون !!
فحسب أمر النبي الكريم (ص) وهو كما قال الله الحكيم : ( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى )(37).
الشيعة يتمسكون بآل محمد الأطهار وعترته الأبرار ، ويتوسلون بهم إلى الله سبحانه ، هذا من جانب .
ومن جانب آخر فقد خطر الآن ببالي ، بأن الناس إذا كانوا لا يحتاجون إلى وسيلة للتقرب إلى ربهم عز وجل والاستعانة به ، وإنه من توسل بأحد إلى الله تعالى فقد أشرك .
فلماذا كان عمر بن الخطاب ـ وهو الفاروق عندكم ـ يتوسل ببعض الناس إلى الله سبحانه في حالات الشدة والاضطرار ؟!

 
الحافظ : حاشا الفاروق عمر رضي الله عنه من هذا العمل ، إنه غير ممكن !! وإني لأول مرة أسمع هذه الفرية على الخليفة ! فلا بد أن تبينوا لنا مصدر هذا القول حتى نعرف صحته وسقمه .
قلت : كما ورد في كتبكم المعتبرة : أن الفاروق كان في الشدائد يتوسل إلى الله سبحانه بأهل بيت النبي وعترته الطاهرة ، وقد تكرر منه هذا العمل في أيام خلافته عدة مرات ، ولكني أشير إلى اثنين منها حسب اقتضاء المجلس :
1ـ نقل ابن حجر في كتابه الصواعق بعد الآية : 14 ، في المقصد الخامس ، أواسط الصفحة : 106 ، قال :
وأخرج البخاري أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس وقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا محمد (ص) إذا قحطنا فتسقينا ، وإنا كنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون .
قال ابن حجر : وفي تاريخ دمشق : إن الناس كرروا الاستسقاء عام الرمادة سنة سبع عشرة من الهجرة فلم يسقوا . فقال عمر : لأستسقينّ غدا بمن يسقيني الله به ، فلما أصبح غدا للعباس فدق عليه الباب ، فقال : من ؟ قال : عمر قال : ما حاجتك ؟ قال : أخرج حتى نستسقي الله بك . قال : اجلس.

 

 
فأرسل إلى بني هاشم أن تطهروا وألبسوا من صالح ثيابكم ، فأتوه ، فأخرج طيبا فطيبهم ، ثم خرج وعلي عليه السلام أمامه بين يديه والحسن عن يمينه والحسين عن يساره وبنو هاشم خلف ظهره .
فقال : يا عمر ! لا تخلط بنا غيرنا . ثم أتى المصلى فوقف ، فحمد الله وأثنى عليه . وقال : اللهم إنك خلقتنا ولم تؤامرنا ، وعملت ما نحن عاملون قبل أن تخلقنا ، فلم يمنعك علمك فينا عن رزقنا ، اللهم فكما تفضلت في أوله ، تفضل علينا في آخره .
قال جابر : فما برحنا حتى سحت السماء علينا سحا ، فما وصلنا إلى منازلنا إلا خوضا .
فقال العباس : أنا المسقى ابن المسقى ابن المسقى ابن المسقى ابن المسقى ابن المسقى . خمس مرات ، أشار إلى أن أباه عبد المطلب استسقى خمس مرات فسُقي(38).

 

 
2ـ في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد(39) قال :
وروى عبد الله بن مسعود : إن عمر بن الخطاب خرج يستسقي بالعباس ، فقال : اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك وبقية آبائه وكبر رجاله ، فإنك قلت وقولك الحق : ( وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة …..)(40) فحفظتهما لصلاح أبيهما ، فاحفظ اللهم نبيك في عمه ، فقد دنونا به إليك مستشفعين ومستغفرين .
ثم أقبل على الناس فقال : ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا )(41) إلى آخره .
انتهى نقل ابن أبي الحديد .
فهذا عمل الخليفة ، يتوسل ويتقرب بعم النبي (ص) إلى الله سبحانه ، وما اعترض عليه أحد من الصحابة ، ولا يعترض اليوم أحد منكم على عمله ، بل تحسبون أعماله حجة فتقتدون به ، ولكنكم تعارضون الشيعة لتوسلهم بآل محمد (ص) وعترته ، وتنسبون عملهم إلى الكفر والشرك والعياذ بالله !!
فإذا كان التوسل بآل محمد (ص) والاستشفاع بعترته الهادية عند الله عز وجل شرك ، فحسب رواياتكم فإن الخليفة الفاروق يكون مشركا كافرا ، وإذا تدفعون عنه الشرك والكفر ، ولا تقبلون نسبته إليه ، بل تصححون عمله وتدعون المسلمين إلى الاقتداء به ، فعمل الشيعة وتوسلهم بآل محمد (ص) أيضا ليس بشرك ، بل حسن صحيح .
وعلى هذا يجب أن تستغفروا ربكم من هذه الافتراءات والاتهامات التي تنسبونها لشيعة آل محمد (ص) وتكفرونهم وتقولون إنهم مشركون .

 

 
ويجب عليكم أن تنبهوا جميع أتباعكم وعوامكم الجاهلين على أنكم مخطئين في اعتقادكم بالنسبة للشيعة ، فهم ليسوا بمشركين ، بل هم مؤمنون وموحدون حقا .
أيها الحاضرون الكرام والعلماء الأعلام ! إذا كان عمر الفاروق مع شأنه ومقامه الذي تعتقدون به له عند الله سبحانه ، وأهل المدينة ، مع وجود الصحابة الكرام فيهم ، دعاؤهم لا يستجاب إلا أن يتوسلوا بآل محمد (ص) ويجعلوهم الواسطة والوسيلة بينهم وبين الله عز وجل حتى يجيب دعوتهم ويسقيهم من رحمته ، فكيف بنا ؟! وهل يجيب الله سبحانه دعوتنا من غير واسطة وبلا وسيلة ؟!
فآل محمد (ص) وعترته في كل زمان هم وسائل التقرب إلى الله تعالى ، وبهم ـ أي بسببهم وبشفاعتهم ودعائهم ـ يرحم الله عباده .

 
فهم ليسوا مستقلين في قضاء الحوائج وكفاية المهام ، وإنما الله سبحانه هو القاضي للحاجات والكافي للمهمات ، وآل محمد (ص) عباد صالحون وأئمة مقربون ، لهم جاه عظيم عند ربهم ، وهم شفعاء وجهاء عند الله عز وجل ، منحهم مقام الشفاعة بفضله وكرمه ، فقد قال سبحانه : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )(42).
هذا هو اعتقادنا في النبي وعترته الهادية وآله المنتجبين الطيبين الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، ولن تجدوا في كتبنا الاعتقادية والكتب الجامعة للزيارات والأدعية المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام أكثر مما ذكرت لكم .
الحافظ : إن ما بينتموه عن اعتقادكم بأهل البيت ، رضي الله عنهم ، مخالف لما سمعناه من الآخرين وقرأناه بخصوصكم في كتب علمائنا المحققين .
قلت : دعوا أو اتركوا ما سمعتموه أو قرأتموه عنا ، واعتمدوا على ما تشاهدوه منا وتقرأوه في كتبنا . فهل طالعتم وتدبرتم في كتب علمائنا الأعلام الجامعة للزيارات والأدعية المروية عن أئمتنا ، أئمة أهل البيت والعترة الهادية عليهم السلام ؟!

 

 
الحافظ : ما وصلت يدي حتى الآن إلى كتبكم .
قلت : إن العقل يقضي أن تقرأ كتبنا أولا ، فإذا وجدت فيها إشكالا مما كنت تسمعه عنا ، فحينئذ أشكل علينا ، وأنا الآن معي كتابين ، أحدهما : كتاب ( زاد المعاد) تأليف العلامة المجلسي
( قدس سره) ، والآخر 🙁 هدية الزائرين) تأليف الفاضل المعاصر ، والمحدث المتبحر ، الحاج الشيخ عباس القمي دامت بركاته ، فأقدم لكم هذين الكتابين الجليلين لتقرأوها وتتدبروا في عباراتها ، لتعرفوا حقيقة الأمر .
فأخذوا يتصفحون الكتابين وينظرون في الكلمات والجمل بدقة ، وإذا بالسيد عبد الحي قد وصل إلى دعاء التوسل ، فكأنه وصل إلى بغيته ومقصده ، فأشار إلى الحاضرين بالسكوت فسكتوا ، ثم بدأ بقراءة دعاء التوسل كلمة كلمة ، والحاضرين منصتون يستمعون ، وكان بعضهم يعرف العربية ويدرك معاني الكلمات والجمل ، فكانوا يهزون رؤوسهم ويبدون أسفهم لابتعادهم عن مذهب أهل البيت عليهم السلام ، فيقول بعضهم لبعض : كيف قلبوا الأمور ونحن غافلون ، والتبس علينا الحق ونحن جاهلون ؟!

 

 
فلما انتهى السيد عبد الحي من قراءة الدعاء ، قلت : أيها الأخوة ! بالله عليكم انصفوا !!!
في أي كلمة أو عبارة من هذا الدعاء شممتم رائحة الشرك أو الغلو ، أيها العلماء أجيبوني ؟!
فإن لم يكن فيه شيء من الشرك والغلو ، فلماذا تقذفون الشيعة المؤمنين بالشرك ؟!
لماذا تزرعون بذر العداء والبغضاء بين المسلمين الذين جعل الله سبحانه بينهم المودة والإخاء ؟!
لماذا ( تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون )(43)؟!
لماذا تضلون أتباعكم الغافلين الجاهلين فتشحنون قلوبهم ضد الشيعة المؤمنين ، فينظرون إليهم شزرا على أنهم مشركون ؟!

 
وكم من جهالكم المتعصبين تأثروا بكلام علمائهم ـ أنتم وأمثالكم ـ فأباحوا دماء الشيعة وأموالهم ، فقتلوهم ونهبوهم ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )(44)، ويظنون أن الجنة وجبت لهم بذلك العمل الشنيع !!
ولا شك أن وزر هذه الجنايات والفجائع هي في ذمتكم أيضا ، وأنتم العلماء مسؤولون عنها وتحاسبون عليها أكثر من الجاهلين !
هل سمعتم إلى الآن ، أن شيعيا التقى بأحد أهل السنة فقتله قربة إلى الله ؟!
لا ، ولن يقدم شيعي حتى العامي منهم على مثلها أبدا ، لأن علماءنا ومبلغينا دائما يعلنون في أتباعهم ، إن أهل السنة والجماعة هم إخواننا في الدين فلا يجوز أذاهم . فكيف بقتلهم ونهب أموالهم ؟!
نعم نبين لأتباعنا ، الاختلافات المذهبية بيننا وبينكم، ولكن نقول لهم أيضا : بأنها رغم خلافنا مع العامة في بعض المسائل ، فهم إخواننا في الدين ، فلا يجوز لنا أن نعاديهم ونبغضهم .
أما علماء السنة مع كل الاختلافات النظرية والاجتهادية الموجودة بين أئمة المذاهب الأربعة في الأصول والفروع ، يحسبون أتباع الأئمة الأربعة أصحاب دين واحد ، وهم أحرار في اختيار أي مذهب شاؤا من المذاهب الأربعة .
ولكن كثيرا من أولئك العلماء ـ ومع الأسف ـ يحسبون شيعة المرتضى وأتباع العترة الهادية عليهم السلام مشركين وكفارا.. بحيث يحل سفك دمائهم ونهب أموالهم ، فليس لهم حرية العقيدة واختيار المذهب في البلاد السنية ، حتى انهم يضطرون لأن يعيشوا بينكم في خوف وتقية مخافة أن يقتلوا بيد جهالكم الغافلين أو عتاتكم المعاندين !!
فكم من عالم ورع وفقيه متقي قتل شهيدا بفتوى بعض علمائكم ، كما أن كثيرا من علمائكم يصرحون بلعن الشيعة في كتبهم .

 

 
ولكن لا يوجد شيعي واحد ، حتى من العوام الجاهلين ، يحل سفك دم سني أو يجوز لعنه لأنه سني .
الحافظ : انك تريد إثارة العواطف والاحساسات بهذا الكلام ، فأي عالم من الشيعة قتل بفتوى علمائنا ؟!
وأي عالم منّا يلعن الشيعة؟ !
قلت : لا أريد أن أبين هذا الموضوع بالتفصيل لأنه يحتاج إلى وقت طويل فيستغرق منا ساعات عديدة ومجالس مديدة ، ولكن أنقل لكم قليلا من كثير مما سجله التاريخ ، ليتضح لكم الأمر وتعرفوا ما جهلتموه !
فلو تصفحتم كتب بعض علمائكم الكبار الذين اشتهروا بالتعصب ضد الشيعة الأخيار لوجدتم تصريحاتهم بلعن الشيعة المؤمنين بالإصرار والتكرار !

 

 
منهم : الإمام الفخر الرازي في تفسيره المشهور ، فكأنه كان مترصدا ليجد مجالا حتى يصب جام غضبه ولعنه على شيعة آل محمد (ص) ، فنجده عند آية الولاية(45) وآية إكمال الدين(46) وغيرهما يكرر هذه الكلمات .. وأما الروافض لعنهم الله .. هؤلاء الروافض لعنهم الله .. أما قول الروافض لعنهم الله .. إلى آخره .
وأما إفتاء بعض علمائكم بقتل علمائنا الأعلام فكثير ، منها

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...