بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب عجل الله تعالى فرجه، أحد مجلدات حدائق الجنان في ذكر ما ينبغي أن يطلع عليه الإنسان مما ألفه وصنفه المرحوم المبرور حضرة شيخ الفقهاء والمجتهدين حجة الإسلام والمسلمين آية الله الكبرى في الأرضين الحاج الشيخ علي اليزدي الحائري أعلى الله مقامه ونور الله مرقده.
الذي انتهت إليه الرئاسة العلمية والقضاوة الشرعية وتوفي سنة 1333 في الحاير المقدسة بعد إقامته خمسا وستين سنة في تلك البلدة الشريفة ودفن في تلك البلدة عند رجلي العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد ألف وصنف كتبا كثيرة منها السعادة الأبدية في ذكر الأخبار العددية، ومنها روح السعادة التي هي فذلكة السعادة الأبدية وخلاصة الأخبار العددية التي طبعها رحمه الله في حياته، ومنها إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب عجل الله تعالى فرجه، ومنها منظومة في علم الفقه من الطهارة إلى الزكاة مشتملة على المدارك والاستدلالات.
هذه النسخة الموسومة بالشجرة المباركة المشتهرة بإلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب عجل الله تعالى فرجه وسهل الله مخرجه بسم الله الرحمن الرحيم نحمدك اللهم يا من خصنا بحججه البالغة ونعمه السابغة الذين بهم رزق الورى وبيمنهم ثبتت الأرض والسماء، ولولاهم لساخت الأرض بأهلها، نشكرك اللهم يا من حبانا بخاتم الأوصياء وخاتم الأصفياء وفتننا بغيبته التامة الإلهية الكبرى والطامة العظمى ومن على المؤمنين المنتظرين لدولته ووصفهم بالذكر بقوله (الذين يؤمنون بالغيب)،(1) والصلاة والسلام على خاتم صحيفة النبوة والمبعوث على الأمة بالهداية والرحمة.
المبشر برجعته والمنذر لغيبته ودولته والمذكر لقيامه وسلطنته حيث أمره الله بقوله (وذكرهم بأيام الله)،(2) وعلى آله وعترته الهداة البررة الكرام، واللعنة على أعاديهم من الآن إلى يوم القيام.
أما بعد فيقول العبد الراجي عفو ربه الغني ابن المرحوم زين العابدين البارجيني اليزدي الحائري علي: إني بعد إقامتي في الحائر المقدسة على ساكنيه آلاف التحية كنت كثيرا ما عازما أن أمهد صحيفة جامعة في أحوال سيدنا وإمامنا النجم الثاقب والإمام الغائب حجة الله المنتظر عجل الله تعالى فرجه ولا يسعني الزمان من تقلب الدهر الخوان واختلال البال وكثرة الاشتغال، إلى أن كاد الفراغ من كتابنا الجامع الموسوم ب
(حدائق الجنان في ذكر ما ينبغي أن يطلع عليه الإنسان) وقد خرج منه مجلدات وقد سنح ببالي أن أمهد شجرة منها في ذلك وأجعل كراريس في ترجمة الإمام وقطب رحى الإسلام عجل الله فرجه، فبينما أنا فيه وإذا بسانحة عظيمة وعويصة فخيمة وداهية قد أوقعتني في محبس الاعتزال ومسجن الإخمال والإجمال، وغلقت علي الباب ولم يكن لي أنيسا سوى رب الأرباب فاحتصرت في فسحة الدار ممنوعا من مراجعة الأخيار، فأتى على ذلك أيام وضاق بي المقام واشتد علي الأمر وبلغت روحي التراق والتفت الساق بالساق، فسألت الله في ذلك وتوسلت إلى محيط مركز الأمة وشمس فلك الإمامة.
وعاهدت الله أن أكتب لاستخلاصي منها شرحا مستقلا يحتوي جل ما يتعلق بأحواله وصحيفة جامعة تفوق الصحف الممهدة له، فهاجت نفسي فأخذت فيها قبل أن تلمح المناص وتفوح ريح الاستخلاص.
فحاشا المنتظر المهدي نجل الحجة العسكري عجل الله فرجه أن يحجبني دونه الحجاب قبل أوان فراغ غصون هذا الكتاب، فشرعت فيه على المعهود وصرفت إليه عنان المقصود وعكفت عنان الهمة إلى اجتماع فصول المهمة فها هو قد أتى، كتاب جامع وبرهان قاطع وصحيفة حاولت النمط الأوفى ومعالم الزلفى وجنة المأوى، ولعمري قد تضمن هذه السطور كنوزا من لئالئ المنثور وكتابا مسطور في رق منشور، كاشف الغمة عن المنتظرين، والكافي عن عمدة ما أهم المسترشدين لإكمال الدين، بحيرة تضمن بحار الأنوار وعجائب الآثار وينابيع الأخبار بل عيون الأخبار وكشف الأستار عن وجه الغيبة الإلهية النوراء، وشاخص الأبصار نحو البحر الأبيض والجزيرة الخضراء، هداة لإرشاد الصراط المستقيم مبرهنا، براهين إحقاق الحق ودر النظيم سيفا لفتوحات عوالم الغيبة.
وحساما لقطع حبائل الناصب عن الشيعة، فروعه أبواب دار السلام وفي ثمراته غاية المرام وفاكهة الأنام، ولاشتمالها على أغصان أنواره الزاهرة وأثمار وجوده الباهرة سميتها بالشجرة المباركة، ولما تضمن من خرق ما نسجته العامة العمياء وقلع ما أسسته أمة الطواغيت الطغيا من النقض والإبرام في وجوده وتصرفاته سميتها ب (إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب) ورتبته على أغصان. ثم إني اقتصرت فيه على لباب الأخبار بطرح المكررات اللفظية والمعنوية، بإلغاء الأسانيد والرجال من الأخبار المروية، اعتمادا على الصحاح المشهورة المنقولة واتكالا على الثقات من الرجال المقبولة، وأحمد الله تعالى سبحانه أولا وآخرا وصلى الله على خاتم أنبيائه وأشرف سفرائه محمد وعترته الطاهرين الأنجبين الغر الميامين.