السكينة من السكون والهدوء. فليس هناك اضطراب أبداً هناك عباد الله بحيث إذا ملكوا الدنيا بما فيها ثم زال عنهم دفعة واحدة فكأنه مثل ريشة كانت معلقة بهم وأزالتها عنهم الرياح فليس لذلك أي أثر في نفوسهم. هو يعلم أن الله هو المعطي وأن رزقه من الله جئت إلى الحياة بأيدي خالية وسأرحل عنها كذلك وفي أثناء ذلك هو المتكفل لرزقي واطعامي مادمت حياً.
(هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم). سورة الفتح، الآية: 4.
التاجر الخاسر والتحجر المقدس
يمكن أن ندرك قدر هذه النعمة مع ملاحظة المحرومين منها. فقبل ثلاثين أو أربعين سنة في مدينة شيراز كان تاجر مقدس ومن أهل صلاة الجماعة وبعد ذلك أتضح أن صلاته وعبادته كانت جافة وبعيدة عن الحقيقة ـ هذا التاجر أفلس بعد ذلك وأصبح جليس الدار يبيع من أثاث البيت ويرتزق من ذلك.
في أحد الأيام أخذ يفكر ويحسب أن الأمر لو استمر به على هذا المنوال وفي كل يوم يبيع من أثاث البيت ويصرفه لمعاشه فكم يستطيع أن يستمر على ذلك؟
وتوصل إلى أنه بامكانه أن يستمر على ذلك ثلاث سنوات أخرى ولكن الوهم لم يتركه بل أخذ يفكر فيما بعد ذلك وماذا سيفعل بعد تمام السنوات الثلاث هل سأجلس على قارعة الطريق وأمد يدي إلى الناس ولكي يتخلص من ذلك انتحر بالسم.
كمال الاطمئنان في الإيمان
هذا التاجر حاج مقدس لكنه لم يصل إلى مرحلة الاطمئنان وبقي على كفره بالقضاء والقدر الإلهي وذهب في النهاية مع كفره.
لا تستصغرون هذا المطلب بل هو روح الدين وعين الحق وحقيقة الإيمان، يجب السعي للوصول إلى مقام الاطمئنان لأنه (اولئك لهم الأمن وهم مهتدون) [الأنعام: 82] فكمال السكينة والاطمئنان في الإيمان.
اطمئنان الحسين (ع) في يوم عاشوراء
هنا أبين تطبيق هذه الآية على الحسين (ع) الحسين (ع) المصداق الأكمل والأتم للنفس المطمئنة، الأمور المذكورة في كتب المقاتل بأن الحسين (ع) في اليوم العاشر كان وجهه المبارك يزداد اشراقاً مع كل مصيبة نازلة. اطمئنان عجيب بالقضاء والقدر والمشيئة الإلهية ظاهر في سيمائه لأن الحسين على يقين من أن هذه الحوادث والمصائب هي بإذن الله ومشيئته ولوجود المصلحة فيها فالله أمضاها يعني لم يمنع من وقوعها.
وهذا لا يعني الجبر بل إن رب العالمين أراد أن يتحمل الحسين (ع) هذه المصائب باختياره لكي ينال أعلى درجات الكمال وعلو المقام المتاحة للبشر كذلك أراد لقاتليه أتعس الشقاء وسوء العاقبة لسوء اختيارهم.
هين لأنه بنظر الله
الحسين (ع) يرى طفله الرضيع ـ واقعاً عجيب ـ يقتل وهو على يديه هذه المصيبة واقعاً تهز الجبل وتصعق الإنسان لكن الحسين صاحب النفس المطمئنة يقول “إنما هون علي ذلك أنه بعين الله الناظرة”.
هذه المصيبة العظيمة التي تمزق الأكباد وتحرق القلوب هينة وسهلة لأن الله هو الناظر لها والمثيب عليها.
حتى اللحظة الأخيرة كان هكذا مع الله، والله أيضاً يوجه الملك والملكوت إلى الحسين (ع) ـ الحسين يتوجه إلى رب العالمين وجميع العالم متوجه إلى الحسين (ع) إن التقلبات التي وقعت في عالم الوجود مخصوصاً في ليلة ويوم عاشوراء والتي سوف تقع بعد ذلك شاهد على ما أقول.