كتبت الباحثة المسيحية عراقية الأصل “إيزابيل بنيامين ماما آشوري” المختصة في شؤون الأديان مقالا عن “زيارة الأربعين الحسيني” تساءلت فيها باستغراب عن سرّ هذا التدفق المليوني الهائل و السيل المتعاظم من الحشود البشرية على قبر الإمام الحسين عليه السلام ، مؤكدة ان “هذه الأرتال البشرية لا تأتي من ذاتها .. بل الرب هو الذي جمعها ، و أتى بها من أطراف الأرض” .
وتجیب الباحثة “إیزابیل بنیامین ماما آشوری” عن تساؤلاتها بأن “النصوص الموجودة فی الکتاب المقدس و التی تمتدح زحفاً بشریاً سنویاً باتجاه قبر شخص واحد فقط ، تخبرنا بأن هذه الأرتال البشریة ، لا تأتی من ذاتها بل إن الرب هو الذی جمعها و أتى بها من أطراف الأرض ، من الشمال و الجنوب والشرق و الغرب” . و تتابع هذه الباحثة فی شؤون الادیان القول : “هذه الحشود الملیونیة مهما کبرت فهی لا تجوع ولا تتعب ولا تعطش و تسیر فی طریق ملیئة بالماء .. ولا یعثرون فیها ارضٌ سمحة سهلة لا عثرة فیها” .
وبدأت ماما آشوری مقالها الذی نشرتها أمس على حسابها فی موقع التواصل الاجتماعی الفیسبوك ، و التی حازت على إعجاب و مشارکة المئات من القراء بالقول : “لا ارید أن اکتب موضوعاً بقدر ما أرید جواباً على أسئلة ولدتها قراءة لنصوص لا زال یلفها الغموض من کل جوانبها ، فمن المعروف أن قبور أعداد هائلة من الأنبیاء مفقودة ولا یوجد لها أثر ، ولولا أن الکتب السماویة جاءت على ذکرهم لأصبحوا من الماضی الذی لا نعرف عنه شیئا” . واستطردت تقول : “وکذلك نعرف أن قبور بعض الأنبیاء الموجودة وهی قلیلة ومعروفة خصوصاً فی العراق والشام وفلسطین وأجزاء من إیران .. هذه القبور لا نرى لها زواراً من الدیانة الیهودیة أو المسیحیة والصابئیة بل نرى أن المسلمین یتعاهدونها بالرعایة والزیارة” . وتنتهی بعد ذلك إلى القول بأنه : “لم نر فی أی زمن أرتالا من البشر تتقاطر على قبر من قبور هؤلاء الأنبیاء ولا فی أی یوم من أیام السنة” .
و تواصل ماما آشوری : “یقول النص کما فی سفر إرمیا 31: 8 (ها أنا ذا آتی بهم من أرض الشمال ، وأجمعهم من أطراف الأرض.. بینهم الأعمى والأعرج.. الحبلى والماخض معا.. جمع عظیم یرجع إلى هنا بالبکاء یأتون، وبالتضرعات أقودهم.. أسیرهم إلى أنهار ماء فی طریق مستقیمة لا یعثرون فیها” . و تتابع قراءتها للنصوص : “هکذا قال الرب : صوت، نوح، بکاء مر. راحیل تبکی على أولادها ، و تأبى أن تتعزى عن أولادها لأنهم لیسوا بموجودین هکذا قال الرب: امنعی صوتك عن البکاء، وعینیک عن الدموع، لأنه یوجد جزاء لعملك، یقول الرب. ویوجد رجاء لآخرتك” .
و تعلق ماما آشوری على ذلك قائلة : “النص المذکور وکعادة من دوّن التوراة اختلط بالکثیر مما لیس منه . و لذلك نرى أن المفسرین تحاشوا المرور بهذا النص .. فانطونیوس فکری لم یتعرض له فی تفسیره ، ولکن القمص تادرس یعقوب فسره تفسیراً فلسفیاً لا یفهم منه أحد شیئاً، ولکنه أشار من حیث لا یدری إلى مکان الحدث فقال أنه فی بابل” .
وتستنتج هذه الباحثة المسیحیة مما تقدم أنه : “وبناءً على ذلک سوف یبقى هذا النص غامضاً إلى أن یأتی من یقول لنا من هؤلاء الذی سوف یأتی الله بهم على مر الأزمان فی موسم معین لا یمنعهم عائق و یتکاثرون بمرور الأزمان؟ ومن المرأة التی تبکی على أولادها ولا تسکت أبداً وتأبى أن تتعزى والتی یُعزیها الرب الله حیث یقول لها : إن هناك جزاءً لعملک و رجاء لآخرتك؟!” .
وربما استبطن هذا التساؤل من الکاتبة إشارة إلى الإمام المهدی عجل الله فرجه فهو من أصدق من سیجیب عن کل التساؤلات التاریخیة . و توضح ماما آشوری : إن “المشکلة التی وقع فیها المفسر هنا أنه جمع المتناقضین ، ففی بدایة النص یقول بأن القادمین لزیارة هذا المکان یأتون بالفرح والرقص ، ولکنه فی آخر النص یقول بأنهم یأتون بدموع وتوبة وأن الرب سوف یهبهم عوض النوح فرحاً وراحة وسعادة عوض الحزن کما نرى فی تفسیر الکتاب المقدس، العهد القدیم، القمص تادرس یعقوب، أرمیاء 31 فیقول : زینتهم الفرح المستمر، تخرج دومًا لتجد النفوس المحیطة ترقص وتتهلل بالرب العامل فیها وفیهم! بعد أن علقت قیثاراتها على الصفصاف فی بابل وتعیش فی تهلیلٍ لا ینقطع..
یأتی الله بالأعمى فیکون له عینًا، یریه الطریق ویدخل به إلى المجد! یأتی بالأعرج کمن یحمله على الأذرع الإلهیة لیمارس العمل الفائق بقوةٍ.. یأتی بالحبلى والماخض العاجزتین عن الحرکة لأمتارٍ قلیلة لیسرع بهما لا إلى أمیال بل إلى الخروج من محبة العالم إلى السماء عینها! یصحبه فرح عظیم وسط دموع التوبة مع تفجر أنهار الروح من الصخور عوض النوح یحل الفرح، ویهبهم الله راحة وسعادة عوض الحزن. بالبکاء یأتون وبالتضرعات أقودهم..” .
وإلى هنا تترک الباحثة المختصة فی الدراسات المقارنة للأدیان و المهتمة بقضایا الإسلام وملف التشیع خاصة ، تترك نهایة مقالها مفتوحة أمام القراء لیهتدوا إلى الإجابة بأنفسهم من خلال ما اطلعوا علیه من نصوص الکتب المقدسة التی سبقت الإسلام وما یشاهدونه الیوم من زحف الملایین من شتى الأنحاء صوب ضریح سید الشهداء الإمام الحسین علیه السلام فی کربلاء المقدسة .
تجدر الإشارة إلى أن الباحثة “إیزابیل بنیامین ماما آشوری” قد عرفت بالإنصاف فی کتاباتها عن الإسلام و الشیعة بوجه خاص وهی ما تزال تبرهن على أصالة عقیدة التشیع و انسجامها الکامل مع الحقیقة الربانیة وذلك تؤکده النتائج التی توصلت إلیها من خلال دراستها لنصوص التوارة والإنجیل والقرآن .