الرئيسية / الاسلام والحياة / في بيان حضور القلب

في بيان حضور القلب

من الآداب القلبية حضور القلب الذي يمكن أن يكون كثير من الآداب مقدمة له والعبادة بدونه ليس لها روح وهو بنفسه مفتاح قفل الكمالات وباب أبواب السعادات وقلّ ما ذكر في الأحاديث الشريفة شيء بهذه المثابة ، وقلّ ما اهتمّ بشيء من الآداب كهذا الأدب ، ونحن وان ذكرنا في رسالة سر الصلاة ، وهكذا في كتاب الأربعين قدرا مستوفى منه وبيّنا درجاته ومراتبه ولكن نذكر في هذا المقام أيضاً شيئا منه تتميما للفائدة وتحرزا عن الإحالة فنقول :

 

 

كما ذكرنا سابقا بأن العبادات والمناسك والأذكار والأوراد إنما تنتج نتيجة كاملة إذا صارت صورة باطنية للقلب وتخمّر باطن ذات الإنسان بها ويتصور قلب الإنسان بصورة العبودية ويخرج عن الهوى والعصيان ، وذكرنا أيضاً أن من أسرار العبادات وفوائدها أن تتقوى إرادة النفس وتتغلب النفس على الطبيعة وتكون القوى الطبيعية مسخّرة تحت قدرة النفس وسلطنتها وتكون الإرادة الملكوتية نافذة في ملك البدن بحيث تكون القوى بالنسبة إلى النفس كملائكة الله بالنسبة إلى الحق تعالى ” لا يعصون الله ما أمرهم ”   ( التحريم – 6 ) ” وهم بأمره يعملون ”          ( الأنبياء   – 27 ) .

{ 72 }

ونقول الآن : إن من أسرار العبادات وفوائدها المهمة التي تكون بقية الفوائد مقدمة لها . أن تكون مملكة البدن بجميعها ، ظاهرها وباطنها ، مسخّرة تحت إرادة الله ومتحركة بتحريك الله تعالى وتكون القوى الملكوتية والملكية للنفس من جنود الله وتكون كلها كملائكة الله بالنسبة إلى الحق تعالى ، وهذه من المراتب النازلة لفناء القوى والارادات في إرادة الحق ويترتب على هذا بالتدريج النتائج العظيمة ويكون الإنسان الطبيعي إلهيا وتكون النفس مرتاضة بعبادة الله وتنهزم جنود ابليس بالمرة وتنقرض ويكون القلب مع قواه مسلّما للحق ويبرز الإسلام ببعض مراتبه الباطنية في القلب وتكون نتيجة هذا التسليم لإرادة الحق في الآخرة أن الحق تعالى ينفذ إرادة صاحب هذا القلب في العوالم الغيبية ويجعله مثلا أعلى لنفسه تعالى ، فكما أنه تعالى وتقدس يوجد كل ما أراد بمجرد الإرادة يجعل إرادة هذا العبد أيضاً كذلك كما راوه بعض أهل المعرفة عن النبي صلى اله عليه وآله في وصف أهل الجنة ( ما معناه ) أنه يأتيهم ملك فيستأذن للدخول عليهم وبعد الاستئذان يدخل فيبلّغ السلام من الله تعالى عليهم ويعطيهم رسالة مكتوباً فيها ( يخاطب الإنسان الذي هو مخاطب به ) من الحي القيوم الذي لا يموت إلى الحي القيوم الذي لا يموت أما بعد فإنني أقول للشيء كن فيكون وقد جعلتك تقول للشيء كن فيكون، فقال صلى الله عليه وآله : فلا يقول أحد من أهل الجنة للشيء كن إلا ويكون .

شاهد أيضاً

مع اية الله العظمى الامام الخامنئي والاحكام الشرعية من وجهة نظره

رؤية الهلال س833: كما تعلمون فإن وضع الهلال في آخر الشهر (أو أوّله) لا يخلو ...