الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / وصايا الرسول لزوج البتول – في البكر الرشيدة إشترط في زواجها إذن وليّها

وصايا الرسول لزوج البتول – في البكر الرشيدة إشترط في زواجها إذن وليّها

(71)

فإن خَرجَت بغير إذنِه لعنها اللّهُ وجبرئيلُ وميكائيل (201) ، ولا تُعطي من بيتِ زوجِها شيئاً إلاّ بإذنه ، ولا تبيتُ وزوجها عليها ساخط ، وإن كانَ ظالماً لها (202).

والأخبار الصحيحة (1) ..
بل في جامع المقاصد ، اتّفاق أصحابنا عليه (2) وتشهد له النصوص مثل صحيح الحلبي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنّه قال ، « في المرأة الثيّب تخطب إلى نفسها ؟ قال ، هي أملك بنفسها تولّي أمرها من شاءت إذا كان كفواً بعد أن كانت قد نكحت رجلا قبله » (3).
نعم في البكر الرشيدة إشترط في زواجها إذن وليّها على أقوال خمسة في المسألة خامسها هو ، إعتبار إذنهما معاً الولي والبكر كما حكي عن الشيخ المفيد والحلبيين وظاهر الحرّ العاملي جمعاً بين الأخبار ، وإختار أفضلية هذا القول في المستمسك (4) ، وجعله السيّد الفقيه اليزدي هو الأحوط وجوباً (5).
(201) هذا وما بعده من آداب عشرة النساء مع أزواجهنّ وتلاحظ أحاديثها ، إلى جنب أحاديث إستحباب الإحسان إلى الزوجة والمداراة معها في الوسائل (6).
(202) هذه جملة من خصائص النساء ، وقد ورد في حديث جابر بن يزيد


1 ـ مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 452.
2 ـ جامع المقاصد ، ج 2 ، ص 302.
3 ـ وسائل الشيعة ، ج 14 ، ص 202 ، ب 3 ، ح 4.
4 ـ مستمسك العروة الوثقى ، ج 14 ، ص 440.
5 ـ العروة الوثقى ـ فصل أولياء العقد ـ المسألة 1.
6 ـ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 121 ، ب 88 ، و ص 152 ، ب 117.


(72)

يا علي ، الإسلامُ عريان (203) ، فلباسُه الحَياء (204) ، وزينتُه الوَفاء (205) ، ومروءتُه العملُ الصالح (206) ،

الجعفي ، عن الإمام أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) مفصّل آداب النساء والفرق بين أحكامهنّ وأحكام الرجال بثلاث وسبعين خصلة في كتاب الخصال (1) ، فلاحظ.
(203) شبَّهَ صلوات الله عليه وآله الإسلام برجل ذي شؤون ، الحياء لباسه ، والوفاء زينته الخ ..
ولم يستبعد العلاّمة المجلسي ( قدس سره ) أن يكون المراد بالإسلام المسلم من حيث إنّه مسلم ، أو تكون نسبة العرى واللباس إليه على سبيل المجاز بمعنى لباس صاحبه .. وكذا الفقرات التالية (2).
(204) أي الحياء من الله تعالى ، أو من الله ومن الناس .. والحياء ملكة للنفس توجب إنقباضها عن القبيح وإنزجارها عن خلاف الآداب خوفاً من اللوم (3).
(205) أي الوفاء بعهود الله ورسوله وحججه وعهود الخلق ووعودهم ، فإنّ الوفاء بالعهد من علامات أهل الدين.
(206) أي أنّ العمل الصالح ملازم لمروءته فلا يكون ذا مروءة إلاّ بالعمل الصالح ..
والمروءة بالهمزة ، وقد تحذف الهمزة فتشدّد الواو هي ، الإنسانية ..
وفسّرت أيضاً بالآداب النفسية التي تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات ، وقد تتحقّق بمجانبة ما يؤذن بخسّة النفس من


1 ـ الخصال ، ص 585.
2 ـ مرآة العقول ، ج 7 ، ص 288.
3 ـ سفينة البحار ، ج 2 ، ص 506.


(73)

وعمادُه الوَرَع (207) ، ولكلِّ شيء أساس (208) ، وأساسُ الإسلامِ حُبُّنا أهلَ البيت (209).

المباحات كالأكل في الأسواق حيث يمتهن فاعله (1).
وقال الشهيد الأوّل ، المروءة تنزيه النفس عن الدناءة التي لا تليق بأمثاله كالسخرية ، وكشف العورة التي يتأكّد إستحباب سترها في الصلاة ، والأكل في الأسواق ، ولبس الفقيه لباس الجنديّ بحيث يُسخر فيه وبالعكس (2).
(207) عماد الشيء هو ما يتقوّم به الشيء ويثبت ولولاه لسقط وزال ، نظير عماد الخيمة والسقف .. وعماد الإسلام يعني بقاؤه وثباته يكون بالورع ، أي الورع عن المحرّمات وتركها بل ترك الشبهات.
(208) الأساس بالفتح جمع اُس بالضمّ مثل خَفاف وخُف هو ، أصل البناء الذي لا يستقرّ ولا يستقيم بدونه ، وقاعدة البناء التي يزول البناء بزوالها.
(209) أي حبّي وحبّ أهل بيتي ، وهم آل محمّد صلوات الله عليهم وتجري في جميع أولاده الأوصياء كما في حديث المعاني (3).
فالإسلام لا يتحقّق ولا يستقرّ إلاّ بحبّهم الملازم للقول بإمامتهم وولايتهم صلوات الله عليهم وقد كثرت وتظافرت وتواترت أحاديث الفريقين في فضل حبّ أهل البيت ( عليهم السلام ) وولايتهم كما تلاحظ جملة منها في غاية المرام (4) للسيّد البحراني ( قدس سره ) من طريق العامّة خمسة وتسعون حديثاً ومن طريق الخاصّة ثمانية وأربعون


1 ـ مجمع البحرين ، مادّة مرا ، ص 83.
2 ـ الدروس ، ج 2 ، ص 125.
3 ـ معاني الأخبار ، ص 92 ، ح 3.
4 ـ غاية المرام ، ص 578 ، باب 71.


(74)

……………………

حديثاً ، وفي إحقاق الحقّ (1) للسيّد الشهيد التستري طابت تربته.
وعليك بالدرر الباهرة من أحاديث العترة الطاهرة المجموعة في بحار الأنوار (2) المشتملة على 208 حديثاً.
ويشرّفني للتيمّن والتبرّك أن أذكر حديثاً واحداً في فضل حبّهم وهو ما رواه ثقة الإسلام الكليني ، عن الحكم بن عتيبة قال ، « بينا أنا مع أبي جعفر ( عليه السلام ) والبيت غاصّ بأهله إذ أقبل شيخٌ يتوكّؤ على عَنَزَة له (3) ، حتّى وقف على باب البيت فقال ، السلام عليك يابن رسول الله ورحمة الله وبركاته ، ثمّ سكت فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) ، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، ثمّ أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت ، وقال ، السلام عليكم ، ثمّ سكت ، حتّى أجابه القوم جميعاً وردّوا عليه السلام ، ثمّ أقبل بوجهه على أبي جعفر ( عليه السلام ) ثمّ قال ، يابن رسول الله أدنني منك جعلني الله فداك ، فوالله إنّي لاُحبّكم واُحبّ من يحبّكم ، ووالله ما اُحبّكم واُحبّ من يحبّكم لطمع في دنيا ، و [ الله ] إنّي لاُبغض عدوّكم وأبرأ منه ، ووالله ما أبغضه وأبرأ منه لِوَتْر كان بيني وبينه ، والله إنّي لاُحِلُّ حلالكم واُحرّمُ حرامَكم وأنتطّر أمركم ، فهل ترجو لي جعلني الله فداك ؟
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) ، إليّ إليّ ، حتّى أقعده إلى جنبه ، ثمّ قال ، أيّها الشيخ إنّ أبي علي بن الحسين ( عليهما السلام ) أتاه رجل فسأله عن مثل الذي سألتني عنه فقال له أبي ( عليه السلام ) ، إن تَمُتْ تَرِد على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين


1 ـ إحقاق الحقّ ، ج 21 ، الفهرس ، ص 146 ، مادّة حبب.
2 ـ بحار الأنوار ، ج 27 ، الأبواب 4 و 5 و 6 ، ص 73 ـ 165.
3 ـ العنزة على وزن قصبة هي العصا الطويلة.


(75)

……………………

ويثلج قلبك ويبرد فؤادك وتقرُّ عينك وتُستقبل بالرَّوْح والرَّيحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغَت نفْسُك ههنا ـ وأهوى بيده إلى حلقه ـ وإن تَعِشْ ترى ما يقرُّ الله به عينك وتكون معنا في السنام الأعلى ، [ ف‍ ] ‍قال الشيخ ، كيف ؟ قلت ، يا أبا جعفر ؟ فأعاد عليه الكلام فقال الشيخ ، الله أكبر يا أبا جعفر إنْ أنا مِتُّ أرِدْ على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ( عليهم السلام ) وتقرُّ عيني ويثلج قلبي ويبرد فؤادي واُستقَبل بالرَّوح والرَّيحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغَت نفْسي إلى ههنا وإن أعِشْ أرى ما يقرُّ الله به عيني فأكون معكم في السّنام الأعلى ؟!!
ثمّ أقبل الشيخ ينتحب ، ينشج (1) هاهاها حتّى لصق بالأرض وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون لما يروْن من حال الشيخ ، وأقبل أبو جعفر ( عليه السلام ) يمسح بإصبعه الدُّموع من حماليق (2) عينيه وينفضها ، ثمّ رفع الشيخ رأسه فقال لأبي جعفر ( عليه السلام ) ، يابن رسول الله ناولني يدك جعلني الله فداك ، فناوله يده فقبّلها ووضعها على عينيه وخدّه ، ثمّ حسر عن بطنه وصدره فوضع يده على بطنه وصدره ، ثمّ قام فقال ، السلام عليكم.
وأقبل أبو جعفر ( عليه السلام ) ينظر في قفاه وهو مدبرٌ ، ثمّ أقبل بوجهه على القوم ، فقال ، من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا.
فقال الحكم ابن عتيبة ، لم أرَ مأتماً قطّ يشبه ذلك المجلس » (3).


1 ـ النّحب هو رفع الصوت بالبكاء ، والنشج هو الصوت مع توجّع وبكاء كما يردّد الصبي بكاءه في صدره.
2 ـ جمع حملاق ، باطن الجفن ، الموضع الذي يسوّده الكحل.
3 ـ روضة الكافي ، ج 8 ، ص 76 ، ح 30.

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...