أدواردو جيوفاني آنيللي (مهدي)
ولد عام 1373هـ (1954م)، ينتسب إلى عائلة (آنيلي) الرأسمالية الإيطالية المعروفة، والتي أسست معامل شركة (فيات) للسيارات منذ أكثر من مائة سنة، كما تملك معامل شركة (فراري) للسيارات أيضاً، ومعامل لإنتاج طائرات الهيلكوبتر وتسيطر على عدد من البنوك، وشركات البناء، والتأمين، والألبسة، والصحف، بالإضافة إلى نادي يوفنتوس الرياضي المشهور، وقُدِّرت عائدات هذه العائلة في فترة من الزمن بستينَ مليار دولار سنوياً.
كان أبوه السناتور جياني آنيلي كبير هذه العائلة والمشرف القانوني على معظم هذه الشركات، أما أمه فهي من عائلة (كارلوجي) وهم من أمراء اليهود .
يحمل “إدواردو” شهادة الدكتوراه من جامعةِ برنستون الأمريكية قسم الأديان وفلسفة الشرق، وقد أدار لفترة قصيرة نادي يوفنتوس لكرة القدم ممّا جلب له شهرة إضافية ومحبوبية خاصة لتواضعه وأخلاقه الطيبة.
استبصاره:
في سنة 1393هـ (1974م)، عندما كان يدرس “إدواردو آنيلي” في الجامعة بمدينة نيويورك، اختار أن يعتنق الإسلام تأثّراً بكتاب الله العزيز، حيث تناول القرآن من أحد رفوف المكتبة وبدأ بقرائته فأحسّ أنّ هذا الكتاب يختلف عن غيره من الكتب وأنّه لا يمكن أن يكون من كلام البشر، وأ نّه كلام إلهي نوراني، وكلّما واصل القراءة ازداد اعتقاده به فأعلن إسلامه واختار لنفسه اسم: هشام عزيز، وحيث أ نّه كان يدرس الأديان فلم يترك مطالعاته وبحوثه، وقد تأثّر كثيراً بشخصية الإمام علي(عليه السلام) وأختار أن يكون من مواليه وشيعته، فاعتقد بولاية المعصومين الاثني عشر من أهل البيت(عليهم السلام)، وسمّى نفسه باسم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
واجه “إدواردو” مشاكل كثيرة بعد إسلامه، وحاولت أُسرته بكل الوسائل أن تردّه عن دينه، ووصل بها الأمر أن تحرمه من الإرث المقدّر بمليارات الدولارات وأن تسلب منه حق إدارة الشركات التابعة للعائلة في حالة وفاة والده، وكان ذلك حقّه الطبيعي حسب القوانين لانّه الذكر الوحيد من أولاد أبيه، كما أُتّهم بالجنون وتناول المواد المخدرة وأُدخل مستشفى الأمراض العقلية بالإجبار.
لم يستسلم “إدواردو” لهذه الضغوط وواصل طريقه فهدى الكثيرين إلى الإسلام وسافر إلى بلدان عديدة في الشرق والغرب، وأُتيحت له الفرصة لزيارة الإمام الرضا(عليه السلام) في إيران، وكان يرى أنّ من واجبه الدفاع عن الإسلام والمسلمين في كُلّ أنحاء العالم، وخاصة إيطاليا التي تبقى له فيها بعض الوجاهة رغم إسلامه فدافع عن الإسلام بشكل عملي بالمشاركة في الندوات التلفزيونية والمقابلات الصحفية، كما أنقذ بعض المسلمين من السجن ودافع عنهم في المحاكم.
كان “إدواردو” عميق الإيمان بدينه، يحبُّ القرآن كثيراً، يقرؤه في الليل، ويدرسه في النهار مع أصدقائه بقراءة التفاسير، والتأمّل في معاني الآيات، ساعياً أن يكون على بصيرة من دينه، وجاهداً أن يكون مصداقاً للتمسّك بالثقل الأكبر. كان يحب دراسة اللغة العربية، ويتمنى دراسة العلوم الدينية في الحوزات العلمية إلاّ أن المنية عاجلته ولم تسمح له بتحقيق هاتين الأمنيتين.
وفاته:
في تاريخ 15 تشرين الثاني 1420هـ (2000م)، عثر على جثة “ادواردو” تحت جسر (فرانكو رومانو) في إيطاليا في حادث مشكوك يلفه الغموض، ودفن بمقبرة العائلة في قرية (فيلار روزا) وفق مراسم مسيحية!!
وينقل أصدقاؤه أنّه كان قد صرّح لهم بأن اليهود ستقتله للتخلّص منه، لأنّهم رأوا فيه خطراً عليهم خاصة إذا سمحت له الأيام بتولي قيادة عائلة (آنيلي) بأموالهم الكثيرة، ويقوّي هذا الأمر أنّ مجلس شركة فيات أختار ابن أخت “إدواردو” المتولّد من أب يهودي لإدارتها حيث يكون مرشّح تلقائي للاشراف على كلّ الشركات بعد وفاة جده ولإدارة أموال هذه الشركة!!
عالمية القرآن وخلوده:
إنّ القرآن كتاب هداية لكلّ البشر، ولا يختصُّ بقوم دون قوم، فهو وإن نَزَلَ باللغةِ العربية إلاّ أنّه يخاطب الناس أجمعين، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَد جَاءتكُم مَّوعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُم وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ) (يونس:57)، (وَمَا هُوَ إِلاِّ ذِكرٌ لِّلعَالَمِينَ) (القلم:52)، (قُل أَيُّ شَيء أَكبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهُ شَهِيدٌ بِينِي وَبَينَكُم وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ) (الأنعام:19)، وهو لا يختص بمخاطبة المسلمين فحسب، بل يخاطب أتباع الديانات الأخرى كأهل الكتاب، أو اليهود أو النصارى وكذا يخاطب ويحتجّ على الكفار والمشركين، قال تعالى: (قُل يَا أَهلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلَمَة سَوَاء بَينَنَا وَبَينَكُم أَلاَّ نَعبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشرِكَ بِهِ شَيئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعضُنَا بَعضاً أَربَاباً مِّن دُونِ اللّهِ) (آل عمران:64)، (فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخوَانُكُم فِي الدِّينِ) (التوبة:11).
كما أنّ القرآن لا يختص بزمان دون زمان، فهو كتابٌ كاملٌ خالدٌ، قال تعالى: (وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَينَ يَدَيهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيمِناً عَلَيهِ) (المائدة:48)، (وَبِالحَقِّ أَنزَلنَاهُ وَبِالحَقِّ نَزَلَ) (الإسراء:105)، (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَلاَ مِن خَلفِهِ) (فصلت:41-42).
كما أنّ القرآن لم يختص ببيئة معيّنة ذات طابع محدود دون بيئة أخرى، فهو كما يحدّه الزمان، لا تحدّه الطبيعة المكانية، كالطبيعة البدوية للعرب مثلاً زمان بدء الرسالة، بل نراه يصف الطبائع المناخية الأخرى التي يعيش فيها أو على مقربة منها الأقوامُ الآخرون، قال تعالى على سبيل المثال: (أَو كَظُلُمَات فِي بَحر لُّجِّيّ يَغشَاهُ مَوجٌ مِن فَوقِهِ مَوجٌ مِن فَوقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعضُهَا فَوقَ بَعض إِذَا أَخرَجَ يَدَهُ لَم يَكَد يَرَاهَا) (النور:40)، إذ أنّ القرآن هنا يغوص إلى أعماق البحار، ويبين جغرافية المحيطات.
هذا وعندما تليت هذه الآية على عالم البيولوجيا (دور كاروا) تعجّب وقال: “إنّ الإنسان القديم الذي لم يكن يملك آلات الغوص لم يكن يمكنه الغوص إلى أكثر من 20 م، أما الآن فنحن نستطيع أن نغوص إلى أعماق 200م، وهناك نواجه الظلمات الشديدة، من المحتّم أن هذا الكلام لم يصدر عن علم بشري”(1).
إعجاز القرآن:
القرآن كتاب معجز تحدّى البشرية أن يأتوا بسورة من مثله، قال تعالى: (أَم يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُل فَأتُوا بِسُورَة مِثلِهِ) (يونس:38)، (وَإِن كُنتُم فِي رَيب مِمَّا نَزَّلنَا عَلَى عَبدِنَا فَأتُوا بِسُورَة مِن مِثلِهِ) (البقرة:23)، ولا يختص إعجازه بفصاحتهِ وبَلاغتهِ حتّى يكون العرب هم الذين تحداهم القرآن، بل إنَّ الإعجاز القرآني يظهر في صور متعددة ولا يختص بجانب واحد، منها: الإعجاز الغيبي المتمثّل في الانباء عن الغيب بصورة جازمة، ومنها: الإعجاز التشريعي بتفصيلاته الدقيقة في آيات الأحكام وفقه القرآن، ومنها: الإعجاز العلمي بايرداه القوانين والنظريات التي توصل إليها العلم الحديث، ومنها الإعجاز العددي: حيث وفق الدكتور عبد الرزاق نوفل إلى استقراء الإعجاز العددي الذي لا يكون من صنع بشر(2).
إنّ القرآن معجزةٌ الآن كما كان معجزةً في زمان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو يفيض بعطاياه لكل جيل وفي كُلّ زمان، حيث أنّ البشرية تكتشف أعماقاً جديدة في القرآن يوماً بعد يوم، وخاصة في آيات الآفاق والأنفس، قال تعالى: (سَنُرِيهِم آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِم حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ) (فصلت:53)، إنّ القرآن تحدّث عن كروية الأرض، والغلاف الجوي للأرض، ونسبية الزمان و… ، في وقت لم يكن أحد يمكنه أن يفهم أو يتصوّر ما يقوله، فذكر ذلك على شكل إشارات يكتشفها الباحثون، ويتلقاها العالمون، وهو بذلك يريد هداية الناس، وليس هو كتاب يجمع العلوم، قال تعالى: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَت أَودِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحتَمَلَ السَّيلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيهِ فِي النَّارِ ابتِغَاءَ حِليَة أَو مَتَاع زَبَدٌ مِثلُهُ كَذَلِكَ يَضرِبُ اللّهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ) (الرعد:17).