هل تسعى الإمارات إلى صفقات عسكرية من تركيا؟
الوقت- أعلن الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن توقيع اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، مع تركيا تستهدف “التعاون الاستراتيجي والنمو المشترك”.
وكتب الرئيس الإماراتي على تويتر: “شهدت والرئيس رجب طيب أردوغان خلال اتصال مرئي، توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا.. خطوة نوعية في مسيرة علاقات البلدين.. نسعى من خلالها إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بما يعود بالخير والازدهار على الجميع“.
ووقع هذا الاتفاق في أبوظبي بحضور وزير التجارة التركي محمد موش، وفق ما أفادت وكالة الانباء الإماراتية “وام”. وأوضحت الوكالة أن الاتفاق يستهدف إلغاء أو خفض الرسوم الجمركية على 82 % من السلع والمنتجات، أي ما يفوق 93 % من مكونات التجارة البينية غير النفطية.
ونقلت “وام” عن الرئيس الإماراتي قوله: “إن توقيع الشراكة تجسيد للتطور الكبير والنوعي الذي شهدته علاقاتنا خلال الفترة الماضية، حيث بلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا ما يقارب 19 مليار دولار في عام 2022، بزيادة قدرها 40 % عن عام 2021 و 112 % عن عام 2020“.
وأضافت وكالة الأنباء الإماراتية إن الهدف من الاتفاق أيضا، هو المساهمة “بشكل فاعل في مضاعفة التجارة البينية غير النفطية من قيمتها الحالية إلى 40 مليار دولار سنويا في غضون 5 أعوام، وخلق 25 ألف وظيفة جديدة في البلدين بحلول 2031“.
ورغم أن تركيا كانت دائماً شريكاً تجارياً مهماً للإمارات، كانت العلاقات باردة بين البلدين منذ فترة طويلة، إذ تتهم أبوظبي أردوغان بدعم الإسلام السياسي في العالم العربي، وخصوصاً الإخوان المسلمين، كما أنهما يختلفان في قضايا إقليمية، وخصوصا في الشأن الليبي.
وقام أردوغان بأول زيارة له كرئيس، إلى أبوظبي في شباط/فبراير 2022، طاويا صفحة التوترات بين القوتين الإقليميتين، فيما كانت بلاده تشهد أزمة اقتصادية خطيرة. وكان الشيخ محمد بن زايد زار أنقرة قبل أشهر من ذلك حين كان ولي عهد أبوظبي.
مستقبل العلاقات التركية الإماراتية
يكثر الجدال حول مستقبل تطبيع العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي. ويأتي على رأس ما يشغل الرأي العام العالمي، انعكاس تلك العلاقات الاقتصادية على القضايا السياسية والأمنية من عدمه.
ليس من السهل الإجابة على تلك التساؤلات. لكن يمكننا القول إن دول المنطقة ستحظى باستقلالية ومبادرة أكثر، في ظل التحولات الجارية في المحاور، بين أمريكا والصين، وروسيا والناتو، وأوروبا وروسيا.
ومن المفيد الإشارة هنا إلى مقالة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل زيارته للإمارات التي قال فيها: “حان وقت اتخاذ المبادرة”، إضافة إلى الدعوات التي تقوم بها الدول الأخرى في هذا الاتجاه من الأبواب الخلفية، للعمل على التغيير.
وبالنظر إلى الإرادة السياسية الواضحة للاتجاه نحو التقارب بين تركيا والامارات، فلن يكون مفاجئاً انعكاس ذلك التقارب على الملفات الأخرى. ولهذا، ليس من الضروري تفكيك كل الأزمات بين تركيا والإمارات، وليس من الصواب توقع ذلك.
وعلى سبيل المثال، يمكن للخلاف في الملف الليبي أن يستمر. ولا يعني ذلك عدم زيادة التعاون الاقتصادي، وانعكاسه على الملفات السياسية والأمنية. وحين ننظر من الناحية الاقتصادية، يمكن توقيع اتفاقيات إضافية علاوة على الاتفاقيات الموقعة في هذا الاطار.
وإذا لعبت تركيا دوراً محورياً في الوصول لأوروبا ( إيصال البضائع الإماراتية) فسوف يزيد ذلك من حجم التجارة بين البلدين. كما أن الوجود الإماراتي في السواحل الإفريقية يمكن أن يزيد القنوات الاقتصادية لتركيا الممتدة في المنطقة.
ورغم أن القضايا الأمنية سوف تتشكل بناء على توازنات حساسة، يمكن التقدم بخطوات متفرقة في هذه المساحة. وسوف ترغب الإمارات أيضاً في الاستفادة من التقدم التركي في قطاع الصناعات الدفاعية.
ولن يكون مفاجئاً إذا رغبت الإمارات في الاستثمار في هذا القطاع أو شراء معدات وأسلحة وعلى رأسها الطائرات المسيرة.
ولهذا، ليس من الضروري تشكيل رؤية أمنية مشتركة بين تركيا والإمارات، وباختصار فإن التقدم بخطوات في الملف الأمني، سوف يرتبط بما ستتشكل عليه ديناميكيات الوضع الإقليمي.
التبادل التجاري بين البلدين
تكشف بيانات التجارة الخارجية بين البلدين، أن صادرات دولة الإمارات إلى تركيا صعدت خلال 2022 بنسبة 83.5% إلى أكثر من 4 مليارات دولار.
نمت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا، بقوة، خلال العامين الماضيين، في تتويج لانتعاش العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ويتوقع أن تتزايد هذه الأرقام بعد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة، أن تركيا ودولة الإمارات وقعتا اتفاقا لشراكة اقتصادية شاملة لتعزيز التجارة.
وأضاف خلال كلمة في إسطنبول إن الاتفاقية ستأخذ العلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مرحلة جديدة، وإنه يعتقد أنها ستمكّن من زيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 25 مليار دولار في غضون خمس سنوات.
وتقدم الأرقام الرسمية من البلدين، صورة واضحة لطبيعة نمو العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة، بين اثنين من أهم الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط.
تكشف بيانات التجارة الخارجية بين البلدين، عن أن صادرات دولة الإمارات إلى تركيا صعدت خلال العام الماضي بنسبة 83.5% إلى أكثر من 4 مليارات دولار أمريكي.
وتشير بيانات هيئة الإحصاء التركية إلى أن الصادرات الإماراتية إلى تركيا خلال العام الماضي، بلغت 4.47 مليارات دولار، صعودا من 2.44 مليار دولار في عام 2021، وهي ذات الأرقام الصادرة عن وزارة الاقتصاد الإماراتية.
في المقابل، بلغ إجمالي قيمة الواردات الإماراتية من تركيا خلال العام الماضي، 5.41 مليارات دولار أمريكي، مقارنة مع 5.49 مليارات دولار أمريكي في عام 2021، حسب البيانات الرسمية الصادرة عن البلدين.
بذلك، تزين أرقام التبادل التجاري بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وتركيا، العلاقات بين البلدين، وسط تحسن لافت في تعزيز حركة الصادرات والواردات خلال السنوات الماضية.
ويرتقب أن تتجه أرقام التبادل التجاري لمزيد من التألق والصعود خلال العام الجاري، تتويجا لزيارات دبلوماسية أجراها مسؤولون رفيعو المستوى من البلدين، وعقد جلسات اقتصادية واستثمارية وتجارية.
وتشترك دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا، إقليميا، بأنهما تملكان إحدى أكثر البنى التحتية تطورا في مجال النقل البحري والبري والجوي، مع امتلاكهما أساطيل من الطائرات والسفن التجارية.
كما يشترك البلدان في أنهما يقعان على أحد أهم طرق التجارة العالمية ضمن مبادرة الحزام والطريق، وهما محطتان رئيسيتان دوليا في حركة التجارة بين الشرق والغرب وبالعكس.
والأسواق الإماراتية، تعتبر ثالث أهم مقصد للصناعات التركية خلال العام الماضي، بعد كل من العراق ومصر، بينما تأتي في المرتبة 11 عالميا كأهم شريك تجاري، بينما تعتبر أول مقصد تجاري خليجي لها.
والعام الماضي، نقلت وكالة الأناضول التركية عن البنك المركزي في البلاد، قوله إن البلاد جذبت في الفترة الممتدة من 2003 إلى 2020 استثمارات أجنبية مباشرة وصلت قيمتها إلى نحو 165 مليار دولار.
وبينما حققت هولندا وأمريكا وإنجلترا ثلث إجمالي الاستثمارات الأجنبية في البلاد، حلت الإمارات في صدارة الدول العربية الأكثر استثمارا في تركيا.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، حسبما أفادت وكالة أنباء الإمارات (وام).
الصناعات الدفاعية والصفقات المحتملة
تحولت الصناعات الدفاعية في دولة الإمارات وتركيا، إلى صناعة آخذة بالصعود مع تعزيز الأبحاث العلمية لدى البلدين، للوصول إلى توطين إنتاجها وتصديرها للخارج.
وتحوّلت دولة الإمارات خلال عقود قليلة، من بلد مستورد بنسبة 100% للصناعات الدفاعية إلى بلد منتج ومكتفٍ ذاتيا ومصدر للقطع والتكنولوجيا العسكرية.
وتورد مجلة الجندي الإماراتية (رسمية) عن خبراء محليين ودوليين في الصناعات الدفاعية، قولهم إن دولة الإمارات تملك اليوم واحدة من أكثر القوات العسكرية قدرة على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
وفي وقت تتجه فيه غالبية دول العالم غير الصناعية إلى استيراد الصناعات الدفاعية لتعزيز قوتها العسكرية، فإن دولة الإمارات وبفضل مجموعة من المصانع والكيانات المحلية، وصلت لمرحلة الاكتفاء الذاتي في عديد الصناعات العسكرية.
وفيما يخص تركيا، فقد أوردت وكالة الأناضول التركية الرسمية، مطلع العام الماضي، أن الصناعات الدفاعية المحلية عززت قدرة الجيش وقوات الأمن بالعديد من الأسلحة والمعدات المحلية خلال العام 2021.
وانتشرت منتجات الصناعات الدفاعية التركية في العديد من الدول مثل النيجر وكينيا وإثيوبيا وجيبوتي والمغرب والكونغو وبولندا والمجر ومنغوليا وقيرغيزيا.