الرئيسية / بحوث اسلامية / الانوار اللامعة في شرح زيارة الجامعة

الانوار اللامعة في شرح زيارة الجامعة

30- وبقية الله وخيرته
(وبقية الله) أي بقية خلفاء الله وحججه في الارض من الانبياء والاوصياء ولعله إشارة إلى قوله تعالى (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين) (1) وتأتي البقية بمعنى الرحمة أي هم رحمة الله التي من بها على عباده ويحتمل ان يكون المعنى الذين بهم أبقى الله عليه العباد ورحمهم فالحمل للمبالغة فيكون اشارة إلى قوله تعالى أو لو بقية وقيل أي أو لو تمييز وطاعة في فلان بقية أي فضل مما يمدح به.

 

 

(وخيرته) إذ هم الذين اختارهم الله من العالمين واصطفاهم على الملائكة المقربين (في الكافي) عن الصادق عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الائمة قال فيها فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين من عقب كل امام يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم كلما مضى منهم امام نصب لخلقه من عقبه اماما علما بينا وهاديا نيرا واماما قيما وحجة عالما ائمة من الله يهدون بالحق وبه يعدلون حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه يدين بهداهم العباد وتستهل بنورهم البلاد وينموا ببركتهم التلاد وجعلهم صفوة للانام ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام ودعائم للاسلام جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها فالامام هو المنتخب المرتضى والهادي المنتجا والقائم المرتجا اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه وفي البرية حين برأه ظلا قبل خلق نسمة عن يمين =* (هامش) (1): سورة هود آية 86.

 
[104]
وحزبه وعيبة علمه وحجته وصراطه =
عرشه محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده اختاره بعلمه وانتجبه لطهره بقية من آدم وخيرة من ذرية نوح ومصطفى من آل ابراهيم وسلالة من اسماعيل وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الحديث. (وحزبه) بالكسر فالسكون الطائفة والجماعة من الناس والجنود والاضافة إليه تعالى لمزيد الاختصاص وفيه إشارة إلى قوله تعالى (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون (1)). (وعيبة علمه) العيبة هي الصندوق أو مستودع أفضل الثياب (وعيبة علمه) على الاستعارة أي هم خزنة علم الله ومستودع سره كلما تقدم. (وحجته) التي يتج بها على خلقه كما تقدم. (وصراطه) إشارة إلى وقوله تعالى (وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه (2)) روى الصدوق باسناده عن المفضل بن عمر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصراط فقال هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل وهما صراطان صراط في الدينا وصراط في الاخرة فاما الصراط الذي في الدنيا فهو الامام المفروض الطاعة من عرفه في الدنيا واقتدى =
(1): سورة المجادلة آية 22 (2): سورة الانعام آية 153

 
[105]
=
بهداه مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الاخرة ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الاخرة فتردى في نار جهنم وفي تفسير الامام العسكري الصراط المستقيم صراطان صراط في الدنيا وصراط في الاخرة فاما الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام فلم يعدل إلى شئ من الباطل وأما الصراط في الاخرة فهو طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم لا يعدلون عن الجنة الى النار ولا الى غير النار سوى الجنة (وقال الصدوق في الاعتقادات) اعتقادنا في الصراط انه حق وانه جسر جهنم وان عليه ممر جميع الخلق قال الله عز وجل (وان منكم الا ورادها كان على ربك حتما مقضيا (1)) والصراط في وجه آخر اسم حجج الله فمن عرفهم في الدنيا واطاعهم اعطاه الله جوازا على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرائيل على الصراط فلا يجوز على الصراط الا من كانت معه برائة بولايتك (وقال الشيخ المفيد) في شرحه الصراط في اللغة هو الطريق فلذلك سمي الدين صراطا لانه طريق الى الثواب وله سمي الولاء لأمير المؤمنين والائمة من ذريته عليهم السلام صراطا ومن معناه قال أمير الؤمنين عليه السلام أنا صراط الله المستقيم وعروته الوثقى التي لا انفصام لها يعني ان معرفته والتمسك به طريق الى الله سبحانه وقد جاء الخبربان الطريق يوم =

 
(1): سورة مريم آية 71
[106]
ونوره =
القيامة الى الجنة كالحسر تمر به الناس وهو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله وعن شماله أمير المؤمنين ويأتيهما النداء من الله تعالى (القيا في جهنم كل كفار عنيد (1)) وجاء في الخبر انه لا يعبر الصراط يوم القيامة الا من كان معه براءة من علي بن أبي طالب من النار. (ونوره) النور كيفية ظاهرة بنفسها مظهرة لغيرها والمراد بكونهم نور الله انهم الذين نوروا العالم بعلم الله وهدايته أو بنور الوجود لانهم علل غائيه بوجود الاشياء أو الاعم منهما أو لانهم الادلة الواضحة والانوار اللائحة التى تلوح لبصائر الخلق فيقتدى بهم (وفي الكافي عن أبي خالد الكابلي) قال سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا (2)) فقال يا أبا خالد النور والله الائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة وهم والله نور الله في السموات وفي الارض والله يا أبا خالد لنور الامام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ويحجب الله عز وجل نورهم عمن يشاء ويظلم قلوبهم الحديث وعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى (الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوارة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل =
(1): سورة ق آية 24 (2): سورة التغابن آية 8

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...