77ـــــــــ أبوحسين الجعفري ــــــــــــ
من مواليد مدينة الحلة عام1967م، حيث أڪمل في مدارسها المرحلة الابتدائية وعاش من خلالها جرائم البعثيين بحق الإسلاميين واضطهادهم لأبناء الشعب العراقي المسلم.
هُجّر مع أسرته عام1980م ضمن حملات التهجير الجماعية التي طالت المظلومين من أبناء العراق، فاستقر بهم المقام في مدينة طهران، التي تشبّع فيها بحب أهل البيتعليهمالسلام من خلال معاشرته لإخوته المؤمنين والحضور الفعال في الهيئات الحسينية، وأصبح بعد فترة وجيزة رغم صغر سنه من المنشدين لرزايا أهل البيت عليهمالسلام ومصائبهم، والمبلّغين بصدق لمدرستهم الأصيلة.
التحق أبوحسين بقوات بدر بتاريخ27/2/1984م، وأڪمل تدريباته العسكرية اللازمة ضمن الدورة السادسة( ) التي تخرج منها مقاتلا أبيا مستعدا لتنفيذ شتى المهام وأصعبها.
عُرف بالخلق الرفيع والأدب الجم وسعة الصدر، يقول عنه الشهيد راجي عبدالحسين( ) (كان أصغرنا كأب لنا يرعانا ولايَكل، ويحف بنا دون ملل، كم من مشكلة ضاق بها صدري ولم أڪن أطيق فيها ذرعا، كانت تهون عندي عندما أشاهد فيها ابتسامته المعهودة تلك…).
وفي مقطع آخر وهو يصف أول لقائه بالشهيد أبي حسين يقول (…لكن كل الذي أعرفه أنه بطريقته الخاصة دخل عروقي بروحه، امتطى جواد دمي، وسار في مسالك جسدي، ليدخل قلبي ويختار له موقعا هناك عند البطين، ليُشرِف على كل أحاسيسي ومشاعري ويجذبها نحوه، يقودها ثم يحركها كيف يشاء…. قصة معرفتي به طويلة، فمنذ أن رأيته ولاأدري كيف تعرفت عليه، بل كيف كان طيفه يملأ أفكاري، وذكراه تشغل ذاڪرتي، وخياله يخيم علي… وأصبح لايفارقني ولاأفارقه، حتى حطت رحالنا روضة شط الدوب( )، وهناك حيث جولات الاستطلاع في ضفاف هور الحويزة، عند العدل وأبوخصاف ومريبي، كنا نتشاطر الهموم… كذلك الأفراح… وناديته حينما كان أحد الإخوة يمسك الكاميرا ليلتقط لنا صورا، ناديته أباحسين ! عزيزي! تعال لنأخذ صورة ثنائية ولانشرك بها أحدا… ابتسم ابتسامته الطرية الهادئة المعروفة دائما، وهمس في أذني فرحا (ياإلهي لقد كنت أتمناها منذ زمن بعيد…) وهكذا بقيت أحتفظ بالصورة في قلبي وفي ذاڪرتي وتصدرت أيضا صور الألبوم…)( )
شارك في عمليات القدس وعاشوراء، وكذلك شارك بشكل فعّال في وحدة الاستطلاع التابعة إلى لواء بدر في عمليات حاج عمران الظافرة، وكان شاهدا على الانتصارات الرائعة التي حققها المجاهدون على مرتفعات الشهيد الصدر في تلك المنطقة، حيث كانت مهمته إيصال القوات إلى الخطوط الأمامية.
يقول المجاهد أبوأثير السالم (عندما كان يعود في كل مرة كنت أشاهد على وجهه طبقة من غبار وبارود الجبهة، وقد شقت الدموع أخاديدها على خديه، فكنت أظن أن ذلك كان بكاء وحزنا لفقدانه أحبته الذين استشهدوا في تلك العمليات، وسرعان ما تبددت تلك الظنون عندما قال (يبدوا أني قد أذنبت ذنبا فحيل بيني وبين الشهادة في سبيل الله، وإلا ما الذي يؤخرني وأنا أرى إخوتي يتساقطون من حولي ويرحلون عني وأخرج من بينهم سالما وكأني لم أڪن معهم…) وشارك أخيرا في عمليات على مشارف مدينة البصرة وأبلى فيها بلاء حسنا، حتى أصيب برأسه الشريف بشظايا حاقدة وغادرة، أسقطته أرضا ساجدا لربه ومخضّبا بدمه الزكي، ونال بذلك أُمنيتة التي انتظرها طويلا، وكان ذلك في يوم الأربعاء 30/جمادي الأول/ 1407 ه.ق المصادف21/1/1987م.
تم تشييعه بشكل مَهيب ودفن في مقبرة بهشت زهراء بطهران بناء على وصيته.
ومن وصيته إلى إخوته المجاهدين (الثبات الثبات على طريق الحسين، والذين لم يوّفقوا من قبل فليعجلوا، فإنها فرصتهم، والفرص تمر مرَّ السحاب…أوصيكم بتوحيد الكلمة والوقوف صفا مرصوصا أمام الاستكبار العالمي، وترك الخلاف والمنازعات التي تؤدي بنا إلى التفرقة، وأن لانتّبع غير هذا — أي الإمام الخميني رضواناللهتعالىعليه – قائدا لنا…).
فهنيئا لك الشهادة ياأباحسين، وهنيئا لك السعادة وأنت في مقعد صدق عند رب غفور، وهنيئا لك الخلود الأبدي وأنت تعانق الحور والشهداء الذين رافقوك في هذه الرحلة، وكانوا أنساء دربك،
وسيبقى صوتك يرن في آذان رفاق دربك، وستبقى خالدا في قلوبهم حتى يوم التلاق، سيظل صدى أنّاتك وآهاتك في الدعاء والصلاة والذكر يطرق مسامعهم، فنم قرير العين فإن إخوتك على النهج سائرون وبوصاياك عاملون ولأمانتك حاملون…. . ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
وسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا
قبل عمليات حاج عمران صورة يظهر فيها الشهداء
1- أبو حسين الجعفري 2- أبو إيمان الفضلي 3- أبو ماجد المهاجر