قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: “لا تقولنّ: إنّ الجنّة واحدة إنّ الله يقول: وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ولا تقولنّ: درجة واحدة..إنّما تفاضل القوم بالأعمال”.
قال: وقلت له: إنّ المؤمنَيْن يدخلان الجنّة فيكون أحدهما أرفع مكاناً من الآخر فيشتهي أن يلقى صاحبه، قال عليه السلام:
“من كان فوقه فله أن يهبط ومن كان تحته لم يكن له أن يصعد لأنّه لا يبلغ ذلك المكان ولكنّهم إذا أحبّوا ذلك واشتهوه التقوا على الأسرّة”15.
– عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
“الدرجة في الجنّة فوق الدرجة كما بين السماء والأرض”!
14- بحار الأنوار، العلّمة المجلسي، ج 8، ص 160.
15- م. ن، ص 106.
وإنّ العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره فيفرح، فيقول: ما هذا؟ فيقال: هذا نور أخيك المؤمن، فيقول: هذا أخي فلان كنّا نعمل جميعاً في الدنيا وقد فضّل عليّ هكذا؟
فيُقال: “إنّه كان أفضل منك عملاً، ثمّ يجعل في قلبه الرضا حتّى يرضى”16.
– وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إنّ الله جلّ ثناؤه ليدخل قوماً الجنّة فيُعطيهم حتّى تنتهي أمانيهم وفوقهم قوم في الدرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون: ربّنا إخواننا كنّا معهم في الدنيا فبم فضّلتهم علينا؟
فيُقال: هيهات!
إنّهم كانوا يجوعون حين تشبعون، ويظمأون حين تروون، ويقومون حين تنامون، ويشخصون حين تخفضون”17.
6- ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ*الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾18.
– عن أبي عبد الله عليه السلام قال: “ما خلق الله خلقاً إلا جعل له في الجنّة منزلاً و في النار منزلاً، فإذا سكن أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار نادى منادٍ، يا أهل الجنّة أشرفوا، فيشرفون على النار وترفع لهم منازلهم في النار ثمّ يُقال لهم: هذه منازلكم الّتي لو عصيتم ربّكم دخلتموها، قال: فلو أنّ أحداً مات فرحاً لمات أهل الجنّة في ذلك اليوم فرحاً لما صرف عنهم من العذاب، ثمّ ينادون: يا معشر أهل النار ارفعوا رؤوسكم فانظروا إلى منازلكم في الجنّة فيرفعون رؤوسهم فينظرون إلى منازلهم في الجنّة وما فيها من النعيم، فيُقال لهم: هذه منازلكم الّتي لو أطعتم ربّكم دخلتموها، قال: فلو أنّ أحداً مات حزناً لمات أهل النار ذلك اليوم حزناً، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء، وهؤلاء منازل هؤلاء، وذلك قول الله عزّ وجلّ: ﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ*الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾” 19
16- ميزان الحكمة، الريشهري، ج 1، ص 431.
17- م.ن، ج 1، ص 432.
18- سورة المؤمنون، الآيتان: 10-11.
19- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 8، ص 125.