الرئيسية / تقاريـــر / أسباب تخلّف المسلمين‏

أسباب تخلّف المسلمين‏

القربى والانتساب لأهل البيت عليهم السلام لا يكفي‏

لقد اكتفينا بانتسابنا لمدرسة أهل البيت عليه السلام على مستوى القول لا العمل، بينما القرآن الكريم يدين أولئك الذين يزعمون أن لهم قرابة عند الله تنجيهم من العذاب.

﴿وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾16.

والقرآن يرفض أن تكون وشيجة القرابة شفيعا للإنسان، فهو يجيب النبي نوح عليه السلام:
﴿…إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح..﴾17.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لابنته فاطمة عليها السلام:
“يا فاطمة اعملي بنفسك إني لا أغني عنك من الله شيئا”.

وقال تعالى:
________________________________________
16- البقرة:80-82.
17- هود:46.

﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾18 .

2- مفهوم التوكل‏

هذا المفهوم القرآني السامي، مثل سائر المفاهيم الإسلامية دقيق وحساس وذو حدين، إن فُهِم بالشكل الصحيح أثمر أعظم النتائج الإيجابية، وإن فُهِم بالشكل المشوّه كما هو اليوم، كان من العوامل المثبطة للهمم والعزائم.

التوكل في المفهوم القرآني مفهوم ينبض بالدفع والنشاط والحيوية، ويزيل كل عوامل التردد والانهزام والخوف، ولذلك نجد القرآن يستعمله عندما يريد أن يثبت ويشد من عزيمة وصمود الفئة المسلمة:
﴿… وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾19.
________________________________________
18- المؤمنون:101-103.
19- ابراهيم:12.

﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾20

وللأسف إن هذا المفهوم القرآني النابض بالحياة، تبدل بين المسلمين اليوم إلى مفهوم التواكل والتقاعس عن العمل والاندفاع.

3- مفهوم الزهد

وهذا المفهوم من المفاهيم التي شوهت وتأثرت بملابسات غير إسلامية، فالزهد الذي يعني لغة ترك الشي‏ء والرغبة عنه، واصطلاحا يطلق على من يترك أمرا له رغبة طبيعية فيه، فلا يطلق مثلا على المريض الذي لا رغبة له بالطعام أنه زاهد، هذا المفهوم جاء به الإسلام ليحث الإنسان على الترفع عن الإنشداد البهيمي بالأرض، وعن ممارسة القدرة والتسلط لاستضعاف الناس واستغلال ثرواتها، وعندها تتحول كل الممارسات الحياتية إلى وسيلة للإنسان ترتقي به إلى الله سبحانه، وتصبح الدنيا وسيلة لا غاية.

هذا المفهوم تأثر بالرهبانية التي ابتدعتها المسيحية..
________________________________________
20- الأحزاب:48.

﴿…وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ …﴾ 21.

حيث نجد فيها أن كل ممارسة مع الطبيعة والحياة عملا دنيويا، وأما الطقوس فهي الأعمال الأخروية المعزولة عن كل ممارسة حياتية، وقد رفض الإسلام هذه الرهبانية وعبر على لسان رسوله صلى الله عليه وآله:
“لا رهبانية في الإسلام”22.

واعتبر أن كل الأعمال الدنيوية يمكن أن تتأطر بإطار ديني، وتصبح أعمالا عبادية وأخروية، وذلك فيما لو كان الهدف منها تحصيل رضا إلى الله، فالسلطة الاقتصادية يمكن لها أن تكون وسيلة لتحقيق خلافة الله على الأرض، فقد عبّر النبي يوسف عليه السلام:
﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ 23.

فهو لا يريد أن يستغلّ هذه السلطة لتحقيق مطامعه الشخصية، وكذلك قد أوجب الإسلام على المسلمين إعداد القوة..
________________________________________
21- الحديد:27.
22-جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج20، ص21.
23- يوسف:55.

﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ…﴾ 24.

ليرتفع بهم في المستوى الاجتماعي ليشكلوا قوة تبعث على الرهبة في نفوس الأعداء.

فالإسلام يدعو إلى الزهد في الدنيا بمعنى أن لا يجعل الدنيا غاية ويجعلها وسيلة، فلا يحس بالفشل والانكسار إذا فقد متاعها، ولا يشعر بالغرور إذا ما امتلك شيئا منها، لأنه لا يريد إلا وجه الله، وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام:

“الزهد بين حكمتين في القرآن: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ…﴾” 25.

شاهد أيضاً

مع اية الله العظمى الامام الخامنئي والاحكام الشرعية حسب نظره

الهبة / الهدية / الجوائز المصرفية / المهر / الإرث س854: شخص أودع مبلغاً في ...