07 نوع العذاب الذي وقع على قوم ثمود:
وحينئذٍ توعدهم ربُّهم بعذابٍ قريب على لسان نبيِّه وأمهلهم ثلاثة أيام لعلَّهم يرجعون ﴿فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾(34).
وتلك حجةٌ أخرى لو كانوا يعقلون، إذ انَّه وقّت لهم زمن العذاب الذي سيُصيبهم حتى لا يقولوا انْ ما يمكن انْ يصيبهم إنما هو آفة كونية اتفق وقوعها، فليس في السماء ما يُنبئ عن وقوع آفة، ورغم ذلك أخبرهم واثقاً بوقوع العذاب عليهم بعد ثلاثة أيام معدودة وذلك وعدٌ غير مكذوب.
وأفادت بعض الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) انَّه أخبرهم انَّ أمارة ذلك ان تصفرَّ وجوههم جميعاً في اليوم الأول وانْ تحمَّر في اليوم الثاني وان تسوَّد في اليوم الثالث فوقع ما كان قد أنبئهم به، وحينئذٍ ندِموا على ما كانوا قد فرطوا في جنب الله تعالى: ﴿فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾(35).
وقد اخبر القرآن بأنَّ الله تعالى قد عذَّب قوم صالح (ع) بأنواع ثلاثة من العذاب.
ففي سورة القمر يقول تعالى: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ / إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ﴾(36).
وفي سورة الأعراف يقول تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾(37).
وفي سورة الذاريات يقول تعالى: ﴿وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ / فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ / فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ﴾(38).
فالظاهر من مجموع هذه الآيات انَّ صيحةً من السماء مُفزعة أخذت بمجامع إسماعهم فرجفت منها قلوبُهم أو أرجفت الأرض من تحت أقدامهم، فما استطاعوا من قيام، لان الفزع الذي انتابهم أوهى عظامهم فظلَّوا في مواقعهم جاثمين، فأرسل الله عليهم صاعقةً فأخذتهم وهم ينظرون ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾(39).
ويظهر من بعض الآيات ان نبي الله صالح (ع) رحل عنهم بعد ان أصابتهم الرجفة يقول تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ / فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ﴾(40).
فالفاء في قوله: ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ﴾ تعبيرٌ عن انَّ ذلك قد وقع بعد ان أخذتهم الرجفة، وخطابه لهم تعبير عن انَّهم لم يهلكوا بالرجفة التي أصابتهم.
وأما المصير الذي حظيَ به مَن آمن من قوم صالح فهو النجاة حيث قال الله تعالى: ﴿وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾(41) وقال تعالى في سورة هود: ﴿فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾(42).
نستكمل الحديث فيما بعد إن شاء الله تعالى
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
_______________
1- الفجر/6 – 14.
2- الفجر/11 – 13.
3- الزخرف/55.
4- فاطر/43 – 44.
5- الأعراف/74.
6- النمل/45.
7- الأعراف/75.
8- هود/62.
9- الأعراف/74.
10- الشعراء/149.
11- النمل/48.
12- الشعراء/146 – 148.
13- الأعراف/73.
14- الفجر/11 – 12.
15- الأعراف/75.
16- الشعراء/150 – 152.
17- الشعراء/153.
18- القمر/25.
19- هود/62.
20- الشعراء/150 – 152.
21- الأعراف/75.
22- الشعراء/154.
23- هود/64.
24- الإسراء/59.
25- الأعراف/73.
26- القمر/28.
27- الشعراء/155.
28- هود/64.
29- الشعراء/156.
30- الأعراف/76 – 77.
31- القمر/29.
32- الأعراف/77.
33- النمل/48.
34- هود/65.
35- غافر/85.
36- القمر/30 – 31.
37- الأعراف/78.
38- الذاريات/43 – 45.
39- النمل/52.
40- الأعراف/78 – 79.
41- النمل/53.
42- هود/66.