12)آراء المفسّرين في معنى التقدُّم على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم:
هناك أقوال وآراء متعدّدة لتفسير التقدُّم:
منها: لا تعجلوا بالأمر والنهي دون الله ورسوله، ولا تقطعوا بالأمر والنهي دون الله ورسوله.
ومنها: أنّ المراد النهي عن التكلّم قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي إذا كنتم في مجلسه وسُئل عن شيء فلا تسبقوه بالجواب حتى يُجيب هو أولاً.
منها: لا تقدّموا أقوالكم وأفعالكم على قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله ولا تمكّنوا أحداً يمشي أمامه.
والرأي الأرجح في تفسير التقدُّم على الله ورسوله هو النهي عن التقديم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقط في هذه الوجوه الثلاثة الأخيرة مبني على حملهم ذكر الله تعالى مع رسوله في الآية على نوع من التشريف كقوله: أعجبني زيد وكرمه فيكون ذكره تعالى للإشارة إلى أنّ السبقة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أي حال في معنى السبقة على الله سبحانه.
الظاهر في أنّ المراد بما بين يدي الله ورسوله هو المقام الذي يربط المؤمنين المتقين بالله ورسوله وهو مقام الحكم الذي يأخذون منه أحكامهم الاعتقادية والعملية.
وبذلك يظهر أنّ المراد بقوله: ﴿لَا تُقَدِّمُوا﴾ تقديم شيء ما من الحكم قِبال حكم الله ورسوله، إمّا بالاستباق إلى قول قبل أن يأخذوا القول فيه من الله ورسوله، أو إلى فعل قبل أن يتلقّوا الأمر به من الله ورسوله، لكن تذييله تعالى النهي بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ يناسب تقديم القول دون تقديم الفعل ودون الأعم الشامل للقول والفعل وإلا لقيل: إنّ
الله سميع بصير ليحاذي بالسميع القول وبالبصير الفعل، كما يأتي تعالى في كثير من موارد الفعل بمثل قوله: ﴿وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، فمحصّل
المعنى: أن لا تحكموا فيما لله ولرسوله فيه حكم إلا بعد حكم الله ورسوله أي لا تحكموا إلا بحكم الله ورسوله ولتكن عليكم سمة الاتباع والاقتفاء.