وصف العلامة المجاهد السيدعبدالله الغريفي أحد أبرز علماء البحرين ، الشيخ علي سلمان زعيم “جمعية الوفاق الوطني الاسلامية كبرى حركات المعارضة ، بأنه مجاهد صامد مقدام جريء ، حملَ همَّ الشعب ، ودافع عن حقوقِهِ العادلةِ ، دون ان يُساوم ، او يُداهن ، او يَضعُف ، او ينكسر ، و وجه اليوم ، رسالة مفتوحة له من منبر الجمعة بجامع الامام الصادق في منطقة الدراز ، خاطبه فيها قائلا : “أرادوا أن يغيبوك … فأعطوك كل الحضور وكل الظهور” .
و افادت وکالة “تسنیم” الدولیة للانباء بأن العلامة الغریفی قال فی رسالته :
من هذا المنبر أبعث إلیك -أیّها الشیخُ المُجاهدُ – أزکى سلام وأجملَ تحیةٍ وبعد : فهذه بعضُ کلماتٍ تحِملُ کلّ الحُبِّ والوفاء والتقدیر لإنسانٍ عرفتْهُ السّاحةُ مجاهدًا صامدًا مقدامًا جریئًا، حملَ همَّ الشعب، ودافع عن حقوقِهِ العادلةِ، لم یُساوم، ولم یُداهن، ولم یَضعُف، ولم ینکسر، وکان فی إصرارِه وعنفوإنّهِ مُسالمًا، لا ینزعُ إلى عُنفٍ أو تطرفٍ، وکان فی مبدئیتهِ وتحدّیهِ داعیةَ محبةٍ وتسامح .
أیّها الشیخُ المجاهد:
ما أنصفوك حتى احتجزوك .. وما أنصفوك حتى حاکموك ..
إنّهم بهذا یُحاکمون قضیةَ شعب، وإرادةَ شعب، ونضالَ شعب، وصمود شعب، وحریةَ شعب، وکرامةَ شعب، ومصیرَ شعب..
أرادوا أنْ یُغیّبوکك وما دَرُوا إنّهم أعطوك کلّ الحضور ..
أرادوا أنْ یَعزلوُك، وما دَرُوا إنّهم جذَرُوك فی کلّ القلوب ..
أرادوا أنْ یُسْکتُوا حراکك شعبٍ، وما دَروُا إنّهم أعطوا لهذا الحَراك وقودًا زادَهُ ثباتًا وعنفوانًا وإصرارًا واستمرارًا..
أرادوا أن یقتلوا فیك الصمود، وما دروا أنهم فجروا فیك طوفاناً من الصمود..
ما أنصفوك حین اتهموکك بأنَکك رجلُ تأزیم وتحریض وصِدام وعدوان، وما عرفتك السّاحة إلاّ إنسانَِ تهدئةٍ وحوارٍ وتوافقٍ ووئامٍ..
ما أنصفوکك حین قالوا عنك إنکك إنسانَ عنفٍ وتطرفٍ وفتنةٍ وفرقةٍ، وما عرفتك السّاحة إلاّ داعیةَ سِلْمٍ واعتدالٍ وتسامحٍ ومحبةٍ..
ما أنصفوك حین قالوا عنك إنکك أساءتَ إلى أمنِ الوطنِ، وما عرفتك السّاحةُ إلاّ العاشق لکلِّ ذرةٍ فی ترابِ هذا الوطن..
أیّها الشیخ المجاهد:
لماذا اتهموکك بالإساءةِ إلى أمن هذا الوطن؟
ألأنَّك انتقدت سیاسةً وجدتَها خاطئةً؟
ألأنَّك قلت ((لا)) للفساد، للعبث للتمییز، للتجنیس، لکلّ ما هو سیئ؟
ألأنَّك دافَعَتَ عن قضایا شعب؟
هل فی هذا إساءة إلى أمن الوطن؟
أمنُ الوطن فی منظورك أنْ یتحقق الأمنُ لکلّ مواطن ..
• أنْ یکون المواطن آمنًا على دمِهِ ومالِهِ وعرضِهِ..
• أنْ یکون المواطن آمنًا على حریته السّیاسیة والاجتماعیة..
• أنْ یکون آمنًا على حقوقِهِ المعیشیة..
• أنْ یکون آمنا على أسراره وخصوصیاته..
• أنْ یکون آمنًا فی سکنه وفی کلّ تحرکاته وتنقلاته..
• أنْ لا یُلاحق، أنْ لا یُطارد، أنْ لا یُعتقلَ، أنْ لا یُسجن، أنْ لا یُحاکم إلاّ بحق..
هکذا یکون المواطن آمنًا، وهکذا یکون الوطن آمنًا..
أیّها الشیخُ المُجاهد:
وهل جهادُك السّیاسی السلمی إلاّ من أجل أنْ یکون المواطن آمناً، ومن أجل أنْ یکون الوطن آمنًا..
کنت تُحاربُ کلّ ما یَقتُل أمنَ المواطن وأمنَ الوطن..
حاربتَ العُنفَ والإرهابَ والتطرف..
وحاربت کلّ الصراعاتِ الطائفیة والمذهبیة والسّیاسیة والعرقیة..
وحاربت سیاسة التسلّط والاستبداد..
وکُنت تؤکد على سیاسة العدل..
ولا یزرع الأمن فی الأوطان إلاّ العدل..
ففی الکلمات الصادرة عن أمیر المؤمنین علیهِ السَّلام: (( ما عُمرت البلدان بمثل العدل)) و (( صلاح الرعیة العدل)).
وختامًا أیّها الشیخُ المجاهد:
إننا ننتظرك بکلّ شوقٍ أنْ تعود إلى موقعك فی السّاحة، لتُمارس دورك فی خِدمة هذا الوطن، وفی الدفاعِ عن حقوق هذا الشعب..
کما ننتظر عودةَ رفیقِ دربك رئیس شورى الوفاق السّید جمیل کاظم، والذی کان له دورٌ بارزٌ فی السّاحةِ السّیاسیة، وفی الحَرَاکك السلمی، بما یملکك من وعیٍ وبصیرةٍ، ونُضْجٍ وقٌدرةٍ کفوءة، وصدقٍ وإخلاصٍ واستقامةٍ، وحُبٍ بهذا الوطن..
کما ننتظر عودة کلّ الرموز والقادةِ الذین غُیّبوُا فی السِّجونِ، فالسّاحة فی حاجة إلى حضورِهم، وعطاءِهم، وکفاءتِهم، وإخلاصِهم لهذا الوطن، کما أنَّه فی حاجةٍ إلى أدوارِهم الرشیدة البصیرة القادرة على أنْ تُساهم فی صُنع الأمنِ کلّ الأمنِ فی هذا الوطن، والحبِّ کلّ الحُبِّ على هذهِ الأرض، والوحدةِ کلّ الوحدةِ بین مکوّناتِ هذا الشعب..
وهکذا یجب أنْ تلتئم کلّ القُوى المخلصةِ من أجل إنتاجِ الحلِّ القادرِ على إنقاذِ البلدِ من أوضاعَ ثقیلة ضلتْ جاثمةً على صدرهِ وأرهقتهُ کثیرًا، وکلّفَتهُ أثمانًا باهظةً ولا یمکن إنتاجُ هذا الحلِّ إلاّ من خلالِ حوارٍ جادٍّ حقیقیٍ صادقٍ، فلا خیارَ إلاّ الحوارَ، ولا خیار إلا التوافقَ والتعاون فی سبیل بناءِ مستقبلٍ واعدٍ وآمنٍ لهذا الوطنِ الأصیلِ والذی احتضن عبر تأریخِهِ کلّ المکوّنات فی تعایشٍ لا یعرفُ الکراهیة والفتن والصراعات..
وما ذلك الیوم ببعیدٍ إنْ شاء الله، إذا صدقتْ النوایا، وأخلصتْ الجهودُ، وتحرکتْ الإراداتُ الرشیدة.