الرئيسية / القرآن الكريم / القرآن في الاسلام – العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي

القرآن في الاسلام – العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي

7- وزيادة على هذا يقول تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) ( 1 ) .
ويقول : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا
كثيرا ) ( 2 ) .
تدل الآية على ضرورة التدبر في القرآن الذي هو بمعنى التفهم والتدبر يرفع ما يتراءى
بالنظرة الأولى من الاختلاف بين الآيات ومن البديهي الواضح أن الآيات لو لم تكن لها
دلالة ظاهرة على معانيها لما كان معنى للتدبر والتأمل ، كما لم يبق مجال لحل
الاختلافات الصورية بين الآيات بواسطة التدبر والتأمل .
* * * وأما ما ذكرنا من انه لا دليل خارجي على نفي حجية ظواهر القرآن ، فلأننا لم نجد هكذا
دليل لذلك الا ما ادعاه بعض من أننا في فهم مرادات القرآن يجب أن نرجع إلى ما أثر
عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو ما أثر عنه وعن أهل بيته المعصومين عليهم
السلام .
ولكن هذا ادعاء لا يمكن قبوله ، لأن حجية قول الرسول والأئمة عليهم السلام يجب أن
تفهم من القرآن الكريم ، فكيف
يتصور نوقف حجية ظواهره على أقوالهم عليهم السلام . بل نزيد على هذا ونقول : ان اثبات
أصل النبوة يجب أن نتشبث فيه بذيل القرآن الذي هو سند النبوة كما ذكرنا سابقا .
وهذا الذي ذكرناه لا ينافي كون الرسول والأئمة عليهم السلام عليهم بيان جزئيات
القوانين وتفاصيل أحكام الشريعة التي لم نجدها في ظواهر القرآن ، وأن يكونوا مرشدين
إلى معارف الكتاب الكريم كما يظهر من الآيات التالية :
( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) 1 .
( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) 2 .
( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ) 3 .
( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب
والحكمة ) 4 .
يفهم من هذه الآيات أن النبي صلى الله عليه وآله هو الذي يبين جزئيات وتفاصيل
الشريعة وهو المعلم الإلهي للقرآن المجيد وحسب ما جاء في حديث الثقلين الأئمة عليهم
السلام هم خلفاء الرسول في ذلك . وهذا لا ينافي أن يدرك مراد القرآن من ظواهر آياته
بعض من تتلمذ على المعلمين الحقيقيين وكان له ذوق في فهمه .
للقرآن ظاهر وباطن :
يقول الله تعالى في كلامه المجيد : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ) ( 1 ) .
ظاهر هذه الآية الكريمة أنها تنهى عن عبادة الأصنام كما جاء في قوله تعالى
( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) ( 2 ) ، ولكن بعد التأمل والتحليل يظهر أن العلة في المنع
من عبادة الأصنام أنها خضوع لغير الله تعالى . وهذا لا يختص بعبادة الأصنام بل عبر عز
شأنه عن إطاعة الشيطان أيضا بالعبادة حيث قال : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن
لا تعبدوا الشيطان ) ( 3 ) .
ومن جهة أخرى يتبين أنه لا فرق في الطاعة الممقوتة بين أن تكون للغير أو للانسان
نفسه ، فان إطاعة شهوات النفس أيضا عبادة من دون الله تعالى كما يشير اليه في قوله :
( أفرأيت من اتخذ الهه هواه ) ( 4 ) .
وبتحليل أدق نرى أنه لا بد من عدم التوجه إلى غير الله جل وعلا ، لأن التوجه إلى غيره
معناه الاعتراف باستقلاله والخضوع له ، وهذا هو العبادة والطاعة بعينها 

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...