إنَّ الظروف الصعبة التي أحاطت بحياة الإمام المجتبى عليه السلام جعلت من محطات حياته ودراستها أمراً يحتاج إلى كثير من الدقة والتمحيص والإنصاف، لأن الإمام عليه السلام قد عانى مظلومية من أهل زمانه، ومظلومية في صفحات التاريخ الإسلامي، سواء على مستوى فهم حركته السياسية المباركة وصولاً إلى الصلح مع معاوية، أو على مستوى بعض الاتهامات التي لا تليق بالإمام عليه السلام كتعدد الزوجات المفرط وغير ذلك التي نشتم منها رائحة البيت الأموي.
إن معاناة هذا الإمام عليه السلام المباشرة بدأت من اللحظة التي عهد بها الإمام علي عليه السلام إليه قبل شهادته بيومين قائلاً:
“يا بنيّ! إنه أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن أوصي إليك وأدفع إليك كتبي وسلاحي، كما أوصى إليّ ودفع إليَّ كتبه وسلاحه وأمرني أن امرك إذا حضرك الموت أن توصي بها إلى أخيك الحسين عليه السلام”1.
وبعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام ، خطب الإمام الحسن عليه السلام خطبة قال فيها:
“أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنا ابن البشير، أنا ابن النذير… الخ”2.
وبعد ذلك قام ابن عباس ودعا الناس إلى بيعته فاستجابوا وبايعوه قائلين “ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة”3 “وكان عدد المبايعين له أكثر من أربعين ألفاً”4.