بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد الاحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، والصلاة والسلام على محمد عبده المجتبى، ورسوله المصطفى، أرسله إلى كافة الورى، بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وعلى أهل بيته أئمة الهدى ومصابيح الدجى، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا والسلام على من اتبع الهدى.
وبعد فإن الله سبحانه وتعالى لما جعل التأسي بنبيه مفتاحا لرضوانه وطريقا إلى جنانه، بقوله عزوجل: ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر ” واتباعه واقتفاء أثره سببا لمحبته، ووسيلة إلى رحمته بقوله عز من قائل: ” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ” حداني هذا الفوز العظيم إلى جمع كتاب يشتمل على مكارم أخلاقه ومحاسن آدابه وما أمر به أمته، فقال (عليه السلام): إنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق. لان العلم بالشئ مقدم على العمل به، فوجدت في كلام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ما يحتوي على حقيقة سير الانبياء وهي الانقطاع بالكل عن الناس إلى الله في الرجاء والخوف وعن الدنيا إلى الاخرة.
وخص من جملتهم نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بكمال هذه السيرة وحثنا ورغبنا على الاقتداء به فقال (عليه السلام) بعد كلام له طويل لمدع كاذب يدعي بزعمه أنه يرجو الله: كذب والعظيم ما باله [ و ] لا يتبين رجاؤه في عمله وكل من رجا عرف رجاؤه في عمله إلا رجاء الله فإنه مدخول، وكل خوف متحقق إلا خوف الله فإنه معلول، يرجو الله في الكبير