إنّني أشعر أنّ الإنسان إذا أراد أن يبقى على الصعيدين المعنوي والثقافي غضّاً ومتجدّداً ، فلا مناص له من الارتباط بالكتاب. الإمام الخامنئي دام ظله.
“ذكريات مستوفي”
لدينا الكثير من كتابة الذكريات الجيّدة، وللإنصاف، إن كتاب “ذكريات مستوفي” هذا، هو كتابٌ جميلٌ جدّاً. فلو قارنتم هذا الكتاب بكتاب سيرة حياة نهرو، فإنّه لا يقلّ شأناً عنه، هذا إذا لم يَكن أفضل منه. إلا أنّه يخلو من نسج الخيال، والبُعد القصصي .
خدمات المتنوّرين وخيانتهم
بعد الثامن والعشرين من شهر مرداد ، ساد صمتٌ عجيبٌ في الساحة الثقافية، بلحاظ الإعلان والتعبير عن الدوافع والتوجّهات في مقابل نظام فاسد. فالكثير من الأشخاص، الّذين كانوا في العشرينات الهجرية الشمسية (الأربعينات الميلادية)، مورد غضب النظام، قد تحوّلوا في العقد الّذي تلاه إلى أعوان مطيعين له! وآل أحمد في كتاب “خدمة المتنوّرين وخيانتهم”، كان
يتكلّم عن هؤلاء المتنوّرين أنفسهم. لقد شرع آل أحمد بكتابة هذا الكتاب سنة 1343هـ.ش.، واستمرّ بها حتّى سنة 1347 هـ.ش..عندما قدم آل أحمد إلى مشهد في نفس ذلك العام، التقينا به. وقد جرى الحديث في إحدى المناسبات عن هذا الكتاب، فقال: “منذ مدّة وأنا مشغول بأحد الأعمال”. بعدها علمنا أنّه كان مشغولاً بهذا الكتاب منذ سنة 43 هـ.ش. كان يطلب منّا مسائل في مجالات محدّدة، إذ كان يظنّ أنّنا على علم بها. عندها علمنا أنّه كان يؤلّف هذا الكتاب. لقد نُشر هذا الكتاب بعد وفاته، حيث كان من الكتب الّتي لا يُسمح بنشرها في النظام السابق, كان يُعدّ كتاباً ممنوعاً مائة بالمائة، ولا إمكانية لنشره .
هاورد فاست
إذا تسنّت لكم الفرصة لقراءة بعض الكتب الّتي كُتبت عن الوضع الاجتماعي في أمريكا، سوف تلتفتون إلى هذه المسألة… لقد قرأتُ كتباً عديدة في هذا المجال, لا أعلم إن كنتم قد قرأتموها أيضاً أم لا. …على سبيل المثال، قرأتُ في مجال القضايا الانتخابية، كتاباً للكاتب الأمريكي هاورد فاست، المعروف نسبياً بميوله اليسارية. ولهذا الكاتب كتبٌ أخرى أيضاً. …بالطبع هو كاتب روائي. كتابه يتناول سيرة طفل تهاجر عائلته في بدايات القرن العشرين من إحدى الدول الأوروبية إلى أمريكا. ويولد هذا الطفل في أمريكا، حيث يصبح مواطناً أمريكياً وفق القوانين. بعدها، يصبح محامياً، ومن ثمّ يترشّح للانتخابات. لقد فُصّل في ذلك الكتاب الوضع الانتخابي في أمريكا. التفتوا، هذا الأمر مرتبط بأوائل ذاك القرن، بالعشرينات والثلاثينات, بعد ذلك، ساء
الوضع بدرجات، وذلك باعتراف كلّ من لديه خبرة في هذا المجال وكتب حول هذا الموضوع. … في الواقع، إنّ من يعيّن المرشّحين هو المال والقوّة الدعائية للشركات الكبرى المسيطرة على أمور البلد كافّة .
فرانتز فانون
لو كنتم قرأتم تلك الكتب الّتي كُتبت في زماننا ذاك حول أمريكا اللاتينية وأفريقيا، ككتب فرانتز فانون والّذين كانوا يؤلّفون الكتب في ذلك الوقت ـ وكتبهم الآن أيضاً باقية على اعتبارها وقيمتها – لوجدتم أنّ وضعنا كان على هذا الشكل، لا أحد يجرؤ على الكتابة حول إيران. أمّا حول أفريقيا أو تشيلي أو المكسيك فكانوا يكتبون بكلّ سهولة. إنّي من خلال قراءتي لهذه الكتب وجدت أنّ وضعنا هو عين ذلك الوضع. أي أنّ هذا الشابّ العامل بعد أن يجهد في العمل وينتج (قرشاً ونصف)، يصرف نصف ذلك المال في الترف والفسق والمجون وأمثال هذه الأمور! هذه هي المواضيع الّتي كنّا نقرأها في تلك الكتب ونرى أن واقع مجتمعنا هو أيضاً كذلك .