الرئيسية / شخصيات أسلامية / غيض من فيض الإمام عليّ عليه السلام هذا البحر الزخّار

غيض من فيض الإمام عليّ عليه السلام هذا البحر الزخّار

استغفار الإمام عليّ عليه السلام

من الخصائص الأخرى لدى أمير المؤمنين عليه السلام هو الاستغفار؛ إذ كان للدعاء والتوبة والإنابة والاستغفار حيّز واسع في حياة أمير المؤمنين عليه السلام, فهو كان يقاتل ويُعبّئ الجيوش، ويُدير شؤون دولة كانت تعتبر من أكبر الدول يومذاك, وقد حكمها مدّة تناهز الخمس سنوات فالدولة الّتي حكمها كانت تضم حوالي عشرة بلدان وهذا السلطان الواسع بكلّ ما يستلزمه من جهود ومساعٍ كان أمير المؤمنين عليه السلام يديره بكلّ جدارة، إضافة إلى ميادين الحرب وإدارة الشؤون الاجتماعيّة للمسلمين، والقضاء بين الناس والمحافظة على حقوق أبناء المجتمع، كانت أعمالاً كبرى ومهمّة وتتطلّب عملاً ومثابرة, وتستحوذ على وقت الإنسان برمّته, وفي مثل هذه المواقف يقول الإنسان المحدود ببعد واحد: إنّ دعائي وعبادتي هو هذا، فأنا أعمل في سبيل الله، لكن أمير المؤمنين عليه السلام لم يقل هذا، بل كان يؤدّي تلك الأعمال، ويَعْبُد أيضاً.

جاء في بعض الأخبار وإن لم أكُن قد دقّقت في مدى صحتها أنّه عليه السلام كان يصلّي أحياناً في اليوم والليلة ألف ركعة, وهذه الأدعية الّتي تسمعونها هي أدعية أمير المؤمنين عليه السلام, فهو قد بدأ الدعاء والتضرّع والإنابة منذ أيّام شبابه, كان حينها في شغل متواصل.

وفي أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان شاباً ثوريّاً وله حضور في جميع الميادين, أي إنّه كان في حالة عمل دؤوب, ليس لديه وقت فراغ, حتّى في مثل تلك

الظروف حين تَساءل جماعة من القوم عن أكثر الناس عبادة قال أبو الدرداء: عليّ أكثر الناس عبادة.

قالوا: كيف؟ فذكر لهم مثلاً على ذلك وأقنعهم: كان حينها شاباً يبلغ من العمر نيفاً وعشرين سنة, وهكذا كان دأبه في الفترة الّتي تلتها، وفي أيّام خلافته.

هناك قصص متنّوعة عن عبادة أمير المؤمنين عليه السلام مثل قصّة نوف البكاليّ. وهذه الصحيفة العلويّة الّتي جمعها عظماء العلماء تعكس الأدعية المأثورة عن أمير المؤمنين عليه السلام, وأحدها هو دعاء كميل الّذي تقرأونه ليالي الجمعة3.

ودعاء كميل دعاء4 عظيم, يبدأ بالاستغفار, ويقسم على الله بعشرة أشياء منها: “اللّهمّ إني أسألك برحمتك الّتي وسعت كلّ شيء” ، ويسأله غفران خمسة ذنوب: “اللّهمّ اغفر لي الذنوب الّتي تهتك العصم، اللّهمّ اغفر لي الذنوب الّتي تنزل النقم، اللّهمّ اغفر لي الذنوب الّتي تحبس
________________________________________
3- دُعاء كُميل من الأدعية المشهورة والمعروفة جدّاً لدى أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، يحرصون على قراءته في كلّ ليلة جمعة، وفي ليلة النصف من شهر شعبان، تبعاً للروايات الواردة في فضله وأثره البالغ في تربية النفس، ولما يحتويه من المعاني الرفيعة، وهو كنزٌ من الكنوز الثمينة جدّاً، لأنّه يزخر بالدروس العقائديّة والتربويّة، ويقويّ في الإنسان المؤمن روح العبوديّة والتوجه إلى الله عَزَّ وجَلَّ. إنّه من أفضل الأدعية وهو دُعاء الخضر عليه السلام وقد علّمه أمير المؤمنين عليه السلام كميلاً، وهو من خواصّ أصحابه. وقد رواه الشّيخ الطوسي في كتاب مصباح المتهجّد.
4- هو كُمَيْل بن زياد بن سُهيل بن هيثم بن سعد بن مالك بن الحارث بن صهبان بن سعد بن مالك بن النخع، وُلِد باليمن سنة سبع قبل الهجرة، أسلم صغيراً و أدرك النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وقيل إنَّه لـم يره، ارتحل مع قبيلته إلى الكوفة في بدء انتشار الإسلام، كان من سادات قومه، وكانت له مكانة ومنـزلة عظيمة عندهم، وكان رحمه الله من ثقات أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وخواصِّه وعاملهُ على (هيت)، رَوَى عَنْ أمير المؤمنين عليه السلام أحاديث كثيرة أشهرها دعاء كميل الّذي اشتُهر به، قتله الحجاج بن يوسف الثقفي لحُبه ووِلائه لأمير المؤمنين عليه السلام ، راجع: الإرشاد، الشيخ المُفيد، ج 1، ص 327.

الدعاء و…الخ”. أي أنّه يستغفر من أوّل الدعاء حتّى آخره، وهذه هي السمة الأساس في دعاء كميل5.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...