مواعظ شافية

الحكومة أو الدولة الّتي تحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى:﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾10 ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾11. ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾12

وقد تحقّقت الدولة والحكومة الإسلاميّة أيّام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة، ثمَّ اتّسعت إلى مكّة وإلى شبه الجزيرة العربية. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رأس هذه الدولة والحكومة وقد حكم بشريعة الله والقانون الإلهيّ المنزل، فهو الّذي لا ينطق عن الهوى، حكم بما ينسجم والتشريع الإلهي لا بما ينسجم مع هواه أو مشاعره أو عواطفه –وإن كنّا نعتقد بأنّ هواه ومشاعره وعواطفه كلّها لله تعالى وأنّه حصل على مرتبته العليا في القرب من الله سبحانه بحيث إنّه لا يمكن أن يفكّر بشيء يخالف الرضا الإلهيّ- كما يحصل في أيّامنا هذه، عند من يضعون القوانين بحيث يجيّرونها لمصالحهم ويبدّلون فيها بحسب أهوائهم وأمزجتهم.

يقول سبحانه:﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾13. فالنبيّ أو المعصوم أو من ينوب عنهما -حيث لا بدّ للناس من أمير- هو الحاكم والكتاب شرعة الله تعالى لكي يكون القسط ويسود العدل بين الناس، فمنافع الحكم بالشريعة الإلهيّة تعود لعامّة الناس لا لمصالح فئويّة وشخصيّة كما يحصل عندما يضع بعض البشر الأنظمة والقوانين.

ومن يتأمّل في طريقة الإسلام في معالجة المشاكل الّتي يتعرّض لها الإنسان والمجتمع في هذه الحياة يجد أنّ الإسلام ينشد الغرض من خلق الإنسان وهو إيصاله عن اختيار إلى الكمال المعنويّ والفوز برضا الله عزّ وجلّ والقرب منه، وذلك لا

________________________________________
10- سورة المائدة، الآية: 44.
11- سورة المائدة، الآية: 45.
12- سورة المائدة، الآية: 47.
13- سورة الحديد، الآية: 25.

شاهد أيضاً

مواعظ شافية

قالوا إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّاً بأبيه، وإنّه اشترى بيعا، فجاؤوا إلى أبيه ...