مواعظ شافية

 أنَّ الله وجد في الوقائع واللغة، أخفّ من كلمة ﴿أُفٍّ﴾ لاستخدمها في الآية.﴿ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا﴾24: لا ترفع صوتك فوق صوتهما. لا تنظر إليهما نظر ماقت؛ ففي الحديث عن الصادق عليه السلام: “من نظر إلى أبويه نظرة ماقت لهما وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة”25.

 

2ـ إطاعتهما وعدم معصيتهما في شيء إلا إذا كان تركاً لواجب أو فعلاً لحرام؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولو كان هذا المخلوق أمّاً أو أباً. أمّا موضوع الجهاد وهذا موضوع كبير وخطير فالجهاد الواجب لا يحتاج إلى إذن الوالدين، ومع ذلك فللوالدين مكانة عظيمة عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد ورد أنّه قد جاء أحدهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: إنّي رجل شابٌ نشيط وأحبّ الجهاد ولي والدةٌ تكره ذلك. فماذا أفعل، يا رسول الله؟
فأجابه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: “ارجع فكن مع والدتك، فوالّذي بعثني بالحقِّ، لأنسُها بك ليلةً خير من جهادك في سبيل الله سنة”26.
طبعاً هذا بالنسبة للجهاد المستحبّ، ولا يتعلّق بالجهاد الواجب عيناً.

 

3ـ الشكر والدعاء والاستغفار لهما.

 

4ـ احترامهما والإحسان إليهما: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾27, كتقبيل يَدَيهما إذ هي من العادات الطيّبة. روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: “إيّاك وعقوق الوالدين، فإنّ ريح الجنّة توجد من مسيرة ألف عام”28. لكنّ العاقّ لوالديه لا يشمّ هذه الريح الطيّبة، فهو بعيد عن الجنّة مسيرة ألف عام.

 

يقول الحديث الشريف: “برُّوا آباءكم يبرُّكم أبناؤكم”29.

 

24- سورة الإسراء، الآية: 23.

25- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 21، ص 501.

26- الكافي، الكليني، ج 2، ص 163.

27- سورة البقرة، الآية: 83.

28- الكافي، الكليني، ج 22.

29- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص 364.

 

للمطالعة

 

قصّة بقرة بني إسرائيل

 

في تفسير العياشي: عن البزنطي قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: “إنّ رجلاً من بني إسرائيل قتل قرابة له ثمّ أخذه وطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل ثمّ جاء يطلب بدمه فقالوا لموسى إنّ سبط آل فلان قتلوا فلاناً فأخبرنا من قتله قال: إيتوني ببقرة ﴿قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾30 ولو أنّهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم، ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ﴾31 يعني لا صغيرة ولا كبيرة، ولو أنّهم عمدوا إلى أيّ بقرة أجزأتهم ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾32 ولو أنّهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ* قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾33

 

فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل، فقال: لا أبيع إلا بملء مسك34 ذهباً فجاؤوا إلى موسى عليه السلام ، وقالوا له ذلك، فقال اشتروها فاشتروها، وجاؤوا بها فأمر بذبحها ثمّ أمر أن يضربوا الميت بذنبها، فلمّا فعلوا ذلك حيي المقتول، وقال: يا رسول الله إنّ ابن عمّي قتلني دون من يدّعي عليه قتلي، فعلموا بذلك قاتله فقال لرسول الله موسى بعض أصحابه: إنّ هذه البقرة لها نبأ، فقال موسى: ما هو؟

 

30- سورة البقرة، الآية: 67.

31- سورة البقرة، الآية: 68.

32- سورة البقرة، الآية: 69.

33- سورة البقرة، الآيتان: 70 71.

34- المسك: يعني الجلد، ومسك البقرة يعني جلدها.

 

شاهد أيضاً

مواعظ شافية

قالوا إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّاً بأبيه، وإنّه اشترى بيعا، فجاؤوا إلى أبيه ...