الرئيسية / الاسلام والحياة / على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

كانوا مع الإمام علي، تفصيلا، فإننا نكتفي بأن نورد ما قاله الدكتور طه حسين في كتابه ” علي وبنوه “: ” وأكبر الظن أن بعض رؤساء، من أصحاب علي، لم يكونوا يخلصون له نفوسهم ولا قلوبهم، ولم يكونوا ينصحون له، لأنهم كانوا أصحاب دنيا لا أصحاب دين، وكانوا يندمون، في دخائل أنفسهم، على تلك الأيام الهينة اللينة التي قضوها أيام عثمان ينعمون بالصلات والجوائز والاقطاع. ويجب أن نذكر، أيضا، أن عليا لم ينهض إلى الشام بأهل الكوفة وبمن تابعه من أهل الحجاز وحدهم، وإنما نهض كذلك بألوف من أهل البصرة، كان منهم من وفي له يوم الجمل وكان منهم من اعتزل الناس في ذلك اليوم أيضا، وكان منهم مع ذلك كثير من الذين انهزموا بعد مقتل طلحة والزبير ” (1).
لم يكن هؤلاء، إذا، من الشيعة ولا من العارفين بفضل آل بيت محمد عامة والإمام علي خاصة وإلا لما هددوا بقتله، أو تسليمه إلى ابن آكلة الأكباد كما أسلفنا. ولسنا نجد ما يصف هؤلاء أبلغ من كلمات الإمام (عليه السلام) مخاطبا إياهم: ” أما والذي نفسي بيده ليظهرن هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنهم أولى بالحق منكم، ولكن لا سراعهم إلى باطل صاحبهم، وإبطائكم عن حقي، ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها، وأصبحت أخاف ظلم رعيتي. استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا ودعوتكم سرا وجهرا فلم تستجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا، أشهود كغياب وعبيد كأرباب! اتلوا عليكم

(١) علي وبنوه – طه حسين ص ٨٠ – ٨١، طبع دار المعارف – مصر.
(٣٦
الحكم فتنفرون منها، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها، وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ. ترجعون إلى مجالسكم، وتتخادعون عن مواعظكم أقومكم غدوة وترجعون إلي عشية كظهر الحنية عجز المقوم وأعضل المقوم أيها القوم، الشاهدة أبدانهم الغائبة عنهم عقولهم، المختلفة أهواؤهم المبلى بهم أمراؤهم، صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه، وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه! لوددت والله إن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلا منهم ” (1).
وهكذا سارت أمور هذه الأمة المنكوبة، أمر الباطل يعلو وأمر الحق يهبط، اجتماع على الباطل والدنيا في معسكر الشام وتفرق عن الحق في المعسكر المقابل حتى بلغ الكتاب أجله، ففاض الكيل وطف الصاع، حتى قتل الإمام، (عليه السلام)، على يد أشقاها ابن ملجم المرادي. وهكذا غاب عن الحضور ولا نقول عن الوجود شمس هذه الأمة بعد رسولها.. الإمام علي، (عليه السلام) أول من أسلم وأول من صلى خلف رسول الله، (صلى الله عليه وآله وسلم)، وباب مدينة علم رسول الله، وهكذا صار المشروع الأموي، قاب قوسين أو أدنى من التحقق.

(١) شرح نهج البلاغة ج ٢، ص 183 دار الهدى الوطنية – بيروت.

شاهد أيضاً

علموا اولادكم الخط والنط وسبح الشط

العبارة: “علِّموا أولادكم الخطَّ والنطَّ وسبحَ الشط”، من المأثور الشعبي وليست حديثًا نبويًا، وغالبًا ما ...