الرئيسية / من / طرائف الحكم / آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

– شروط قبول العمل:
على الإنسان العمل؛ ومن الله قبول الأعمال، ولكن لا بدّ للإنسان من أن يحقّق شروط قبول العمل عند الله، فلا يُدخِل في العمل ما يكون سبباً لرفضه وردّه. وأهمّ شرط لقبول العمل: الإخلاص فيه:
روي عن رسول صلى الله عليه وآله وسلم: “إذا عَمِلْتَ عملاً؛ فاعمل لله خالصاً؛ لأنّه لا يقبل من عباده الأعمال، إلا ما كان خالصاً”11.
ومن شروط قبول الأعمال: أن يكون الإنسان من أهل التقوى؛ بأن يكون ممَّن يُحافظ على طاعة الله عزّ وجلّ على كلّ حال، وفي هذا نتذكّر قصّة ابني آدم؛ بما حكاه القرآن:﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾12.

6- الثبات في خطّ الطاعة:
من أشدّ ما يُبتلَى به الإنسان: أن يطيع الله في بعض الأوقات، ويعصيه في أوقات أخرى، أو أن يلجأ إلى الله عند الشدائد وينساه في الرخاء. ولذا، كان القليل من العمل مع المداومة عليه أفضل من الكثير مع الانقطاع:
روي عن الإمام الباقر عليه السلام: “ما من شيء أحبّ إلى الله عزّ وجلّ مِنْ عمل يداوم عليه، وإن قلّ”13.
وفائدة المداومة على العمل، ولو كان قليلاً؛ أن لا ينقطع الإنسان عن الله عزّ وجلّ:
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “أمّا المداومة على الخير؛ فيتشعب منه: ترك الفواحش، والبعد من الطيش، والتحرّج، واليقين، وحبّ النجاة، وطاعة الرحمن،
________________________________________
11- الطبرسي، مكارم الأخلاق، م.س، ص453.
12- المائدة: 27.
13- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب استواء العمل…، ح3، ص82.

وتعظيم البرهان، واجتناب الشيطان، والإجابة للعدل، وقول الحقّ؛ فهذا ما أصاب العاقل بمداومة الخير”14.
وكذلك الحال في الدعاء، وطلب الحاجة من الله؛ فإنّ الإنسان المُداوم على ذِكْر الله عزّ وجلّ يحقّق شروط الاستجابة عند الحاجة:
روي عن الإمام الصادق عليه السلام: “من تقدّم في الدعاء؛ استُجِيبَ له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: صوت معروف، ولم يُحجَب عن السماء، ومن لم يتقدَّم في الدعاء؛ لم يُستجَب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: إنّ ذا الصوت لا نعرفه”15.
ومن الشواهد على كون العمل الصادر من الإنسان بنحو واحد ومتشابه: أن لا يختلف عمله في السرّ عن عمله في العلانية؛ فلا يكون في مرأى الناس أقرب إلى الله منه في الخلوات، أو أشدّ اجتهاداً في العبادة:
روي عن الإمام علي عليه السلام: “من لم يختلف سرّه وعلانيّته، وفعله ومقالته؛ فقد أدّى الأمانة، وأخلص العبادة”16.
________________________________________
14- الحرّاني، تحف العقول، م.س، ص17-18.
15- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الدعاء، باب التقدّم بالدعاء، ح1، ص472.
16- الشريف الرضي، نهج البلاغة، م.س، ج3، الكتاب26، ص26.

وقفة تأملية
التفكّر في آثار ذِكر الله تعالى:

ركّز القرآن الكريم على إدامة حالة الذكر بقسميها اللساني والقلبي في كثير من آياته الكريمة؛ لما لها من آثار وبركات في عروج الإنسان نحو الكمال وقربه من الله تعالى:

قال تعالى: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾17.

وقال تعالى:﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾18.

وقال تعالى: ﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾19.

وقال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾20.

والحال: أنّ ذكر المحبوب من أعظم علامات المحبّة؛ لأنّ مقتضى المحبّة أن يبقى المحبوب حاضراً على لسان المحبّ وفي قلبه؛ على كلّ حال. وكلّما تعمّقت هذه الحالة الذِكريّة في نفس الإنسان تجاه الله تعالى؛ كلّما ازداد حضور الله تعالى في قلبه، وازداد بالتالي انقطاعه عمّن سواه تعالى، إلى أن يصل الإنسان إلى مرحلة لا يشاهد فيها غير الله تعالى.
________________________________________
17- الأحزاب: 41-42.
18- طه: 14.
19- الزمر: 22.
20- الزمر: 23.

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...