الرئيسية / من / طرائف الحكم / آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

– محبّة لقاء الله تعالى:
إنّ الإنسان بعد المسارعة والمسابقة يصبح في مقام المقرّبين: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾21؛ وكلّ ذلك ينبع من الشوق إلى مقام القرب الإلهي.
ومقام القرب هو من المقامات المعنوية الراقية المُتَاحة لهذا الإنسان في هذه الدنيا:
روي: “أنّ عيسى عليه السلام مرّ بثلاثة نفر؛ قد نحلت أبدانهم، وتغيّرت ألوانهم، فقال لهم: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ فقالوا: الخوف من النار، فقال: حقّ على الله أن يؤمن الخائف. ثمّ جاوزهم إلى ثلاثة آخرين؛ فإذا هم أشدّ نحولاً وتغيّراً، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ قالوا: الشوق إلى الجنّة، فقال: حقّ على الله أن يعطيكم ما ترجون. ثمّ جاوزهم إلى ثلاثة آخرين؛ فإذا هم أشدّ نحولاً وتغيّراً؛ كأنّ على وجوههم المرايا من النور، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ فقالوا: نحبّ الله عزّ وجلّ، فقال: أنتم المقرّبون، ثلاثاً”22.
________________________________________
19- ابن بابويه، الخصال، م.س، حديث أربعمائة، ص620.
20- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب تعجيل فعل الخير، ح1، ص142.
21- الواقعة: 10-11.
22- الشريف الرضي: نهج البلاغة، شرح ابن أبي الحديد المعتزلي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، لاط، لام، مؤسّسة اسماعيليان، لات، ج10، الخطبة186، ص156.

ومن هنا، تختلف النظرة إلى الموت؛ بين من يُحبّ لقاء الله، ومن يبغضه، فالمحبُ لا يبالي بالموت، بل يشتاق إليه. وترتبط حالة الشوق للقاء الله عزّ وجلّ بدرجة اليقين لدى الإنسان؛ فكلّما زاد يقين الإنسان؛ زاد شوقه إلى لقاء الله؛ فعن الإمام علي عليه السلام: “الشوق شيمة الموقنين”23.
وأصحاب اليقين هؤلاء لا يتحمّلون الانتظار. ولذا، ورد وصفهم في كلام أمير المؤمنين عليه السلام: “لولا الآجال التي كتب الله لهم؛ لم تستقرّ أرواحهم في أجسادهم طرفة عين؛ شوقاً إلى لقاء الله والثواب، وخوفاً من العقاب”24.

5- الخوف مخافة الموقنين:
كلّما ازداد الإنسان معرفة ويقيناً؛ ازداد إيماناً وعملاً وتسليماً.
والخوف الذي يعيشه أصحاب اليقين هو من أرقى درجات الخوف؛ فعن الإمام الصادق عليه السلام: “إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلّى بالناس الصبح، فنظر إلى شاب في المسجد؛ وهو يخفق ويهوي برأسه؛ مصفرّاً لونه، قد نحف جسمه، وغارت عيناه في رأسه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف أصبحت يا فلان؟ قال: أصبحت يا رسول الله موقناً، فعجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قوله، وقال: إنّ لكل يقين حقيقة، فما حقيقة يقينك؟ فقال: إنّ يقيني يا رسول الله هو الذي أحزنني، وأسهر ليلي، وأظمأ هواجري، فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها، حتى كأنّي أنظر إلى عرش ربّي وقد نُصِبَ للحساب، وحشر الخلائق لذلك؛ وأنا فيهم… فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: هذا عبد نوَّر الله قلبه بالإيمان. ثمّ قال له: الزم ما أنت عليه. فقال الشاب: ادع الله لي يا رسول الله أن أُرزَق الشهادة معك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فاستشهد بعد تسعة نفر؛ وكان هو العاشر”25.
________________________________________
23- الواسطي الليثي، عيون الحكم والمواعظ، م.س، ص32.
24- الشريف الرضي، نهج البلاغة، م.س، ج2، الخطبة193، ص161.
25- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب حقيقة الإيمان واليقين، ح2، ص53.

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...